حينما يسقط الكبار فذلك يترك حزنا كبيرا لدينا ويجعلنا نتذكر بعض الأحداث التي جمعتنا بهم أو تلك التي كان لهم تأثير فيها. وأنا أنعي هذا المناضل " أبو غيفارا " ومن موقعي كفاعل ومناضل حقوقي، أود أن أتذكر معكم نوبير الاموي الحقوقي، وسأسرد بعض المحطات التي لازالت راسخة في ذهني لهذا المناضل الكبير: أولها استماتته في المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وذلك يتجلى في الحرص الذي كان يوليه لاشراك عائلات الشهداء والمختطفين والمعتقلين السياسيين في مسيرات " كدش" بمناسبة فاتح ماي، وحماية فيلق العائلات في هذه المسيرات من البلطجية والبوليس السري. حيث كان يعمل على أن يكون مرور العائلات في مقدمة المسيرة، وأمام المنصة الرسمية، بل إنه يقدم العائلات بنفسه للضيوف الوطنيين والدوليين الحاضرين ويعرفهم بمطالب العائلات التي تناضل من أجل إطلاق المعتقلين والكشف عن مصير المختطفين. ولا أنسى ما حييت يوم باغث الكل في منصة الاحتفال في فاتح ماي سنة 1987 بإعطاء الكلمة لأمي السعدية الدريدي بنرزوق "الأم الشجاعة، أم كل الشهداء والمعتقلين" ، وكان ذلك بحضور زعماء سياسيون، من بينهم آنذاك عبد الرحيم بوعبيد ووزراء وضيوف ال »كدش" الاجانب. (انظر صورة الأم الشجاعة وهي تلقي الكلمة من أعلى منصة احتفالات فاتح ماي). تكريمه للشهداء لقد حول مسيرات فاتح ماي إلى مسيرات ترفع فيها صور الشهداء، التي تحملها العائلات، وقد خلق له هذا الموقف مشاكل مع السلطات، حيث واجه قرارات المنع للمسيرات الحاملة للصور، وناور بتنسيق معنا نحن ممثلو العائلات بأن نترك الصور مخبأة، وأن لا ترفعها العائلات، إلا بعد انطلاق موكب المسيرة وهو ما قمنا به، فغضبت قوى البوليس السري والعلني، بعد انطلاق المسيرة وحرص المناضلون والمناضلات على حماية العائلات، إلى غاية سينما الحرية ، »liberté" فتدخلوا واستخدموا القوة الهمجية لتفريقنا ونزعوا صور الشهداء. أتذكر أنه في مقدمة المسيرة كان الصندوق الزجاجي للانتخابات، كتعبير عن مطلبنا لإنتخابات شفافة، فقد كان الكل يتحدث عن الصناديق الخشبية التي تأتي مملوءة بأوراق من ترغب الداخلية في نجاحهم قبل انطلاق العمليات الانتخابية، وبعد الصندوق مباشرة تتقدم المسيرة العائلات، ولا زلت أتذكر أنه عند خروجنا من ملعب « الكازابلانكيز »، تم سحب الصندوق من طرف قوات الأمن واستمر مناضلات و مناظلوا النقابة في حماية العائلات، وعند وصولنا إلى شارع الحسن الثاني رفعنا صور الشهداء. نوبير الأموي اليوم الوطني لحقوق الإنسان قليلون هم نشطاء حقوق الإنسان الذين يعرفون أن يوم 3 غشت من كل سنة هو يوم احتفالنا مع "كدش" بهذا اليوم، وقد كانت مناسبة لنوبير الأموي في الخمس سنوات من نهاية الثمانينات فرصة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وجعله يوم حملة للنقابة بمعية العائلات للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وعودة المنفيين ومعرفة مصير المختطفين، وأتذكر ترتيبه لأول ملف في الموضوع بعقد ندوة داخل مقر جريدة الاتحاد الإشتراكي، بحضور عائلات المعتقلين « مجموعة مراكش و مجموعة 26 » والمرحومة ثريا السقاط، وقد نشط اللقاء صديقنا مصطفى العراقي الذي قام بنشر تفاصيله في جريدة الاتحاد الإشتراكي بالمناسبة. لقد كان يقول لنا أن هذا اليوم الوطني لحقوق الإنسان هو رمز لارتباط نضال النقابة بنضال العائلات، لأنه هو تاريخ مصادقة المغرب عن العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وهو ما يعطينا شرعية لمطالبنا هذه. ولا يفوتني أن أذكر احتضانه لاعتصام عائلات المعتقلين السياسيين بمناسبة 10 دجنبر 1987، اليوم العالمي لحقوق الإنسان بمقر « كدش »، والذي حجت عائلات المعتقلين السياسيين والشهداء والمختطفين وخاصة الأمهات والزوجات والأخوات من كل مدن المغرب، حيث تم اعتراض بعضهن قبل وصولهن لمقر ال "كدش"، وهكذا تم اعتقالهن واستنطاقهن، وقد قام هو وفريقه بالعديد من التدخلات والضغوطات والمراسلات المستعجلة، حتى تم إطلاق سراحهن جميعا في نفس اليوم، وقد كان لتدخله هذا قيمة أساسية، حيث اطلق سراحهن، خاصة أن البوليس كان قد اعتقل لجنة الدعم من الشباب من العائلات، قبل اعتقال العائلات للاستفراد بهن. هناك كذلك تشبته بإصدار تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في اغتيالات اضراب 14 دجنبر 1990، والذي أفضت تطورات الأحداث إلى إدخال هذا التقرير إلى رفوف النسيان بعد عبارة الحسن الثاني " أنا من أعطى الأمر بإطلاق النار…." التعبئة الكبرى التي حث "كدش" على القيام بها في مسيرة الرباط لمساندة الحركة النسائية سنة 2000 في مسيرة الرباط، من أجل خطة إدماج للمرأة في التنمية والتي واجهها الإسلام السياسي بمسيرة مضادة في الدارالبيضاء . هذا قليل من كثير نتذكره لنوبير الاموي الحقوقي، فلترقد روحه في سلام.