لا شك أن معظم المغاربة و معهم باقي جمهور العرب و المسلمين، و في لحظة احتفائهم برأس السنة الميلادية الجديدة أمام البث التلفزيوني الساهر/الماجن أو في قاعات الاحتفال المباشر، قد سلبوا عقولهم وقلوبهم فنسوا أو تناسوا أن هناك أبطالا/فنانون حقيقيون كانوا أولى بالتتويج و الذكرى لأنهم هم من رسم معالم السنة الميلادية التي نودع و ألفوا ألحانها و جسدوا مشاهدها. من خطر على باله أن يقف دقيقة صمت ترحما على روح بوعزيزي تونس مع منتصف ليلة ال 31 من دجنبر الأخير ؟ ! هذا البطل الفنان الذي حول جسده إلى شمعة احترقت لتنير للبؤساء المحرومين طريق الكفاح و الثورة ضد الأنظمة المستبدة فأصبحت شرارته كشعلة أولمبية تنتقل بين بعض الدول العربية هزت عرش حكامها ...هل فطن أحد منا أن زيد العابدين بن علي فنان أتقن دور الفهد الوردي، حيث تسلل هاربا إلى السعودية على متن طائرته رفقة أسرته و مجوهراته بعدما كانت النار قريبة من أن تلتهم ذيله ؟. في مصر، رسم ملايين المتظاهرين لوحات الصمود رأينا خلالها مشاهد اختلط فيها الجسد الآدمي بالدم و الدبابات و الخيول و حتى الإبل....هؤلاء أبطال يستحقون التمجيد و التصفيق. في المقابل، هل أدرك أحدنا أن مبارك مخرج جعل العالم يترقب أكثر من سيناريو بين تشبته بكرسي الرئاسة أو نقل صلاحيته لنائبه أو التنحي قبل أن ينتهي به المطاف كعصفور جريح داخل قفص الاتهام ممددا على سريره مثيرا شفقة العدو قبل الصديق؟؟. في ليبيا،جعل الثوار العالم يعيش قصصا و روايات الكر و الفر مجهول النهاية ضد الطاغية القدافي. هذا الأخير الذي لعب دور فنان/بطل ملحمي جمع بين الغناء و السينما. هل تذكر أحد أن العقيد "أطرب" العالم برمته بأغنيته الشهيرة"زنقة زنقة"، قبل أن يحبس أنفاس الجمهور في مشهد هوليودي رهيب حينما ألقي القبض عليه "كالجرذ" و هو يتوسل معتقليه ليظهر بعد ذلك جثة هامدة تغمرها الدماء؟ ! إنه درس ركوع الجبروت أمام صخرة التحدي و الصمود. أما الفنانون/الأبطال في كل من سوريا و اليمن فلازالوا لم ينتهوا من عزف سنفونيتهما الثوريتين اللتين تقضا مضجع عرين الأسد وضيعة صالح، تحت مراقبة عدسات كاميرات مختلفة الجنسيات. في المغرب، استأثر باهتمام المتتبعين الملك البطل محمد السادس الذي حول ب "مصباحه السحري" نار الربيع العربي إلى برد و سلام، حيث أطلق أوراش الإصلاح الدستوري ليلقن بذلك للحكام العرب كيفية إدارة الفيلم القصير ورسم النهايات السعيدة. بطل آخر لن يغتفر نسيانه ووجب الوقوف له وقفة إجلال و تعظيم،إنه الصحافي المقتدر رشيد نيني هذا "السوبرمان"استطاع أن يحلق فوق رؤوس الفساد ليكشف ملفاتهم و يفضح أسرارهم و ينشر غسيلهم على عموده الشهير "شوف تشوف".هذا الصحافي الفنان استطاع بمداده أن يساهم في ظهور حراك شعبي تواق إلى التغيير و يعيد تصميم الخريطة السياسية الوطنية. إذن يبقى هؤلاء الأشخاص أبطال و فنانون بامتياز لا يستدعي تذكارهم الحضور إلى استوديوهات الغناء و خشبات الرقص، بل فقط لحظة تأمل وجداني عميق لأن في فنهم - كل من موقعه و حسب الدور الذي أداه- عبرة لمن يعتبر... و لتكون سنة 2011 سنة عربية بطولية بامتياز.