الاثنين: يستيقظ بوتين من نومه متأخرا «حتى يصل القتيل المائة»، يقول في نفسه. ثم يحمل السماعة إلى الجنرال المرابض في السفارة. دعوا القتيل يرتبك قليلا، دعوه يجرب دمه على الطريق، وانسوه قليلا مع حشرجته واسمعوا الصدى في الضحية الأخرى بجواره. روسيا مقلوبة هي سوريا، ولابد من قلب المعادلة: الرئيس الوريث على حق والقتيل الطاريء اليوم، بعد ثلاثين عاما من الصمت خاطيء في الحرية. الثلاثاء
يغلق جين تاو النافذة، ويتأمل وجهه في الزجاج. قد تكون سوريا مليئة بالبشر مثل الصين، وقد تسمى ساحة المتنبي تيان ان مين. تزورنا المقبرة أحيانا وتعود البلاد إلى صمتها. وتعود، أيضا، كل ضحية إلى رقم في الخارطة: الثلاثون قتيلا لن يغيروا الجغرافيا، ولن تدخل أمريكا مع أرواح الهاربين من الدبابات في دمشق العتيقة. «نسيت أن أحدث الرئيس»، يقول في نفسه، ثم يثابر قبل النوم «ربما أزوره في المنام وأنصحه بالمجزرة». الأربعاء..
الثالثة زوالا، ينزل الأصيل على المأذنة، مثل الرصاص، وتصهل في البعيد خيول العدم. تقول الأم لابنها، نم طويلا حتى تمر المذبحة، يقول الطفل لأمه: «نامي حتى تستريح المناحة» وفي السابعة يقول الجيران، ها هنا كان بيت، وكانت أم تلعب مع ابنها غميضة لم تنطل على المجنزرات.. الخميس..
عم قليل ستقفل البلاد ألفها السادسة من الموتى.. وستخف كل الجثث لكي تتناثر مع شظايا الرصاص. وسيصبح قلب الأمهات ثقيلا، مثل دمعة في خدود السماء. ثقيلة كأوتاد تشد الأرض بها أرض الأبناء وأحلامهم: ليتهم كانوا مقلين في الموت، لكانت الحرية بهم أجمل، لكن الأم لا تغار من الحرية.. والرئيس في بيته يقرأ الخطب على وجهه في المرآة، كما يحب المرأة وقد وارها الدم. الجمعة
هذا الموعد يكاد يكون قدريا مع الموت. هذا الموعد لا تخطئه ملائكة الموت ولا الطائرات ولا فيالق الجيش. الكل يعرف مكانه بالضبط: من يدخل القبر، ومن يبقى مرميا إلى حين يصل الإسعاف بين موت وآخر، وبين من يكذب في الشاشات ويطعم أهله بالرصاص. وحيدا كان البلد يقيم صلاته بعيدا عن حسابات المنطقة. وحيدا وداميا يجلس القرفصاء كمن يتوضأ، لكنه كان يتأمل وجهه في نرجس القتلى من يشبهنا غيرهم ؟ ويرتفع قليلا مثل تل من السحاب أو من بخار. السبت
انظر يوم الجمعة على الصليب! الأحد..
ما حاجة الشعراء إلى الليمون لكي يصفوا موتهم؟ وما حاجة البلاد إلى الموت لكي يكبر ليمونها. هي دمشق تنسى أنها كانت ساحة للسرور، وبلادا للشعوب المضاءة بالوحي وبالخيزران! وبين أبراج الحظ كلها، اخترت لها الثور الذي يطحنها بين الكلمات وبين أساليب الديبلوماسية. لست الوحيد الذي تذر عليك كل هذا الحداد. لست الوحيد، بعد القتيل الألف نصير دوما شعبا ولو في مقبرة.. 2/15/2012