دعا محمد بنعليلو، وسيط المملكة إلى التعامل بكثير من الحذر مع ما يحدثه التحول الرقمي من انبهار ظرفي. وجاء ذلك، في كلمة ألقاها بالعاصمة الإيطالية خلال المؤتمر الدولي المنظم في روما يومي 21 و 22 شتنبر 2023، حول موضوع "دور الأمبودسمان والوسطاء في العالم، بين الواقع والممكن: أي دور للوسطاء والأمبودسمان في تقليص آثار الهوة الرقمية؟". بنعليلو أبرز أن ما توفره الرقمنة من فرص لضمان الحقوق الارتفاقية وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان، لا يخلو من تحد يحمل الكثير من المخاطر على "البيئة الحقوقية" نفسها، أقلها الاستبعاد الرقمي، واللامساواة المجالية في الولوج إلى الخدمات الرقمية مما يزيد عدد المهمشين رقميا لأسباب متعددة. وأكد وسيط المملكة على أن "المؤشرات" المتوفرة، تظهر أن فئات عريضة عبر العالم، تعاني هشاشة رقمية، وتبقى خارج دائرة الرقمنة لأسباب مختلفة، معتبرا أن لجوء الإدارة أحيانا لحلول رقمية بشكل غير متبصر، من شأنه أن يخلق إحباطا كبيرا لدى هذه الفئات، حتى لو اتخذ شكل احتجاجات صامتة. ودعا امحمد بنعليلو الوسطاء والأمبودسمان إلى الاشتغال على فكرة "المساواة الرقمية للجميع"، معتبرا إياها مساواة ضرورية وملحة، وأن عدم الالتفات إليها عند إعداد مخططات عمل الوسطاء، يعد بمثابة شرعنة لواقع التمييز بين "المواطن الرقمي" و"المواطن غير الرقمي". وأشار بنعليلو إلى أن خلق بيئة رقمية "صديقة للإنسان" تحافظ على حقوقه، وتدعم "إرادته" في الانخراط في التحول الرقمي، يجب أن يمر عبر ما وصفه ب"أنسنة" الخدمات الأساسية المقدمة رقميا. وقد شدد وسيط المملكة في كلمته على ضرورة إيجاد آليات فعالة لتقييم السياسات العمومية ذات الصلة، وفتح نقاشات داخلية جدية حول مفاهيم الحق في الولوج العاجل والمنصف إلى الخدمة الارتفاقية الإلكترونية، في ظل جيل جديد من الحقوق، بهدف التقليل من الهوة الآخذة في الاتساع بين فئة المهمشين ومحيطهم الارتفاقي. واعتبر الوسيط أن احترام الاختيارات الشخصية القائمة على ضمان الحق في الاختلاف، سواء لأسباب ناتجة عن صعوبات في استخدام التكنولوجيا الرقمية، أو لأسباب إرادية محضة، أمر يستدعي الحفاظ على البدائل البشرية في تقديم الخدمات بما فيها تلك التي تمت رقمنتها، حتى لا يشكل الاختلاف سببا لعدم المساواة في الوصول إلى الحقوق.