دفع حياته ثمنا مقابل الدفاع عن زميلته في الدراسة، التي تربطه بها علاقة عاطفية. كان الشابان يستمتعان بوقتهما إلى أن فاجأهما أربعة وحوش بشرية، أفسدت عليهما الجو الرومانسي، بل أفقدوا الشاب حياته واغتصبوا رفيقته.. كيف جرى ذلك؟ وكيف سقط الجناة في قبضة العدالة؟ تابعوا التفاصيل: كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف من يوم 29 نونبر 2011 عندما اتصل «ياسين» بحبيبته «فدوى»، ليحدد معها موعدا للقاء. أخبرها أنه سينتظرها، على الساعة السابعة، قرب المنزل الذي تكتريه ببرشيد. كان ياسين (22 سنة) وفدوى (21 سنة) زميلان في المدرسة، يدرسان بمستوى الباكلوريا. ربط الاثنان علاقة عاطفية وظلا يلتقيان باستمرار بمحيط المدرسة والغرفة التي تكتريها فدوى، المنحدرة من منطقة الكارة. هناك، وسط حديقة، جلسا معا يتبادلان أطراف الحديث. فجأة طلب ياسين من صديقته أن ترافقه إلى تجزئة النصر، التي كانت بناياتها آنذاك في طور البناء. ترافقا إلى هناك ثم جلسا فوق رصيف. هجوم عندما كانا يتحدثان، فوجئا بأربعة شبان، اثنان منهم يضعان قناعين على رأسيهما. أحدهم باغت ياسين بالرشق بالحجارة. كان يريد إرهابه لكي يغادر المكان دون الفتاة، لكن الشاب ظل صامدا ولم يغادر. المهاجم، الذي يبدو أنه زعيم المجموعة، تقدم نحو ياسين بعد أن استل من جيبه سكينا وأخذ يهدده به. وفيما أحاط الثلاثة بالفتاة، انقض الآخر على الشاب وسلبه هاتفه النقال. هذا الأخير حاول المقاومة، لكن زعيم المجموعة كبح حركته بتوجيه طعنة إلى صدره. سقط ياسين أرضا مدرجا في دمائه، دون حراك. اغتصاب ساق الشبان الأربعة فدوى نحو غابة «لوسيان». الضحية كانت تعرف المصير الذي ينتظرها، لذلك شرعت تستجدي خاطفيها بألا يغتصبوها لأنها ما تزال عذراء. كانوا ينهالون عليها بالضرب لإرغامها على الصمت. في الطريق، أمر الزعيم أتباعه الثلاثة بالعودة إلى مسرح الجريمة، لاستكشاف مصير التلميذ الضحية. أما هو فقد ساق الفتاة نحو الخلاء، مرغما إياها على الانصياع تحت التهديد بالسلاح الأبيض. أمرها بخلع معطفها وفرشه على الأرض، وعندما امتثلت، أمرها بالاستلقاء على ظهرها، قبل أن ينقض عليها ويخلع ملابسها الداخلية ويمارس عليها الجنس سطحيا. في تلك اللحظة، عاد أفراد المجموعة وأخبروا زعيمهم أن «الفيكتيم» قد مات، لكن الزعيم، الذي بلغ نشوته الجنسية، لم يأبه لهذا الخبر، بل بادر إلى ممارسة الجنس على الفتاة من جديد، لولا أنها توسلت إليه بأن يخلي سبيلها، واعدة إياه بأنها ستلتقيه في اليوم الموالي. كان الزعيم يمعن النظر إلى وجه الفتاة وهي تستعطفه بأن يطلق سراحها، وفي محاولة منها لإقناعه، اقترحت عليه أن تكون صديقته وحده. لم يتردد في قبول العرض. رافقها نحو الطريق ثم دفع لها ثمن سيارة الأجرة. تكتم دخلت فدوى الغرفة التي تكتريها رفقة فتاتين على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا. استفسرتها صديقتاها عن سبب تأخرها فأخبرتهما بما وقع لها مع أفراد المجموعة الأربعة، دون أن تتطرق لما وقع مع صديقها. بعد ذلك، اتصلت بأحد أصدقاء ياسين لتخبره بكل ما حدث، ثم خلدت إلى النوم دون أن تبلغ أحدا آخر بالواقعة. في بيت الضحية ياسين، كانت الأم تجري اتصالات مكثفة بأصدقاء ابنها الذي تأخر عن دخول البيت بشكل غير معتاد. اتصلت الأم بهاتفه النقال فرد عليها شخص آخر، ادعى أنه شرطي، وأخبرها بأن ابنها لدى الشرطة، غير أنها عندما توجهت إلى مقر الشرطة لم تعثر على ابنها المفقود. جثة في صباح اليوم الموالي، مر شخص بتجزئة النصر فعثر على ياسين ممددا على الظهر. توجه نحوه فإذا به جثة هامدة والدماء من حوله، ثم سارع لإبلاغ الشرطة. لم تعثر عناصر الشرطة على أي وثيقة في جيوب القتيل تحدد هويته، غير أن أحد المخبرين تمكن من التعرف