حقيقة تعرضنا للظلم يوم الأحد الفارط في لقاء عنابة، لكن ليس من طرف الحكم، من ظلمونا كانوا كثرا وهذه هي لائحتهم لكل غاية مفيدة. ظلمنا أولا مروان الشماخ، كان ممكنا للاعب الأرسنال أو المدفعجية أو الغانر أن يقول لنا "لم يشركني آرسين فينغر في لقاء القمة الأوربية ضد البارصا لأنه يعرف أنني أمر من مرحلة فراغ، ومن يعبر في فترة فراغ في ناديهه لا يمكن أن يعول عليه منتخب بلاده في لقاء حاسم وديربي ساخن مثل لقاء الأحد الفارط". لكن مروان لم يقل وعوض الاعتراف بالذنب الذي يعد إصلاحا للخطأ أتى إلى التلفزيون وقال لنا إن اللاعبين وهو في مقدمتهم مستعدون تمام الاستعداد للفوز على الجزائريين في عقر ديارهم، وقد رأينا الاستعداد "على حقو وطريقو". ظلمنا ثانيا خرجة، عميد المنتخب الوطني اختار موقعة عنابة بالتحديد لكي يكون بعيدا عن مستواه نهائيا وليؤكد لنا أن أندية عملاق مثل أنتر ميلانو الإيطالي قد يلعب في صفوفها لاعبون "على قد الحال" بكل ما في هذه الكلمة من معان كروية, يأتون حتى المعارك الكروية الكبرى التي نحتاجهم فيها ويخذلوننا بكل بساطة, يؤكدون لنا أنهم ينتمون للكرة المتخلفة (كرة لقاء تادلة والرجاء) لا الكرة العالمية التي بلغت اليوم شأوا بعيدا جدا في المهارات والتقنيات وكل شيء. ظلمنا ثالثا إيريك غيريتس. أبلد مدرب في العالم كان يرى بعد بداية اللقاء أن الفريق الوطني كان محتاجا لتغييرات سريعة في طريقة لعبه (وهو ماتم في النصف الأخير من المباراة بعد أن فات الأوان), وكان أساسا محتاجا لتغييرات واضحة لبعض اللاعبين. عوض ذلك اختار "مسيو إيريك" أن يغير تاعرابت في اللحظة التي أصبح فيها هذا اللاعب قادرا فعلا على تهديد الجزائريين ومرماهم, ثم أبدع لنا المدرب البلجيكي بدعة لم نفهمها نهائيا هي التغيير الذي قام به في الدقيقة الأخيرة لكأنه هو عبد الحق بنشيخة المنتصر والراغب في إضاعة الوقت. ظلمنا رابعا علي الفاسي الفهري ( واخا هادي ماشي جديدة). رئيس جامعة الكرة لم يقدم للمغاربة منذ أن حل مكان الجنرال حسني بنسليمان أي خبر مفرح على الإطلاق. استمرت علاقتنا به علاقة منهزمين ينظرون يوميا إلى سبب هزيمتهم ويقولون "الشكوى لله". جرب فينا الرجل كل أنواع المصائب الممكن تخيلها من استقدام أربعة مدربين للمنتخب الوطني إلى تعيين مدرب فرنسي تقاعد من مهامه وأصبح عاجزا عن فعل أي شيء, وفي الختام أتى لنا الفاسي الفهري بغيريتس بعد مسلسل مخجل نزل فيه المنتخب المغربي _ بتاريخه في المنطقة العربية والإفريقية _ لكي يصبح ندا لناد سعودي لا علاقة له بكرة القدم إلا من جهة المال والأعمال هو الهلال, ورغم ذلك صبرنا على الرجل, وقلنا "حنا الكبار, دابا شي نهار يعيق". لكننا يوم الأحد الفارط اكتشفنا أننا سنكون واهمين أكثر إذا ماواصلنا التشبث بالأمل فيه أو في فيما يفعله في الجامعة التي ترك فيها أغلبية مسامير الميدة الذين خربوا كرة القدم الوطنية, والذين يضحكون منه اليوم في ظهره ويقولون لمن يريد أن يسمعهم "اللي خص الكرة فالمغرب, علي غادي يكملو". ظلمنا خامسا منصف بلخياط. وجود هذا الرجل في منصب وزير الشباب والرياضة لوحده علامة دالة وفارقة على الأزمة التي ستحياها رياضتنا بصفة عامة, وكرتنا إلى ماشاء الله من الأيام. غياب أي استراتيجية كيفما كان نوعها للرياضة, وعقلية تجارية ترى "المارشيات" في كل مكانو والمحزن أنها ليست صفقات مربحة للمغرب ككل, بل هي صفقات لأشخاص معينين ينظرون بعين الرضا لمنصف كلما ازداد انتفاخ حساباتهم البنكية, فيما عدا ذلك "والو, زيرو, الريح والشيح" مثلما يقول أهلنا في الشرق صادقين. ظلمنا أخيرا من أرادوا للكرة التي كانت أداة تسلية وتفاخر في المغرب أن تصبح أداة خجل من منتخبنا ومن لاعبينا ومن دورينا الوطني, ومن فرقنا الكسيحة, ومن كل مايمت لهذا العالم بأي صلة. ظلمنا من تخيلوا أن الكرة لاتصلح إلا لإلهاء الشعوب بين الفينة والأخرى, وأنها ليست _ مثلما تتصور كل دول العالم المتقدمة _ الطريقة الأبرز تلفزيونيا وإعلاميا لإبراز المكانة التي وصلها كل بلد على حدة. ظلمنا من جعلوا من الرياضة _ وهي واحدة من الميادين الأكثر ديمقراطية والأكثر انتماء لعالم الشباب _ ميدانا ديكتاتوريا يسود فيه ويحكم رؤساء جامعات بطرق لاعلاقة لها بانتخاب أو ماشابه, ولكن لها العلاقة فقط بالتعيينات, وبالوضع في الأماكن لأداء الخدمات "ونبينا عليه السلام". لذلك على الجوقة إياها التي يوظفها رئيس الجامعة ومسؤولو الرياضة في الإذاعات والتلفزيونات الغبية أن تخجل قليلا من الشعب المغربي, ومن خجله يوم الأحد الماضي وهو يقول "هذا أضعف منتخب رأيناه في تاريخ المغرب, رغم الملايين الكثيرة والبلهاء التي ننفقها على كل هؤلاء "المساخيط" لكي يأتونا في الختام بهذه الفرجة المخزية والمبكية".