العدل والإحسان في الإضراب. وفي الاحتجاج. وفي النار. وفي الأساتذة. وفي التنسيقيات. وفي المقاطعة. وفي دعم فلسطين. وفي العدالة والتنمية. وفي النهج. وفي الرأس. وفي الإسفلت. وفي السوق. وفي الطريق. العدل والإحسان هذه جعلنا منها كائنا يمتلك القدرة على أن يكون في كل مكان. وفي كل شيء. وفي فاتورة الكهرباء. وفي الجفاف. وفي شح الماء. وفي البرد. وفي السقف. وفي السطح. وفي الساحة. ومهما حاولت العدل والإحسان أن تنفي. وتكون طبيعية. وعادية. وتنظيما سياسيا. وحزبا. فنحن نكتشفها في طلبة الطب. وفي الصيادلة. وفي المريض. و كل من سولت له نفسه أن يطالب بشيء ما. أو يحتج على شيء ما. ننظر إليه. ونكتشف أن بداخله توجد العدل والإحسان. حتى اضطر طالب أن ينطق بكلمة بذيئة حتى ينفي عنه تهمة العدل والإحسان. و أي مغربي. ففيه عدل وإحسان كامنة. وبمجرد أن يقول لا. وبمجرد أن يطالب بزيادة. وبحق من حقوقه. يتم تشخيص العدل والإحسان فيه. وتظهر واضحة للصحافة. وللوزراء. وللحكومة. و للمحلل السياسي. وأي مغربي. ومادام صامتا. منزويا. مستسلما. فهو خال من العدل والإحسان. وفي أي لحظة قد تخرج منه. وبسبب انفعال. أو غضب. أو شجار. أو شعور بالظلم. أو اعتداء تعرّض له. تبرز العدل والإحسان التي كان يخفيها. فكل واحد فينا فيه عدل وإحسان خاصته. فتنفجر فيه حين يجد نفسه في مستشفى عمومي. مريضا. بلا علاج. و منا من تخرج منه العدل والإحسان في العشر الأواخر في كل شهر. ومنا من تخرج منه حين يتم اقتطاع أقساط البنك منه. أو حين ينظر إلى تطبيق حسابه فيجده فارغا. وحتى لو كنتَ كافرا. وحتى لو كنت وهابيا. فلا تطمئن. ولا تقلْ أنا خال من العدل والإحسان. أنا بعيد عنها. ونقيض لها. فهي في الملحد. وفي المؤمن. وفي المقيم. وفي المهاجر. وفي التلميذ. وفي الرجل. وفي المرأة. وفي شهر رمضان. وفي الليل. وفي النهار. وفي الأحلام. وحتى لو قررت العدل و الإحسان أن تحل نفسها. وتنسحب. وتكفر بالعدل والإحسان. فإننا سنرفض ذلك. فهي ضرورية لنا. ومفيدة. ونحتاج دائما إلى استعمالها. وتوظيفها. وما يزيدها روعة. أنها لا تنفي. ولا تقول إنها ليست في الطالب. ولا في الأستاذ. ولا في الوقفة. ولا في الإضراب. ولا تحرج من يتهمها. ولا تنشر تكذيبا. ولا تهتم. لكنها موجودة. وفي العثرة. وفي الحفرة. وفي السقوط. وفي الفخ. وفي الأيام القادمة. وفي الفشل. وفي الإخفاق. هناك العدل والإحسان. التي لم تتوقف منذ عقود عن إسداء هذه الخدمة. دون أن تشتكي. ودون أن تصرخ. ودون أن تضحك. ودون أن يكون لها أي رد فعل. ودون أن ننتبه أننا أكثرنا. وبالغنا. وأن العدل والإحسان لم تعد صالحة لهذا الاستعمال. ولهذا التوظيف. وأن الأمر لم يعد مقبولا. وصار مسيئا لنا. ولذكائنا. كمغاربة. وكإعلام. وكسلطة. كأن لا أحد من حقه في هذا البلد أن يحتج. ويطالب بحقوقه. ويعارض. ومن يفعل ذلك. ففيه العدل والإحسان. وهي التي تحركه. وهي التي تقف خلفه.