هددت الجزائر، اليوم الأربعاء، مدريد، بفسخ العقد المبرم بينهما لتصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا إذا ما أعادت الدولة الأوروبية تصدير أي شحنة من هذا الغاز إلى طرف ثالث، في إشارة إلى المغرب، وذلك في خضم توترات دبلوماسية بين الدول الثلاث مرتبطة بقضية الصحراء المغربية. وقالت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية في بيان إن "أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستعتبر إخلالا بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان". وفي بيانها أوضحت الوزارة الجزائرية أن "وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب تلقى اليوم بريدا إلكترونيا من نظيرته الإسبانية تيريزا ريبيرا تبلغه فيه بقرار إسبانيا القاضي بترخيص التدفق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي وحسب الوزيرة الإسبانية فإن الشروع في هذه العملية سيتم اليوم أو غدا ". ولم يوضح البيان الجزائري البلد الذي سيستفيد من هذا التدفق العكسي لكن سبق للحكومة الإسبانية أن أعلنت في فبراير أنها ستساعد المغرب على "ضمان أمنه في مجال الطاقة" عبر السماح له باستيراد الغاز عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي. وكان قسم من الغاز الجزائري يصدر إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يمر عبر المغرب، لكن الجزائر أغلقت هذا الخط نهاية أكتوبر 2021، بعدما كانت قطعت في غشت الماضي علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب. وأدى إغلاق الجزائر للخط إلى حرمان الرباط من الغاز الجزائري، في وقت يؤكد فيه خبراء أن رسوم المرور التي كان يجبيها المغرب من الجزائر على شكل كميات من الغاز بأسعار تفضيلية كانت تؤم ن له 97% من احتياجاته من هذه المادة الحيوية. وزودت سوناطراك، شركة المحروقات الجزائرية العمومية، إسبانيا في 2021 بأكثر من 40% من وارداتها من الغاز الطبيعي، والقسم الأكبر من هذا الغاز استوردته إسبانيا من الجزائر عبر خط أنابيب "ميدغاز" الذي يمر تحت البحر وتبلغ قدرته 10 مليارات متر مكعب سنويا . ويأتي البيان الجزائري، بعد تصريحات متبادلة وصفت بالمتوترة بين المسؤولين الإسبان والجزائريين في الساعات الأخيرة، حيث ردت الجزائر من خلال ما تسميه "مبعوثها الخاص المكلف بقضية الصحراء الغربية والمغرب العربي"، عمّار بلاني، على تصريحات وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس الإذاعية، الإثنين، معتبرا حديث ألباريس "غير مقبول" ولن يساعد "على تطبيع العلاقات بين البلدين". وقال بلاني محذرا، إن على إسبانيا "تحمل عواقب هذه التصريحات التي أدلى بها ألباريس". واستعمل ألباريس رئيس الدبلوماسية الإسبانية، لغة صريحة وحاسمة في خرجته الإعلامية، الإثنين، قاطعا الطريق أمام الجزائر العاصمة نحو أي تغيير محتمل في قرار إسبانيا بشأن اعتبار مبادرة الحكم الذاتي "الأكثر مصداقية وجدية". وقال وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، إن موقف الحكومة الإسبانية الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المقدمة من طرف المغرب لتسوية قضية الصحراء هو "قرار سيادي". وأكد ألباريس في حديث خص به الإذاعة الخاصة "أوندا سيرو"، أنه من خلال الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، باعتبارها الأساس "الأكثر جدية، واقعية ومصداقية" لحل الخلاف حول الصحراء، فإن "إسبانيا اتخذت قرارا سياديا". وأشار رئيس الدبلوماسية الإسبانية إلى أن موقف حكومة بلاده "يندرج في إطار الشرعية الدولية، وليس هناك ما يضاف إلى هذا الموضوع"، داعيا إلى تجنب "الخلافات العقيمة" بشأن هذا الملف. وأضاف ألباريس "لن أؤجج الجدل العقيم. إن قرارنا سيادي ويتوافق مع الشرعية الدولية"، وذلك في إحالة على ردود الفعل العدائية التي صدرت عن النظام الجزائري. وجاءت تصريحات ألباريس ردا على خرجة الرئيس الجزائري الاعلامية التي قال فيها، إن التحوّل في موقف إسبانيا تجاه قضيّة الصحراء "غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا". وأكد تبون أن الجزائر "لها علاقات طيّبة مع إسبانيا"، لكنّ الموقف الأخير لرئيس الحكومة الإسبانيّة بيدرو سانشيز من القضيّة الصحراويّة "غيّرَ كل شيء". وأضاف "لن نتدخّل في الأمور الداخليّة لإسبانيا، ولكنّ الجزائر كدولة ملاحظة في ملفّ الصحراء الغربيّة، وكذا الأممالمتحدة، تعتبر أنّ إسبانيا القوّة المديرة للإقليم طالما لم يتمّ التوصّل لحلّ" لهذا النزاع. وتابع تبون "نطالب بتطبيق القانون الدولي حتّى تعود العلاقات إلى طبيعتها مع إسبانيا التي يجب ألا تتخلّى عن مسؤوليتها التاريخيّة، فهي مطالبة بمراجعة نفسها". واستطرد تبون نحو تخفيف حدة لهجته مدريد مشددا على أنّ بلاده "لن تتخلّى عن التزامها بتزويد إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف".