تفوق إذن حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2 نونبر ، لكن ما هي الأسباب التي دفعت بهذا الأحزاب الإسلامي إلى المقدمة، وهل استفاد من الربيع العربيأم من التصويت العقابي، أم من الحراك الذي أحدثته حركة 20 فبراير؟ ، يمكن أن نوجز أسباب تفوق حزب العدالة والتنمية في اللاتي: أولا: نسبة المشاركة المتدنية حسب البعض والمتوسطة حسب البعض الآخر، فحزب العدالة والتنمية، وعلى غرار الأحزاب ذات العقيدة السياسية، منذ مشاركته في أول انتخابات عام 1997 يتوفر على قاعدة انتخابية صلبة لا تتأثر كثيرا بالأحداث والمتغيرات، حيث كان معدل الأصوات التي يتحصل عليه خلال الاستحقاقات السابقة هو 500 ألف صوت، وبالتالي فإن هذه النسبة زادت اليوم ولم تتضاءل ، فحتى لو كانت المشاركة ضعيفة فإن قاعدة الحزب الانتخابية ستمنحه أصواتها، وهو الأمر الذي تفتقد إليه الأحزاب المنافسة التي تعتمد على الأعيان وعلى الرأي العام متغير المزاج السياسي.
ثانيا: لقد استفاد حزب العدالة والتنمية من موجة الربيع العربي، حيث لم نلاحظ عداء يذكر للسلطة له ولم نشهد كذلك أي مضايقات سياسية له من طرف الإدارة الترابية، بل بلعكس تم منحه ، كما باقي الأحزاب، جميع الإمكانات المادية والإعلامية ، يكفي أن نعرف أن إحصائيات الهيئة العليا للسمعي البصري ذكرت أن حزب العدالة والتنمية هو الذي تصدر المشهد الإعلامي سواء كان إعلاما حكوميا أو مستقلا، وكان هذا بسبب تأثير الربيع العربي بما أن الدولة المغربية حاولت أن تنجو من موجة إسقاط الأنظمة عبر فتح المجال للمعارضة السياسية وكسب التعاطف الشعبي الذي راكمته هذه المعارضة طيلة سنوات.
رابعا: كون حزب العدالة والتنمية لم يتحمل المسؤولية في أي حكومة سابقة، وكونه يبشر في خطابه بدولة العدالة الاجتماعية، فإنه نال ثقة جزء من الشعب المغربي الذي يرى فيه آخر فرصة لإنقاذ البلاد من الفساد السياسي والاقتصادي، فضلا عن عدم تسجيل خروقات مهمة على هذا الحزب، سواءا خلال ممارسته في تدبير الشأن المحلي عبر البلديات والمقاطعات أم على أشخاصه وأعضائه.
خامسا: الدعوات التي تبنتها حركة 20 فبراير والأحزاب التي تدور في فلكها بخصوص الدعوة لمقاطعة الانتخابات دفعت بالكثير من المواطنين إلى الخروج من اللامبالاة والذهاب لصناديق الاقتراع ، خاصة الذين لا يوافقون هذه الحركة الشبابية أفكارها ونضالاتها، فهنا يمكن القول أن جزء من الشعب المغربي صوت لحزب العدالة والتنمية ضد حركة 20 فبراير وجزء آخر صوت لأن الجو العام الذي أحدثته حركة 20 فبراير منذ 7 أشهر دفع بالكثير إلى الاهتمام بالشأن العام وممارسة السياسة، إما عبر الانتخاب أو عبارة المشاركة في الأحزاب، يكفي ان نعرف بان حزب العدالة والتنمية استقطب إلى صفوفه الكثير من المواطنين خلال المرحلة السابقة وذلك حسب بيانات الحزب المتوفرة، فضلا عن الجزء الذي يصوت على حزب العدالة والتنمية بسبب عقيدته السياسية وأيديولوجيته ذات النفحة الإسلامية.
سادسا: الفشل الذي صاحب التجربة الحكومية السابقة وتراجع المغرب على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والشك في قدرة الأحزاب السياسية المنافسة ل حزب العدالة والتنمية في تدبير المرحلة القادمة، دفع جزءا من الشعب المغربي إلى التصويت العقابي لفائدة حزب العدالة والتنمية وضدا على الأحزاب الحكومية، حيث يتم اتهامها بإفساد الحياة السياسية والتقهقر بالمغرب نحو المراتب المتأخرة ضمن مؤشرات التنمية البشرية
سابعا: استفاد حزب العدالة والتنمية من وسائل الاتصال الحديثة وأدوات التواصل المبتكرة، فهو لم يركز على المسيرات والمهرجانات الانتخابية فحسب، وإنما صاحب ذلك بحملة منظمة على المواقع الاجتماعية على الانترنت كما وظف هذه الأخيرة في الترويج لمشروعه وأهدافه ومرشحيه، فيكفي أن نعرف بأن موقعه على الانترنت يعتبر أهم مواقع الأحزاب المغربية وانه الحزب الوحيد الذي يتوفر على إذاعة على الشبكة العنكبوتين.
ثامنا: استفاد أيضا حزب العدالة والتنمية من موجة فوز الاسلامين في البلدان المجاورة، فالكل تقريبا كان يترقب فوز حزب العدالة والتنمية نسبة إلى فوز حركة النهضة في تونس، على أساس أن هناك عناصر تشابه كثيرة بين الحزبين، وكذلك النجاحات التي حققها حزب العدالة والتنيمة التركي الذي يتشارك وحزب العدالة والتنمية المغربي نفس الاسم والرمز الانتخابي إضافة إلى تبادل الزيارات وبرامج التكوين وودية العلاقات.
يبقى أن نشير إلى أن حزب العدالة والتنيمة أمامه عدة تحديات سواء كانت قانونية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وأول تحدي سيصادفها الحزب هو تحدي الاحتجاجات التي تصر حركة 20 فبراير على الاستمرار فيها، خاصة ان نسبة المشاركة قد تدفعها إلى مزيد من الاصرار والتحدي، فأعضاء الحركة يؤكدون أن نسبة المشاركة تأتي في صالحهم على أساس أن مجموع الذين صوتوا في الانتخابات لا يتجاوز 6 ملايين مواطن مغربي، بينما عدد الذين يحق لهم التصويت يتجاوز 22 مليون مواطن في بلد يتجاوز عدد سكانه 30 مليون نسمة......فهل ينجح حزب العدالة والتنمية في كسب هذه التحديات؟