صدعوا رؤوسنا بالخطابات الرنانة و بالكلام المعسول . فأينما ولينا وجوهنا تمت مسؤول يتحدث عن العهد الجديد المشرق ، و عن الإصلاح المفترض ، وعن الدستور المتغنى به في كل مكان ، و عن المغرب البلد الذي يختلف عن الآخرين ، و عن تلك القصة التي يحاولون إقناعنا بها " المغرب أجمل بلد في العالم " . سنترك كل تلك القطاعات و سنتكلم عن ما يقولون عنه أنه ثاني أهم قطاع بعد قضية الوحدة الترابية ألا و هو قطاع التربية و التعليم . و سنركز على إمتحان التعليم الذي يندرج ضمن ميزانية 2013 . فهل فعلا تتم عملية التوظيف بالإستحقاق كما جاء في دستور 2011 أم أنها تكرس لسياسة " أنا و أخي و ابن عمي أولا " ؟ و هل يمكننا أن نتحدث عن تكافِؤ للفرص في هذه المباراة ؟ إن أول خطوة يمكننا الحديث عنها هي إلغاء الإنتقاء الأولي ؛ فحتى نكون صادقين مع أنفسنا ، فهي خطوة تحتاج منا الوقوف و التصفيق عليها لأنها أزالت ذلك الميز بين خريجي الجامعات و الظلم الذي كان يلحق بكثير منهم ، و منحت الجميع الحق في إجتياز المباراة . هذا التكافؤ في الفرص كان سيكون رائعا لو أن الأمور صارت كما بدأت . للأسف فهذا المبدأ سيتلاشى بعدما عرفت هذه المباراة ظاهرة من الظواهر التي قضت عليه . نتحدث هنا عن ظاهرة الغش في المرحلة الكتابية التي كانت في مناطق معينة بشكل قوي دون غيرها ، و التي كانت في بعض الأحيان بمباركة من الأساتذة المراقبين . أما في المرحلة الشفوية فهذا الانعدام لتكافؤ الفرص سيتجلى مرة أخرى في وجود السخاء و الكرم في مناطق معينة و البخل و الشح في مناطق أخرى . رغم أن هناك شبكة تنقيط محددة موضوعة رهن إشارة اللجان المشرفة على الشفوي إلا أن التقويم الخاص بهم يختلف من منطقة لأخرى . فهناك من يمنح النقطة الجيدة عندما يبرز المترشح إمكانيته ، و هناك من يبخل و يمنح نقطة متوسطة رغم أن المترشح يظهر مؤهلاته و كأن هذه اللجان الشحيحة تعطي النقط من جيوبها و من رزقها الشيء الذي أدى إلى سقوط مجموعة من المترشحين الذين كانوا ضحية لبخل هذه اللجان . فمثلا في جهة مكناس تافيلالت نجح 380 مترشحا في السلك الابتدائي مزدوج ، بينما لم ينجح سوى 35 فقط في جهة تادلة أزيلال في نفس السلك . ليتم ظلم هذه الجهة الأخيرة بسبب الغش الذي تم الحديث عنه في مواقع التواصل الاجتماعي في الجهة الأولى و أيضا بسبب السخاء في نقاط الشفوي . بهذا الشكل لا يمكننا الحديث عن تكافؤ للفرص يا سيادة الوزير . فإذا كان شكل المباراة محمود فإن شكل المراقبة و التسيير منبوذ . فلماذا لا يتم إدخال التكنولوجيا الحديثة لمراقبة المباريات لحل مشكلة الغش و تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص ؟ و يجب أن تكون إجتماعات تكوينية للجان الشفوية و تحديد شكل و مسار اللقاء الذي يجب أن ينهجه الجميع والاتفاق على المعايير التي يجب أن تكون واضحة و تزيل السلطة التقديرية للأساتذة المشرفين على الشفوي حتى نكرس لمبدأ التكافؤ بين الجميع و نزيل السخاء في البعض و البخل في البعض الاخر . أما مسألة الاستحقاق التي يتحدث عنها رئيس الحكومة و يتحدى بها المعطلين كلما أتيحت له الفرصة . نقول له لا تتحدث عن الاستحقاق و أنتم لم تمنحوا للمعطلين سوى 8000 منصب و قد اجتاز المباراة أزيد من 140000 . عندما تستطيع أن توفر أنت و كل مسؤولي الدولة هذا العدد الأخير من المناصب لحاملي شهادة الإجازة في جميع القطاعات فآنذاك تحدثوا عن الاستحقاق . أما أن تمنحوا 8000 منصب فقط ، فهذا يعني أن الباقي سيشتغل في " الفراشات " كما قلت يا رئيس الحكومة يوما ، أو يرحلوا بعيدا عن هذا البلد فأرض الله واسعة كما قلت في يوم آخر، أو سيصبحون قطاعا للطرق حتى يستطيعوا العيش لأن دولتنا لا تعطي لمواطنيها منحة على البطالة . و حتى هذه المناصب التي كانت مخصصة في السنة المالية 2013 فقد تم نصبها . فوزارة التربية الوطنية قد أعلنت عن نجاح 7000 مترشح برسم ميزانية 2014 فأين هي 8000 منصب المخصصة لميزانية 2013 يا وزير التربية الوطنية و يا رئيس الحكومة ؟ إذا لم تستحيوا فاصنعوا ما شئتم فغذا لنا موعد و سنتحدث عن استهتاركم و استخفافكم بأعصاب كل هؤلاء الأطر المعطلة .