لم تمنع صرخات الأطفال والنساء يد الأجهزة الأمنية من التدخل لهدْم خيمة أقامها سكان أولاد غزي بالرواجح بجماعة أولاد بورحمون بإقليم الفقيه بن صالح، الذين قالوا والعُهدة عليهم أنهم جاؤوا فقط للاحتجاج السلمي بعدما طالت إنتظاراتهم ،وتبخرت أحلامهم مباشرة بعد مرور الانتخابات الأخيرة. مشهد التعنيف كان دراميا بكل ما تحمله الكلمة، رغم أن الاحتجاج كان عنوانه يُختزل في صور صاحب الجلالة التي تعلو ولا يُعلى عليها ... صراخ وعويل وتوسل وتنديد ،ودموع أطفال أمام كاميرات الصحافة والجهر بالمطلب الذي يتلخص في حاجة سكان أولاد غزي المهمشين لنور يضيء في النفق.. نفق الإقصاء والتغييب المفرط والإصرار على استمرار الإقصاء رغم كل ما قيل عن العالم القروي، وعمّا خصصته أعلى سلطة في البلاد للنهوض بالعالم القروي. رغبات دوار أولاد غزي التي يقولون أنها جرجرتها رئاسة المناصرين للقوات الشعبية تتلخص في الحاجة إلى نور يضيء الطريق أو بالأحرى إلى تنفيذ وعود ظلت تراوح مكانها منذ خمس سنوات وكانت ورقة رابحة في الانتخابات الأخيرة وخاسرة قبلها، لأن الحاجة قُضيت ،ولأن أصحاب الحال عادوا إلى سلطتهم وربما إلى غظ نظرهم عن بعض القضايا المصيرية ،حيث يقول احد المواطنين أن احد المسؤولين قال له ما عليك إلا أن "تسطح راسك إلى الحيط" إذا أردت الضوء، وها هو قد "سطح وزملاءه رأسهم على الأرض حيث تم نقل امرأة حامل إلى المستشفى ،هذا دون الحديث عن تأثيرات التدخل على أطفال ونساء المحتجين، ودون أن ننسى إشارات القائد الإقليمي للدرك الذي يحن إلى الزمن البائد ،وهو يعطي تعليماته لقائد سرية الدرك الملكي بسوق السبت والقوات المساعدة للتدخل بكل سهولة وكأن المحتجين ك.... ومبدئيا لا نعيب على السلطة التدخل حين تقول أنها تريد حماية المحتجين من أخطار الطريق ،لكننا نعيب عليها عدم رفع تقاريرها بالمقابل عمّا تعيشه هذه الأسر المكلومة بنار الظلام الدامس تحث أعمدة كهرباء لا تبعد عنها إلا بأمتار معدودة ، مثلما نعيب عنها تنفيذ تعاليمها القمعية فقط ضد المحرومين، ليبقى السؤال لماذا لا تنفع هذه التعليمات مع أرباب الحشيش والمخذرات والماحيا ومختلف مظاهر الإجرام؟. وعلى أية حال ، نشير إلى أنه بقدر ما نشجب أي تدخل في حق مواطنين عزل، بالقدر ذاته نلتمس من المحتجين احترام أدبيات الاحتجاج ، ونناشد المسؤولين بالجماعات الترابية بضرورة الالتفات إلى أوضاع الإنسان القروي تفعيلا لخطاب صاحب الجلالة ولعامل الإقليم الذي لم يتواني في دعوة المجالس إلى الإنصات لمتطلبات الساكنة والعمل فورا على تلبية حاجياتها خاصة ما يتعلق منها بالربط الاجتماعي وإصلاح المسالك والطرق والمرافق السوسيو الاجتماعية.