في يوم السبت 31 دجنبر 2011 تم الاحتفال في حو معرفي، فلسفي و تربوي لافت، باليوم العالمي للفلسفة، الذي أحيته نيابة وزارة التربية الوطنية لإقليم الفقيه بن صالح، بشراكة مع ثانوية الكندي التأهيلية، و بتأطير من أساتذة مادة الفلسفة من نفس الثانوية ( الذي دام التحضير له أزيد من شهرين)، و بمشاركة التلاميذ. و بحضور السيد النائب الإقليمي، و السيد المنسق و المفتش الجهوي لمادة الفلسفة، و السيد المشرف التربوي للمادة، و اغلب أساتذة المادة من كل ثانويات النيابة. من خلال إلقاء عروض فلسفية تربوية، وحول إشكالية الحرية، و التسامح، و العنف، و الدين، و السياسة. إلى جانب عرض فيلم تربوي من إخراج أستاذ مادة الفلسفة، و تمثيل بعض التلاميذ. مع حفلة شاي تخللتها و صلة موسيقية، للموسيقى الملتزمة من عزف مواهب من تلاميذ ثانوية الكندي. فوجئ الحاضرون باقتحام عناصر من حزب العدالة و التنمية، لمقر النيابة مكان الاحتفال على الساعة 11:40 تقريبا، الذي كان يوم السبت، الذي هو يوم عطلة أسبوعي. يتزعمهم مسؤول حزبي بالعدالة و التنمية، و عضو في بلدية الفقيه بن صالح، و كان من مرشحي الحزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. يحملون مكبرات صوتية، و يرفعون شعارات منددة بهذا اليوم الاحتفالي، و منددة بالفساد السياسي و الأخلاقي و التربوي الذي يسود هذا اللقاء الفلسفي. مما خلف إنطباعا عند الحاضرين" بأن الفلسفة هي السبب في الفساد". فتساءلوا ما علاقة الفلسفة بالفساد؟ لكن هذا الفعل الإرهابي ، الذي يندرج تحت خانة الإرهاب الفكري، و الذي أدانه كل الحاضرين بشدة، هو ضرب لقرار منظمة اليونسكو التي قررت منذ سنوات الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة. و تجاوزا للمقرر الوزاري الذي أكد على ضرورة الاحتفال بهذا اليوم داخل كل النيابات التعليمية. وهذا الفعل يجعلنا نتساءل: هل الدافع و راء هذا الاقتحام هو دافع شخصي من هذا المسؤول الحزبي؟ أم هو قرار حزبي سياسي يهدف على ضرب و إفشال الدرس الفلسفي بالمغرب و كل أشكال الفكر العقلاني؟ هل سنشهد مع حكومة العدالة و التنمية تراجعا عن مكتسبات الفلسفة في الدرس التربوي بالمغرب؟ ألا يكشف هذا عن النية المبيت لعناصر هذا الحزب للقضاء على كل ما هو تنويري حداثي عقلاني؟ هل نصدق تصريحات "بن كيران" أم أفعال و تصرفات إفراد حزبه؟ يمكن أن نضع سيناريوهات متعددة لهذا الفعل التهجمي اللاتربوي و غير الأخلاقي، منها انه ما دام أعضاء هذا الحزب لم يحتجوا على أي نشاط ثقافي أخر، و لا على أي موسم أو مهرجان ما، بعد أن ترأسوا الحكومة الجديدة. بأن المؤشرات تدل على نية هذا الحزب أو بعض أعضائه تتجه نحو الفكر الفلسفي النقدي، الفاحص و الكاشف، مخافة كشف عوراتهم السياسية. فبدل أن يحارب الفساد جاء ليحارب الفلسفة، فاختلط عليه الفساد بالفلسفة، نظرا لان المصطلحين يتشاركان في حرفي "الفاء" و "السين"، فحسب أن الفلسفة هي الفساد، و آن الفساد هو الفلسفة، و اعتبر أن كل من يتعاط الفلسفة فهو فاسد و مفسد. و الدليل آن بعض الشعارات التي رفعها ممثلوا هذا الحزب، خلال اقتحامهم للندوة، شعار" فلوس الشعب فين مشات في الندوات و الإحتفلات" و من المثير للشفقة، أن بعض التلاميذ سألوني، ببساطة فكرهم، هل نحن نبذر فلوس الشعب؟ هل نحن هم لصوص المال العام الذين كانوا يتحدث عنهم نواب حزب العدالة و التنمية في البرلمان؟ هل سنحاكم بالفساد و نسجن؟ لماذا بدل أن يدافع عنا هذا الأستاذ يتهمنا بالفساد؟.... و كلها أسئلة طريفة تعبر وعيهم السياسي الشقي. و الأطرف هو قول أحد التلاميذ، أن أستاذنا الكريم الذي هو مسؤول حزبي و نقابي و عضو بالمجلس البلدي للمدينة، قد نسي "نظاراته" فبدل أن يتجه للاحتجاج أمام العمالة، أو المحكمة، أو البلدية... جاء على النيابة للاحتجاج علينا، و حسبنا سياسيين، و لكننا مجرد تلاميذ و أساتذة نتفلسف !!! ثم توجهنا لتوضيح الصورة لديهم، و دعوتهم للانضمام إلينا و التفلسف معنا. فكان رد أحد عناصر فرقة "النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف" التي شكلها أعضاء هذا الحزب، هو : أش كديرو نتوما هنا؟ نفهم أن الحزب الحاكم فعلا حاحاحاحاحاكم و اعتبر كل مؤسسات الدولة ملك له و لا أحد له الحق في الولوج إليها. لكن الغريب و الخطير في الأمر هو تمادي هذا المسؤول الحزبي للعدالة و التنمية،إذ صبيحة هذا اليوم ( الإثنين02 يناير2012) جاء على المؤسسة التي يشتغل فيها مدرسا، و وجه اتهاما خطيرا للسادة الأساتذة، و للسيد النائب، و للسيد المفتش، و لكل التلاميذ و التلميذات، بأنهم كانوا في حفلة مجون و رقص و تعري... احتفالا برأس السنة. فهل اختلط عليه الأمر إذ كان يشاهد الاحتفالات برأس السنة في شواطئ ميامي، على جهاز تلفازه، و توهم أنها كانت في النيابة التربوية؟ هل لم يعد يميز بين الخيال و الواقع؟ إذن هل هذه هي الحرب على الفساد التي وعدنا بها حزب العدالة و التنمية؟ هل تحول الإحتفال باليوم العالمي للفلسفة فعل فساد عند حزب العدالة و التنمية؟ هل تحول مدرس الفلسفة و التلميذ على رموز للفساد يحاربهم الحزب؟ ما نختتم به هو أن ندعو حزب العدالة و التنمية الذي تهجمت جماعته على احتفالنا باليوم العالمي للفلسفة، ندعوه أن يوجه حربه نحو الفساد و المفسدين، بدلا من الفلاسفة و المتفلسفين، و بدلا من تلاميذ الفلسفة و مدرسيها.