أطلقت وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان المسار التشاوري مع الفاعلين المعنيين من المجتمع المدني والبرلمان لإعداد التقرير الأولي المتعلق بإعمال الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الذي يعتزم المغرب تقديمه إلى الهيئة الأممية المعنية بمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقية المصادق عليها سنة 2013. وفي هذا الصدد، نظمت وزارة الدولة والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، لقاء تواصليا وتشاوريا حول مشروع هذا التقرير مع جمعيات المجتمع المدني عبر تقنية التناظر عن بعد، لتقاسم ومناقشة محتواه وتلقي ملاحظاتها بشأنه، وذلك لاستكمال إعداده وتقديمه إلى الآلية الأممية المعنية في أقرب الآجال. وحسب بلاغ لوزارة الدولة، فقد عرف هذا اللقاء حضور 28 مشاركة ومشاركا يمثلون جمعيات عاملة في مجال حقوق الإنسان بمختلف جهات المملكة، وتتبعه أيضا ممثلو وممثلات القطاعات الحكومية المعنية، كما ساهم فيه المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وقال الكاتب العام للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، السيد عبد الكريم بوجرادي، في كلمة افتتاحية بالمناسبة، إن هذا اللقاء يأتي في إطار المقاربة التي دأبت وزارة الدولة والمندوبية على اعتمادها في مختلف الاستحقاقات والقضايا الحقوقية، وخاصة إعداد التقارير الوطنية المتعلقة بتنفيذ التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، و"إيمانا منا بأهمية العمل التشاوري مع منظمات المجتمع المدني باعتبارها شريكا استراتيجيا وفاعلا اقتراحيا في كافة قضايا الشأن العام الوطني، ولا سيما بعد تعزيز أدواره ووظائفه بموجب دستور 2011، وتزايد حجم ومستوى إسهامه في بلورة وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية". وأكد السيد بوجرادي أن هذا اللقاء يشكل فرصة لإغناء وتجويد مضامين هذا التقرير قبل تقديمه أمام اللجنة الأممية المعنية، علما أن هذا التقرير هو الثالث من نوعه الذي تقدمه المملكة في ظرف سنتين، من أجل المناقشة والحوار التفاعلي مع اللجنة. كما يشكل هذا اللقاء، يضيف المسؤول، محطة في مسار طويل من التراكمات الإيجابية التي ساهم فيها المجتمع المدني بشكل محوري من خلال المراحل الرئيسية والمفصلية في تاريخ المملكة، ولعل أبرزها تجربة العدالة الانتقالية التي مكنت من تعزيز مسار الإصلاح العميق، التشريعي والمؤسساتي، مع تبني نتائجها في الدستور الذي جرم كل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأرسى ضمانات الوقاية وعدم التكرار. وأشار السيد بوجرادي في هذا الصدد إلى أن المملكة استكملت انخراطها في النواة الصلبة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالمصادقة على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال الاختفاء القسري سنة 2013، مما يجعلها، ملزمة بتقديم تقارير إلى اللجان التعاهدية المكلفة برصد تنفيذ الدول الأطراف لمقتضيات الاتفاقيات والبروتوكولات الملحقة بها، "وهو الالتزام الذي حرصت بلادنا على الوفاء به من خلال تقديم التقارير الوطنية الأولية والدورية بصفة منتظمة". وحسب المسؤول، فإن إعداد تقرير وطني أولي من هذا النوع، وإن كان يشكل تنفيذا لالتزام بموجب اتفاقية دولية حديثة بإبراز مجمل التدابير الخاصة بإنفاذ أحكامها والمنجز في هذا المجال والتحديات المطروحة، فإنه "يؤشر على حقيقة أساسية ينبغي الإقرار بها وهي أن الاختفاء القسري ببلادنا أصبح ممارسة من الماضي بفعل نتائج تجربة العدالة الانتقالية التي جسدت إرادة بلادنا الصريحة والقوية وجهود كل الفاعلين". وخلص السيد بوجرادي إلى أنه إذا كان موضوع التقرير الذي يهم الفترة اللاحقة لتاريخ المصادقة على الاتفاقية، سيمكننا من الانخراط في تفاعل نوعي مع اللجنة الأممية المعنية كهيئة تعاهدية، فإنه يجدر التأكيد على أن المملكة منخرطة، بشكل بناء ومسؤول، في علاقة تعاونية مع فريق العمل المعني بالاختفاء القسري، منذ نشأته، من أجل تنفيذ ولايته من خلال مده بالمعطيات والمعلومات التوضيحية بشأن ادعاءات بعض حالات الماضي التي تمت معالجتها في إطار هيئة الإنصاف والمصالحة.