تعددت الكتابات و القراءات، وسال مداد كثير حول موقع المغرب في زمن الثورات الحديث هذا، و أحلام شعب بمستقبل أفضل تتجسد في "حركة 20 فبراير" التي تعد استمرارا لنضالات الشعب المغربي ضد الفساد والإستبداد والتي شكل نواتها الأول شباب تواق إلى التحرر، شباب لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم نفسه وتوحيد نضالاته. بعد ذلك دعمته و مساندته تنظيمات سياسية وهيئات جمعوية ونقابية. لعل أكثر ما اثار الجدل وسط المجتمع المغربي وفي الأوساط الإعلامية هو موقع هذا التنظيمات في صفوف الحركة، وبالأخص المتناقضين اللذين وجدا نفسيهما جنبا إلى جنب على أساس أرضية مطلبية واحدة و من أجل إسقاط الفساد والإستبداد. بعض هذه الكتابات كانت موضوعية في تناولها لهذا الموضوع، غير أن جزءا كبيرا منها يدخل في إطار الرياضة الإنشائية و "لحيس الكابا" لا غير.
و نفاجئ ببعض المنابر الإعلامية التي تدعي الاستقلالية و احترام أدبيات المهنة تتخذ هذا السير.
أحلام شعب بالتحرر والانعتاق و السير إلى الأمام تواجه بتيار يدعي الإيمان بالديمقراطية و بالتغيير تسبقه الأحداث و لا يتمكن من تعقبها، فمن يرى أن التغيير لا يمكن أن يتم الا من داخل المؤسسات، و من يرى أن الملكية لا تزال تحظى بشعبية واسعة بين صفوف المواطنين و لا تغيير الا في اثر و جود و على يد الملك.
التاريخ علمنا أن من يتبنون الطرح الأخير هذا انتهازيين ليس الا، يحاولون السباحة في مجرى التيار لا لشيء غير الحفاظ على مصالحهم الطبقية، في معزل تام عن الجماهير، وانتقادهم للعلاقة بين اليسار الجذري و الإسلاميين و المتمثلة في الجموعات العامة للحركة المفتوحة في وجه العموم بالإضافة إلى النزول المشترك للشارع و التنسيق في إطار لجان تنظيمية هدفها حماية الملكين الخاص و لعام و محاولة التصدي لكل التجاوزات الأمنية التي يمكن أن تشوب مسيرات الحركة السلمية، والتي تعد استنادا إلى تحليل موضوعي محايد تنسيق ميداني محظا و ليس خيارا استراتيجيا يتبناه الطرفان[انتقادهم] لاصطياد في الماء العكر و محاولة مجاراة التيار الأقوى حاليا المتمثل في النظام المخزني المستبد و قامع الحريات.
التفكير الإسلامي الرجعي تجاوزه التاريخ ولا مجال الان إلا للأفكار التقدمية والمؤمنة بالحداثة و التقدم و كل مظاهرها السياسية من علمانية وغياب للطبقية وعدم وجود للحكم الفردي المطلق. التجربة الايرانية لن تعاد في المغرب الذي لن يفتح شعبه الباب أمام بقاء أو ظهور نظام رجعي، والبقاء للأصح.