بعض الجرائد خرجت شبعانة من لقاء العشاء الذي نظمه على شرفها وزير الاتصال، ولأنها أكلت مما لذ وطاب، فقد كتبت وبمجرد خروجها من المأدبة أن مصطفى الخلفي رجل ذكي ومتمكن من ملفاته. كأن وزير الاتصال كان متخوفا ولذلك ضيق من قائمة المدعوين لئلا يقول أحد عنه إنه غبي.
من العيب في نظري أن نكتب عن وزير أنه غبي ولا يفهم وغير متمكن، كما أنه من المخجل أن نقول عنه إنه ذكي وعبقري وفريد زمانه، فالصحافة التي تشتم وتسب ليست إلا قمامة، والصحافة التي تفرط في المديح والإطراء، لا تحترم قارءها وتدل على أن الصحافي الذي كتب ما كتب مأجور وينتظر مقابلا على مقاله.
لكن يبدو أن الخلفي يحب فقط من يعدد محاسنه ومن يقول إنه قام بثورة، وأن ينتفش ريشه مثل طاووس، ولذلك لم يتكرم بتوجيه دعوته إلى "الشروق" ومنابر أخرى، ربما كان يظن أنها ستكتب أنه غبي.
على العكس، نحن نتمنى أن ينجح الخلفي، ولن نقول عنه كلاما جارحا، رغم أني غير متفائل، فوزير الاتصال كانت له تجربة فاشلة في التسيير الإعلامي في جريدة التجديد، التي لم تكن يوما مهنية ولا مغرية بأن يتصفحها القراء، ومن عجز عن إنجاح مشروع صغير، من الصعب أن نتخيله قادرا على تدبير قطاع بحجم الإعلام العمومي، إلا إذا كان برنامجه ومشروعه هو صنع نسخة تلفزيونية من الصحيفة الإسلاموية التي كان مسؤولا عن إدارتها.
وإذا كانت هذه علامة الذكاء والتمكن التي اكتشفها بعض زملائنا في الوزير، فأنا أؤكد أنه فعلا نابغة هذا العصر، بإصراره على العودة بنا إلى سنوات الرصاص، حين كانت التلفزة تقطع برامجها وأفلامها من أجل نشاط رسمي يستمر لساعات أو لبث أذان الصلاة، وهذا هو الشيء الوحيد الذي قام به ووجد من يصفق له ويعتبره ثورة غير مسبوقة، بالسعي إلى إعلام منغلق يعاني من حساسية مفرطة تجاه التعدد المغربي وتجاه كل ما يرمز إلى الحداثة، مع التركيز على هوية ضيقة وذات بعد واحد، يسعى الإسلاميون إلى فرضها علينا جميعا.