سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
2/2 انفراد. عادل بنحمزة "نحن بحاجة إلى أمين عام قادر على مواجهة العدالة والتنمية وشباط هو المؤهل لذلك" "بنكيران منخرط بسعادة في تمرير قرارات جهات لها مصالح معقدة"
تقول إن الأمين العام المقبل لحزب الاستقلال ينبغي أن يكون قويا وشجاعا. ما الذي يجب أن يواجهه؟ المشهد السياسي اليوم في المغرب يتضمن العديد من المستجدات والمتغيرات. نحن اليوم أمام ظاهرة عبد الإله بنكيران، وأمام قوة العدالة والتنمية ووجود الحزب الأغلبي في لحظة كمون. يجب أن يكون لدينا أمين عام قوي قادر على مواجهة هذه المعطيات الجديدة. أمين عام تكون له الجرأة والتجربة الكافية في التسيير والمواجهة السياسية والاعلامية، فالكثير من المعارك والمواقف يتم صناعتها وإستثمارها بواسطة الإعلام بمختلف أنواعه. هذه مواصفات متوفرة بامتياز في حميد شباط، بالتأكيد ليست بصورة مثالية، لكنها قابلة للتحسين بجهد بسيط عبر عمل فريق منسجم. أما عند غيره يصبح الأمر أشبه بالمستحيل. ثم إننا نريد أمينا عاما يرتكز على صناديق الاقتراع وعلى شرعية الانتخاب، حتى عندما نتحدث للرأي العام عن شرعية الانتخابات يكون القول مطابقا للفعل والممارسة. تنوون مواجهة العدالة والتنمية رغم أنه حليفكم في الحكومة الحالية وكان قبل ذلك حليفكم في مواجهة حزب الأصالة والمعاصرة؟ نحن نريد مواجهة التحديات التي تعرفها البلاد والصعوبات التي تجعل المواطن على هامش جني ثمار التنمية وصناعة الثروات التي تتم يوميا في بلادنا، وأن لا يتحول المواطن إلى حائط قصير يتحمل وحده تكاليف الأزمة الاقتصادية، في وقت كان هو على هامش الأرباح الخيالية التي كان يحققها البعض مؤسسات وأفرادا. ثم أنه لا يمكن أن تبقى البلاد رهينة في يد قوة حزبية واحدة سواء حزب العدالة والتنمية أو الأصالة والمعاصرة كما كان يمثل مشروع الحزب الأغلبي. هذا ليس في مصلحة المغرب. الاتحاد الاشتراكي اليوم في وضع لا يحسد عليه لأسباب من بينها، تحديدا، أنه لم يحسن في رأيي تدبير اللحظة التي نحاول اليوم تدبيرها في حزب الاستقلال، أي لحظة اختيار أمينه العام. إضافة إلى أنه أدى ثمن التماهي مع سياسات عمومية لم تكن تعكس هويته الحقيقية...أحزاب الإدارة أبانت عن ضعف كبير بنيوي كما هو معهود فيها والتاريخ يؤكد على كل حال أنه لا يمكن أن يعول عليها بصفة مطلقة. لذلك يجب أن يكون حزب الاستقلال قويا، ولا يترك الساحة لحزب قوي واحد هو العدالة والتنمية، لأن هذا أيضا خطر على الديمقراطية. إذا خرج حزب الاستقلال من هذا المؤتمر بقيادة ضعيفة فستخلو الساحة تماما للعدالة والتنمية أو لعودة مشروع الحزب الأغلبي، علما أن العدالة والتنمية توسع على حساب قاعدتنا الانتخابية، وبجزء كبير من جهازنا المفاهيمي والفكري، واستطاع أن يتكيف مع المتغيرات الجديدة، وهذا هو سر نجاحه، فليست هناك وصفة خارقة. نحن نمثل الإسلام المعتدل والوسطية والاختيارات التعادلية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، لكننا نفتقد إلى آلية لصياغة المواقف الضرورية في المرحلة وفقا لهذه الخلفية الفكرية والسياسية. فكثير من القضايا اعتمدنا فيها سياسة اللاموقف أو إدمان إنتظارية قاتلة، جعلت خطاب العدالة والتنمية أقوى وأكثر نفاذا للقاعدة الناخبة. نحن واجهنا البام أكثر من العدالة والتنمية لكن من استثمر ذلك أفضل استطاع أن يصنع الفارق الذي يعرفه الجميع. هذا الوضع ليس نهائيا، ولذلك نخوض اليوم هذه المعركة حتى لا يأتي يوم يحاسبنا الاستقلاليون بجريمة الصمت... الحزب الأغلبي كما تسميه، يوجد اليوم في المعارضة، أما حزب العدالة والتنمية فيشارككم في تسيير الحكومة. ما الذي تغير منذ لحظة تحالفكم معه حتى يصبح اليوم خصما تنوون مواجهة مشروعه؟ لا أقول أن العدالة والتنمية اليوم هو خصم لحزب الاستقلال. ما أريد قوله هو أن التجربة أظهرت أن هناك تناقضات كثيرة بيننا وبين العدالة والتنمية، ولدينا ملاحظات على تدبيرهم للحكومة. من الأخطاء التي ارتكبها عباس الفاسي الفهري، ويؤدي ثمنها اليوم الحزب، تشكيلة فريقنا الوزاري – مع كامل الاحترام للإخوة الوزراء – إلا أنني لا أرى مطلقا أي وجود لحزب الاستقلال في المشهد الحكومي اليوم باستثناء عبد الصمد قيوح. أما نزار بركة فقد قبل هيكل وزارة المالية أما اختصاصاتها الفعلية والمتعلقة بالميزانية فهي عند العدالة والتنمية من خلال السيد الأزمي. بينما يملأ وزراء العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية الساحة بحضورهم، فريقنا الحكومي كان غائبا عن جميع المعارك السياسية التي عاشتها بلادنا في الستة أشهر الأخيرة. هذا الأمر لا يتعلق بالكفاءة السياسية للوزراء فقط، بل بطبيعة القطاعات التي يسيرونها والتي هي من محض اختيار عباس الفاسي الفهري، لأنه لم يلتزم بالقطاعات التي منحناه تفويضا مقيدا للتفاوض حولها. هكذا يوجد الحزب الثاني في البلاد على هامش ما يجري من سجال سياسي في قضايا كبرى، ونحاول بجهودنا الخاصة أن نصيغ فيها مواقف لسد الفراغ. ما هي ملاحظاتكم على العدالة والتنمية؟ أولا، لسنا متفقين على جميع قرارات الحكومة، لكن مع الأسف الشديد ليست هناك قيادة قوية في حزب الاستقلال قادرة على التعبير عن مواقفنا بخصوص تلك القرارات، سواء بتنبيه رئيس الحكومة والمكاشفة معه، أو الانسحاب من الحكومة إن اقتضى الأمر ذلك، فنحن في تحالف حكومي، وكل استبداد بالرأي داخل الحكومة هو أمر مرفوض سياسيا. هذا الأمر يجب أن يفهمه رئيس الحكومة بصورة جيدة . ثانيا، وزراء العدالة والتنمية يبنون خطابهم السياسي على هدم ما أنجزناه في الحكومات السابقة بصورة غير أخلاقية وبانتهازية سياسية مرفوضة، بحيث لا يمكن الاستمرار في هذا المسار لأنه بمثابة انتحار لحزب الاستقلال. ثالثا، ليست هناك لدى وزراء العدالة والتنمية ورئيس الحكومة تحديدا، ثقافة المشاركة في اتخاذ القرار. بل إنهم يتعاملون وكأنهم في حكومة لحزب العدالة والتنمية وليس حكومة إئتلافية، ويطبقون أجندتهم الحزبية الخاصة من خلال مواقعهم الحكومية. حتى أن بنكيران نسي نفسه ثلاث مرات وتحدث أمام البرلمانيين عن برنامج العدالة والتنمية بينما كان يقصد برنامج الحكومة! رابعا، هناك عملية سطو على الإنجازات التي قامت بها الحكومة التي قادها الأمين العام لحزب الاستقلال من طرف وزراء العدالة والتنمية ونسبها إلى أنفسهم. حدث هذا مع كشف لوائح رخص النقل الطرقي، في حين الحقيقة تقول أن كريم غلاب هو من هيئها وفق رؤية كان الهدف منه الخروج من منطق الرخص إلى منطق دفتر التحملات والمنافسة وأعد مشروع قانون في هذا الاتجاه وضع في الأمانة العامة للحكومة. كان الهدف هو الإصلاح الحقيقي لواقع الريع بدل الاكتفاء بإجراء فرجوي، يعرف الجميع اليوم أنه غير مرفوق بإجراءات ملموسة بل سقط في عملية مجانية للتشهير بالناس. نفس الشيء يقال عن صندوق التكافل العائلي، والزيادة في المعاشات، ومشروع "راميد" وغير ذلك. هذه كلها إنجازات للحكومة التي قادها حزبنا، لم نتمكن من جني ثمارها لأن تلك الحكومة لم تكمل ولايتها، بعد أن جرت انتخابات سابقة لأوانها، كنا نحن أول حزب دعا إليها، وكذلك لأننا فشل في لعبة التواصل وافتقدنا الشجاعة السياسية . خامسا، لا يمكن الاستمرار في جو التخويف المستمر الذي يحاول العدالة والتنمية فرضه على الجميع. هذا الحزب لم يصل إلى الحكومة بعد ثورة أسقطت النظام، وإنما نتيجة توافق سياسي وانتخابات في ظل نفس النظام. لذلك لا نستسيغ أن يسقط علينا بنكيران ما حدث في مصر وتونس وليبيا. سادسا، لا يمكننا أن نصمت على محاولة أكل الثوم باسم الحكومة الحالية. هناك جهات مختلفة داخل الدولة لها مصالح معقدة تعمل على تمرير قرارات في لبوس سياسي عن طريق عبد الإله بنكيران، وهو مع الأسف منخرط في هذه اللعبة بسعادة بالغة... مثلا؟ الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات. هل يعقل أن تمتلك الحكومة الشجاعة السياسية عندما يتعلق الأمر بجيوب المواطنين، وتفتقدها حينما يتعلق الأمر بمؤسسات اقتصادية كبيرة تستهلك أضعافا مضاعفة مما يستهلكه المواطنون من المحروقات المدعمة؟ مواجهة العدالة والتنمية التي تنوون خوضها بأمين عام شجاع وقوي هو حميد شباط كما تقول، ستضعكم موضوعيا بجانب حزب الأصالة والمعاصرة الذي ما فتئتم تصفونه بالحزب الأغلبي؟ هناك فرق بين الأمرين. لا تنسى أن البام واجهنا معا نحن والعدالة والتنمية، فبينما كنا نحن نقود الأغلبية كانت العدالة والتنمية في المعارضة، فالمسألة لا تتعلق بالموقف السياسي بل بالمشروع السياسي ككل. عندما تكون لدينا ملاحظات على العدالة والتنمية وننوي مواجهته بخصوصها، فذلك لا يعني بالضرورة أنه لم تعد لدينا ملاحظات على الحزب الأغلبي أو أننا ننوي التحالف معه ضد العدالة والتنمية. نحن نبلور موقفنا السياسي مراعاة للمستجدات التي تتميز بها كل لحظة، وإذا أصبح البام حزبا عاديا لا يستغل وسائل الدولة فسنقبل التعايش معه ومنافسته بشكل طبيعي. شباط تحدث عن مواجهة خطر التطرف الأصولي أو تطرف العسكر. هل هذا ما تقصده؟ تماما. نحن ما نزال في مرحلة استنبات الديمقراطية، والدستور الجديد لدينا عليه ملاحظات كثيرة. نعتبر أن أي انحراف يمكن أن يؤدي بالبلاد نحو التطرف الديني أو تطرف العسكر، كما وصفه شباط. لذلك يجب أن يكون حزبنا قويا بأمين عام قوي في مستوى المرحلة، وهذا سيكون مكسبا للبلاد وللاستقرار. هل نفهم من ذلك أن عبد الواحد الفاسي الفهري وأنصاره لا يشاطرونكم هذا التحليل ولا ينوون مواجهة العدالة والتنمية؟ أنا أقول أن هذا تحليلنا نحن وقناعتنا أن شباط هو الذي تتوفر فيه مواصفات أمين عام قادر على تحمل مسؤولية المرحلة المقبلة. أما الجهة الأخرى فلها تقييمها، وصناديق الاقتراع ستكون الفيصل بيننا. أما بالنسبة للعدالة والتنمية فإننا ضد منطق الهيمنة، وتصوير أنفسهم على أنهم كائنات خرافية جاءت لتنقد البلاد. نحن نعتبر أن بلادنا مدينة لكل التيارات السياسية التي واجهت الإستبداد والحكم المطلق ومشاريع التحكم في الحقل السياسي والحزبي ، وقدمت شهداء وسجناء رأي. بالتالي على كل تيار سياسي يوجد في موقع المسؤولية، أن تكون له فضيلة الاعتراف بهذا الواقع، وأن يتحلى بالكثير من التواضع، والأهم من كل ذلك أن يمتلك الشجاعة السياسية للقيام بنقد ذاتي عن الخطابات والمطالب التي كان يرفعها زمن المعارضة، وغير اليوم وجهتها عند تحمل رئاسة الحكومة. هذه أمور يجب أن يطلع عليها الشعب ليستطيع وضع تقييم فعلي للفاعلين السياسيين . لا شك أن تحليلكم هذا قد يدفع البعض للتفكير في أنكم تلتقون موضوعيا مع فؤاد عالي الهمة، الذي يتهمه الإسلاميون تلميحا، بالتشويش على حكومتهم؟ لا نحتاج إلى التذكير بالمواجهة القوية التي واجهنا بها الحزب الأغلبي حينما كان فؤاد عالي الهمة من ضمن قيادييه. اليوم هو مستشار لجلالة الملك، وموقعه لا يسمح له بالتدخل في الحياة الحزبية ونحن نؤمن بهذا الوضع الخاص. كما أنني أعتقد أن الدولة أصبحت مقتنعة اليوم أن التدخل في الأحزاب يضعف الأحزاب والدولة، وأن من مصلحة البلاد أن يكون حزبنا قويا والعدالة والتنمية قويا والاتحاد الاشتراكي قويا والأصالة والمعاصرة قويا، لأننا جميعا لم نستطع إقناع سوى 48 بالمائة من الناخبين. من جهة أخرى علينا أن نمتلك القدرة على تحليل ما جرى في بلدان الربيع، فمن بين الأسباب التي أدت إلى إنهيار عدد من الأنظمة ، هو غياب أحزاب قوية قادرة على تنبيه الحاكم، وهو ما جعل الشارع في تلك البلدان هو منصة الخطابة ورفع المطالب والاحتجاج، وتحولت النخب والأحزاب إلى مجرد أشباح يرفضها المجتمع، وهذا ما جعل الانهيار سريعا في النهاية. إن الاستثناء المغربي هو الحفاظ على مجال سياسي حيوي ومنافسة شريفة بين الأحزاب.