خلف توالي سنوات الجفاف وتأخر التساقطات في المغرب إضافة إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أزمة في الحبوب بالمملكة، نظرا لاعتمادها بشكل كبير على الاستيراد لتأمين نصف احتياجاتها من الحبوب سنويا، فما هي أبرز التدابير التي اتخذتها الحكومة لتجاوز هذه الأزمة؟ ورغم التساقطات المطرية المتأخرة في شهري مارس وأبريل بمختلف مناطق البلاد، إلا أن وزارة الفلاحة كشفت أن الإنتاج المتوقع للحبوب الرئيسية الثلاثة (القمح الصلب والقمح اللين والشعير) يقدر ب 32 مليون قنطار، أي بانخفاض بنسبة 69% مقارنة بالموسم السابق الذي سجل إنتاجا من بين الإنتاجات القياسية. وسجلت الوزارة، أنه وبالإضافة إلى قلة التساقطات المطرية وتأخرها، اتسمت مواصفات التساقطات بسوء التوزيع الزمني والمجالي، حيث إن حوالي 55٪ من إجمالي الأمطار كان في شهري مارس وأبريل، وأقل من ثلثها كان في نونبر وديسمبر . "دعم استثنائي" ودفع هذا الوضع الحكومة لاتخاذ إجراءات استعجالية بينها دعم استثنائي بلغت قيمته 10 مليارات درهم (حوالي 1.2 مليار دولار) لمواجهة آثار نقص التساقطات المطرية وتأثيرها على القطاع الفلاحي، وذلك عبر ثلاث محاور (حماية الرصيد الحيواني والنباتي وتدبير ندرة المياه، التأمين الفلاحي، تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين). وأفاد وزير الفلاحة محمد الصديقي، في ندوة صحفية عقب آخر مجلس حكومي، أن الشطر الأول من الدعم اكتمل تقريبا بعد توزيع مليون و700 ألف قنطار من الشعير على الفلاحين وحوالي مليون قنطار كذلك من الأعلاق المركبة، مشيرا إلى أن الأمطار الأخيرة سمحت بإنقاذ جزء مهم من المساحات الزراعية المخصصة للحبوب. ومن جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إنه "بالنسبة للقمح اللين، يبلغ ثمنه عند دخول الموانئ المغربية، 500 درهما (51 دولارا) للقنطار"، موضحا أن الحكومة "تتدخل من أجل ضمان استقرار الأسعار، ومنحت دعما كبيرا كي لا يتعدى ثمن بيع القنطار الواحد 270 درهما لصالح المطاحن والمخابز". وكانت الوزارة الوصية نسقت مع وزارة الاقتصاد والمالية، خلال أبريل المنصرم، بالشروع في تكوين تدريجي لمخزون احتياطي من القمح سيوضع تحت تصرف المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني، وذلك لتغطية الطلب المحلي، وسينضاف إلى المخزون الحالي الذي يلبي الحاجيات لمدة خمسة أشهر. "الاستيراد وتقنية الزرع المباشر" ومع بداية السنة الجارية، عمل المغرب على رفع وارداته من القمح، إذ استورد خلال شهر يناير المنصرم 805 آلاف طن من القمح، مقابل 338 ألف طن في الفترة نفسها من سنة 2021 وهو ما يمثل زيادة بأكثر من الضعف، وفق المعطيات الصادرة عن مكتب الصرف المغربي. وأفادت المعطيات الرسمية بأن قيمة استيراد المنتجات الغذائية من قمح وشعير خلال أول شهر من السنة الجارية ناهز 6,8 مليارات درهم، مقابل 4,3 مليارات درهم، أي بزيادة تقدر ب56,3٪، حيث يستورد المغرب سنويا من الخارج، خصوصا من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وأوكرانيا وكندا، ما بين 60 و75 مليون قنطار من الحبوب، من القمح اللين والصلب والشعير والذرة. كما تعتمد وزارة الفلاحة على برنامج الزرع المباشر، وهي تقنية تسمح بالحفاظ على خصوبة ورطوبة التربة وتعتمد على الزرع دون أي أعمال تحضيرية للتربة قبل البذر، وأفادت وفق موقعها الرسمي بأن هذه التقنية تمكن من تحسين مردودية الحبوب بنسبة 30٪ في المتوسط وخفض تكاليف إنتاج الحبوب بنسبة 60٪، وكميات البذر بنسبة 30٪، فضلا عن الحد من انجراف التربة بأكثر من 50٪. وأضافت الوزارة، أن هذه التقنية تهدف إلى تحسين قدرة الزراعة على الصمود والتكيف مع التغيرات المناخية، وقالت "إنه بالرغم من النقص الكبير في التساقطات المطرية على مستوى الضيعات التي تمت زيارتها، مكنت تقنية الزرع المباشر من صمود الزراعات لتأخر التساقطات المطرية".