متفجرات TNT ومسدسات متطورة وآلات للتفجير عن بعد وسيارة مفخخة وهواتف مبرمجة لتفجير القنابل ...انها ليست ترسانة حربية في ثكنة عسكرية ولا لقطات من فيلم امريكي عن عمل الوحدات الخاصة في ملاحقة أعداء واشنطن، انها ودائع في خزانات حديدية في سفارة ليبيا وسط الرباط. العقيد القذافي لم يكن يميز بين سفارة وثكنة، وبين سفير وقناص، وبين بعثة ديبلوماسية وكومندو مسلح في مهمة سرية لاغتيال معارض او رئيس دولة أجنبية فوق تراب دولة اخرى، تسمى مجازا دولة صديقة. على الأرجح دخلت هذه الاسلحة الى المغرب قبل مدة طويلة من سقوط طاغية باب العزيزية والتخمينات تقول ان هذه الترسانة من المتفجرات كان الهدف منها اغتيال الملك عبد الله عاهل السعودية، الذي يزور المملكة المغربية باستمرار لقضاء عطله في قصوره واقاماته بالمغرب. طبعا لا مديرية الامن ولا اي جهاز امني اخر ممن ترجع اليهم مهمة حراسة الحدود او التجسس المضاد في الداخل والخارج اصدر بيانا يشرح فيه للراي العام المغربي ماذا جرى؟ وكيف دخلت هذه الاسلحة الى المغرب؟ وأي طريق عبرت؟ ومن المسؤول عن هذا التقصير؟ وكيف لم تأخذ السلطات علما بكمية كبيرة من الاسلحة في سفارة بطريق زعير على بعد اقل من كيلومتر من الاقامة الملكية وعلى أمتار من مؤسسات اخرى جد حساسة؟ لا جواب على كل هذه الاسئلة الخطيرة والمحيرة. الذي اكتشف هذه الاسلحة مواطنون ليبيون وهذه الترسانة ظلت لشهورعدة في مخازن السفير الليبي بالمغرب، والذي كان حتما يحضر بها لعمل اجرامي خطير من فوق التراب المغربي. الذي اكتشف هذه الترسانة هم المواطنون الليبيون الذين اقتحموا سفارة بلادهم بعد قيام الثورة على نظام القذافي، وليس أجهزة الامن التي عادة ما تكون لها عيون وآذان في سفارات الدول الأجنبية وخاصة البلدان المعروفة بانها مارقة ولا تهتم لا باتفاقيات ولا بمعاهدات العمل الديبلوماسية. لو جرى حادث مثل هذا في فرنسا او بريطانيا او اسبانيا لسقطت رؤوس كثيرة في اعقاب هذا الاختراق الخطير لأمن البلاد، لكن في بلادنا لا شيء يقع من هذا القبيل! ثقافة الأجهزة الأمنية مازالت تعتبر نفسها محصنة من كل مساءلة او محاسبة. والحكومة تعبر الأمر لا يدخل ضمن اختصاصاتها. المسؤولية عما جرى من اختراق للأمن الحيوي المغربي في حادثة السفارة لا تتحملها الأجهزة الأمنية لوحدها، بل هناك مسؤولية كذلك لديبلوماسية الطيب الفاسي الفهري الناعمة اتجاه العقيد الذي أصبح مدللا من قبل المغرب الذي تسامح مع طرابلس في ملفات كثيرة، وجر صحافة بلاده الى المحاكم للانتقام منها باسم حاكم احمق اسمه معمر القذافي تخلص من الصحافة في بلاده، وانتهى من قتل كل معارضيه ثم تفرغ لملاحقة كل من يكتب عنه سطرا من النقد في الصحافة العربية. إن تساهل الديبلوماسية المغربية مع نظام القذافي وخوفها من ردود فعله الهوجاء، هو ما شجعه على بعث المتفجرات الى المغرب واختيار الرباط موطنا لانطلاق مخططات اغتيال ضيوف المملكة، وعلى راسهم العاهل السعودي. انها سابقة من نوعها ان تتحول السفارة الى مخزن سلاح وغرفة ادارة عمليات اغتيال خطيرة ونحن نائمون مع الحية في نفس الفراش.