إن هموم و مشاكل و معاناة الجالية المغربية بالخارج، من إقصاء و تهميش و إهانة و غربة و حكرة لا يمكن اختزالها في عشرات أو مآت الصفحات . باختصار شديد سأعود بالقراء المحترمين إلى رحلة متعبة نفسيا و جسديا بكل المقاييس، جمعتني بإخواني ، أفراد الجالية المغربية بأوروبا، أطفال و نساء و شيوخ و مرضى علاوة على السياح/الضيوف، الذين جاءوا من كل فج عميق من فرنسا و بلجيكا و هولندا و ألمانيا ، هدفهم المشترك، صلة الرحم و ربط الإتصال بالوطن. الزمان: السبت 11 فبراير 2012، المكان: حافلة ستيام التي كانت لا تستجيب لمعايير النقل الدولي للسياحة و أولها المراحيض، بعد ساعات طوال، متعبة و شاقة، و صلنا إلى الجزيرة الخضراء في الساعة الرابعة و النصف من مساء يوم الأحد 12 فبراير 2012، انتظرنا حوالي ساعة للتأشير على جوازات السفر من طرف الشرطة الإسبانية التي لا تعيرنا أي اهتمام، الشرطة التي لا تعرف معنى الإبتسامة و حسن الإستقبال خصوصا إذا تعلق الأمر بالمغاربة، و قد عشت هذه الإهانة شخصيا منذ عشرات السنين. بعد عملية التأشير، كان لزاما علينا الإنتظار، أكثر من 500 مسافر في غرفة ضيقة في غياب الكراسي و المراحيض، حالة كنا فيها أقرب إلى الإنسان و أقل من الفئران، بدأ الكل يصرخ، جانب يعبر عن سخطه على الإسبان و جانب آخر يوجه لوما شديد اللهجة للحكومة المغربية التي لا تهمها كرامة أفراد الجالية ( فين مامشينا محكورين... ) فتح الباب في الساعة السادسة مساء بتوقيت إسبانيا، توجهنا مندفعين نحو الباخرة بحثا عن الراحة، التي لن ننعم بها ، ذلك أن المسئولين المغاربة جندوا شرطيا جمركيا واحدا للتأشير على جوازات السفر و أوراق الدخول، لحوالي 600 مسافر باحتساب أرباب السيارات و الحافلات و الشاحنات، انتظم أفراد الجالية المنهوكين في صف/سويقة ينتظرون دورهم للتأشير على جوازات سفرهم أثناء و بعد الرحلة البحرية التي دامت حوالي ساعتين و نصف. تمت عملية المراقبة الجمركية الروتينية للحافلة و الأمتعة و الأشخاص في الساعة الثامنة و النصف ليلا، و بعد تبديل الحافلات ظن الجميع أننا وصلنا إلى الخط النهائي لهذه الرحلة المشئومة، فإذا بنا نجد أنفسنا بضاعة بشرية أو أقل شأنا من البضاعة تحت رحمة سائق حافلة ستيام المرقمة تحت عدد 6 د 17086 ، الذي كان ينتظر ستة مسافرين، من أين و متى سيصلون؟ الله أعلم، تعبنا و راحتنا لا تهم السائق المتعجرف الذي تعمد ركوب دراجة هوائية و بدأ يدور حول الحافلة كالمراهق، الشيء الذي لن يقدر على فعله بأوروبا. لقد طال انتظارنا و نفذ صبرنا و بدأ الجميع يحتج مستنكرين هذا التصرف اللامسئول، فاتصل السائق بأحد المسئولين بطنجة ( لم نكن نعرف هل هو جمركي أم إطار تابع للنقل الدولي ) من أجل احتواء الوضع و تهدئة الخواطر... وصل المسئول على متن سيارة رونو/كونغو المرقمة تحت عدد 11- أ – 34046، نزل من سيارته و بدأ يمشي مرحا واضعا يديه على مؤخرته، لا يبالي بالبضاعة البشرية الغاضبة، اقتربت منه قائلا : سنخبر ملك البلاد بهذا التعامل، فرد علي باستهزاء قائلا: كتبو حتى لكوفي عنان... و انتظرنا حتى الساعة الحادية عشرة و أربعين دقيقة ليلا لاستئناف الرحلة البئيسة، هذه هي حقيقة رحلة المهاجرين منذ عقود مع الحافلة و السلطات الإسبانية و المغربية في سطور قليلة ، هذه و احدة من معاناة أفراد الجالية المغربية الذين قاموا بتحويل 58.5 مليار درهم سنة 2011، رغم الأزمة الإقتصادية العالمية و رغم الظروف المادية الصعبة التي يمرون بها ، في الوقت الذي يهرب فيه أصحاب الحال بالداخل أموالهم إلى الخارج. فرنسا