عليه، فهاتف والده طالبا منه الحضور إلى مستودع الأموات. هناك، تعرف الأبوان (المطلقان) على ابنهما، الذي كان يحمل جرحا عميقا على مستوى صدره. تحقيق انتشر خبر مقتل ياسين فاجتمع الأصدقاء والجيران في بيت الأم لمواساتها في فقدان ابنها، بينما باشرت فرقة من الشرطة فتح تحقيق في ملابسات مقتل الشاب. استفسر المحققون الأم عن الأشخاص الذين كانوا يرافقون ابنها، فدلتهم على زميلة له في المدرسة، اسمها فدوى، هذه الأخيرة كانت تبكي مع المعزين في ركن من بيت الأم، فتم استدعاؤها للاستماع إلى أقوالها بخصوص ما وقع. سردت فدوى للمحققين تفاصيل الواقعة من الألف إلى الياء. وعندما سألها ضابط الشرطة إن كانت قد تعرضت لاعتداء جنسي شرعت في البكاء. أخبرت رجال الشرطة أن الشاب الذي قتل ياسين وسلبه هاتفه النقال هو الذي استدرجها إلى غابة وهددها بواسطة سكين وطلب منها ممارسة الجنس معه، ولما كانت تصرخ كان يغرس السكين في جدع الشجرة مهددا إياها بالجرح... صرحت أيضا أنها استعطفته ووعدته بربط علاقة معه مقابل إخلاء سبيلها، مضيفة أنه رافقها إلى الطريق وأخبرها بأن اسمه «مصطفى» وأطلعها على بطاقة هويته، وفي محاولة لإقناعها بأنه لا يحترف الإجرام أخبرها بأنه يعمل بشركة «زليج» ثم أطلعها على بطاقة هويته، وودعها بعد أن أوقف لها سيارة أجرة ومنحها مبلغ 15 درهما إضافة إلى رقم هاتفه وصورته الشخصية. فرار تم الانتقال مع الشابة إلى غرفتها، حيث سلمت لعناصر الشرطة صورة المتهم، التي تمكن المحققون بطرقهم الخاصة من تحديد هوية صاحبها. اسمه (م.ذ) من مواليد سنة 1992، ينحدر من دوار لحضاضرة بإقليم سطات. انتقلت عناصر الشرطة إلى مقر الشركة وسألت عن صاحب الصورة، وأكد المدير أن المعني فعلا يعمل لديه لكنه تغيب عن الحضور ذلك اليوم، وسلمهم المدير ملفا يضم صورته ومعلومات عنه، فتبين أنها مطابقة للصورة التي كانت مع الفتاة. انتقلت الشرطة إلى مسقط رأس مصطفى، لكنها لم تعثر عليه في بيت والده. ظل مصطفى فارا من العدالة لعدة أيام، لكنه لم يستطع الصمود طويلا، إذ سرعان ما سلم نفسه بعدما اشتد عليه الخناق. سلم نفسه للدرك الملكي، الذي أحاله على عناصر الشرطة القضائية ببرشيد. أخضع المتهم للبحث والتحقيق فاعترف بأسماء مشاركيه، وجرى الانتقال برفقته إلى منازل المتهمين حيث تم إيقاف شخصين (يوسف وأيوب) فيما لاذ الرابع بالفرار. تحت تأثير «الماحيا» أثناء الاستماع إليهم، اعترف المتهمون بأنهم اقتنوا، عشية اقتراف الجريمة، كمية من ماء الحياة (ماحيا)، ولما لعبت الخمرة برؤوسهم توجهوا في الساعة السادسة مساء إلى بوابة إحدى المدارس من أجل معاكسة التلميذات، قبل أن يتوجهوا بعد ذالك إلى مكان مظلم فشاهدوا شخصا وبالقرب منه فتاة.. وضع الزعيم منديلا على وجهه ثم وضع الآخرون لُثُما على وجوههم وانطلقوا في رشق الضحية بالحجارة من أجل تخويفه حتى يهرب ويترك لهم الفتاة، لكنه لما قاومهم استل مصطفى سكينا وطعنه به فسقط على الأرض بينما استدرجوا الفتاة نحو الغابة لممارسة الجنس عليها. جرت مواجهة الفتاة مع المتهمين فتعرفت عليهم. وتمت إعادة تمثيل الجريمة يوم ثاني دجنبر من السنة نفسها، وسط حشد جماهيري غفير استنكر هذا الفعل الإجرامي. بعد استكمال البحث مع المتهمين، اعتراف المتهم الرئيسي بأنه باع هاتف الضحية لابن عمه (ع-ذ) بمبلغ 70 درهم، ليتم اعتقال الأخير بعد حجز الهاتف لديه. تمت إحالة المتهمين على الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بسطات من أجل «القتل العمد المقرون بالسرقة تحت التهديد بالسلاح الأبيض والاختطاف وهتك العرض بالعنف وعدم التبليغ عن جناية وإخفاء أشياء متحصل عليها من جناية». وقرر الوكيل العام الإفراج عن الفتاة وإحالة المتهمين الآخرين على القضاء لمحاكمتهم وفق المنسوب إليهم.