تسود حالة من الترقب والقلق بين الأوساط الحاكمة في الجزائر العاصمة، منتظرة ما ستفرزه الزيارة المبرمجة لوزير الخارجية الأمريكية أنثوني بلينكن للجزائر الأربعاء المقبل، في خضم تأزم الوضع الأوكراني ورغبة واشنطن في جر الجزائر نحو المعسكر الغربي بغية الاستفادة من زيادة إمدادات غازها نحو أوروبا تعويضا للغاز الروسي. ويصل بلينكين للجزائر وفي جعبته، من جهة، مباحثات حول الأمن والاستقرار الإقليميين، والتعاون التجاري، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، وفق بيان الخارجية الأمريكية. وأفادت الخارجية الأمريكية أيضا أن وصول بلينكن للجزائر ضمن زيارة للمنطقة ستتم خلالها مناقشة مجموعة من الأولويات الإقليمية والعالمية، بما في ذلك حرب الحكومة الروسية على أوكرانيا، وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، واتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، والمحافظة على إمكانية التوصل إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بالإضافة إلى مواضيع أخرى. ومن جهة أخرى، ستكون زيارة الوزير الأمريكي للجزائر مباشرة بعد عقده قمة مع وزراء خارجية الدول "المطبعة" مع إسرائيل تعقد في صحراء النقب، حيث ينظر في الجزائر لمناقشات بلينكين مع المسؤولين الجزائريين بمثابة "ضغط" في اتجاه مطالبة الحكومة الجزائرية بإعادة خط الغاز المغاربي الأوروبي في إطار الوضع الجيوسياسي الجديد. وترى الأوساط السياسية الجزائرية أن بلينكن سيحاول حصد نتائج أفضل مما تحصلت عليها نائبته شيرمان في زيارتها للمنطقة الشهر الماضي، حيث فشلت، وفق تقارير صحفية فرنسية، في إقناع السلطات الجزائرية في إعادة خط انابيب الغاز المغاربي الأوروبي الموقوف بقرار جزائري منذ نهاية أكتوبر 2021. واعتبر محللون سياسيون جزائريون أن موقف إسبانيا الأخير باعتبار مبادرة المغرب في الصحراء "الأكثر مصداقية وجدية"، يدخل في إطار ضغط غربي آخر على الجزائر لزيادة انتاجاتها الغازية، في إشارة إلى بيان الخارجية الأمريكية الذي تحدث عن الأولويات الإقليمية والدولية في أوكرانيا وكذا التطبيع مع إسرائيل وأنشطة إيران. وتقف الجزائر بين مطرقة واشنطن وزندان موسكو، ما أثار قلقها من زيارة بلينكن المرتقبة، حيث تخشى أن يؤثر قرار في صالح المعسكر الغربي على علاقاتها التاريخية مع روسيا وكذا الصين اللذان يعتبران الحليفين السياسيين والعسكريين للنظام الجزائري منذ استقلاله خلال ستينيات القرن الماضي.