قال البروفيسور عز الدين الإبراهيمي، عضو اللجنة العلمية حول فيروس كورونا، إن المغرب يعيش بعد سنة تقريبا من الإغلاق "الكوفيد لايت"، حيث أصبحنا لا نهاب انتشار الفيروس مادام أنه لا يقتل، وأعطينا لأنفسنا "استراحة محارب" للاستمتاع ولو لمدة قصيرة بالعودة لحياة عادية نرنو لها و نحلم بها منذ شهور. وأبرز البروفيسور في تدوينة فيسبوكية أنه وبعد سنة من الجهاد، مللنا كل هاته الإجراءات الاحترازية و القيود، و بقرار جماعي مسكوت عنه ومفضوح على أرض الواقع قررنا التخلي الكامل عن الاجراءات الإحترازية، فقد أصبحت الكمامة إذا حملت أكسسوارا تجميليا لجمع الشعر أو حماية الذقن أو إخفاء بعض التشوهات الخلقية. وتساءل الابراهيمي "من منا مازال يحمل الكمامة أو يرتديها كما يجب؟ بل أكثر من ذلك فقد بدأ يحس حامليها بعزلة و غربة مؤلمة، و يعتذرون دائما عن حملها، بعدما كنا قبل سنة نتظاهر من أجل الحق في الكمامة ونتهافت على حملها. أما التباعد الجسدي، يقول البروفيسور فهو في خبر كان وكلنا صرنا "بالأحضان يا وطني" و بدل بوسة، صرنا ننتقم لما فاتنا ببوسات وعناق سرمدي لا ينتهي، وأصبحنا لا نترك لبعضنا البعض أي مساحة للتنفس، فالتقارب الاجتماعي لم يعد يجدي والجسدي أصبح لازما و لازمة فنحن لم نعد نهاب الكوفيد، وعدنا لقولة "الموت مع الحباب نزاهة"،وقد كنا منذ نحو سنة نكتشف تواصل الواتساب و نحمد الله عليه. أما بخصوص التجمعات فحدث و لا حرج يضيف نفس المتحدث، فكل الحفلات والمناسبات عادت تزين و تحف مدننا وقرانا، فلقد قررنا جماعيا أن عهد الكوفيد انتهى و عدنا إلى سؤالنا المرجعي "واش الكوفيد باقي؟"، و يزايد البعض " واش كان الكوفيد كاع؟". "واش غدي يوقع كاع؟" وعاد الإبراهيمي ليتساءل "يا ترى ما هو السر وراء هذا الإحساس بالأمان الذي نعيشه في مواجهة الكوفيد ؟ الجواب البسيط هو أننا ضحايا النجاح الجزئي والمرحلي الذي حققناه والذي مكن بحمد الله من حماية الأشخاص في وضعية هشاشة صحية، ولاعتقادنا بأن أغلبيتنا أصيبوا بالفيروس و طوروا مناعة طبيعية، ممهدين الطريق إلى قبولنا لمبدأ مناعة القطيع، فأصبحنا لا نهاب انتشار الفيروس مادام أنه لا يقتل، و أعطينا لأنفسنا "استراحة محارب" للاستمتاع ولو لمدة قصيرة بالعودة لحياة عادية نرنو لها و نحلم بها منذ شهور. الحقيقة العلمية أن المغرب يعيش مرحلة ما أسميه ب"الكوفيد لايت" فنحن ليس لدينا الأدلة العلمية الكافية بأننا خرجنا من الأزمة الصحية و بالمقابل أصبح الكوفيد، في الوقت الراهن، لا يشكل المرض القاتل و المميت كما عهدناه في السابق، كل هذا في انتظار ما ستسفر عنه حربنا مع السلالات، هذه الضبابية العلمية تجعل المواطن يسأل ماذا نفعل الآن؟ و أهم من ذلك إلى متى سنستمر في هذه الوضعية؟. لهذا فقد أصبح وجود خارطة طريق مبدئية ولو جزئية للخروج من الأزمة أمرا مهما لإذكاء روح مواجهة الكوفيد وشحذ همم المواطنين، فقد سئم الجمهور العريض من المجهول وعدم وضوح الرؤيا و يقول بصريح العبارة نريد جدولة زمنية للخروج من الأزمة و بكل جرأة علمية و إذا صحت الأرقام بأن: مابين 25 إلى 30 في المائة من المغاربة طوروا مناعة طبيعية بإصابتهم بالفيروس و 12 في المائة من المغاربة طوروا أو سيطورون مناعة مكتسبة باللقاح، وغالبية الأشخاص في وضعية هشة لقحوا بالمغرب، كما أن كل المغاربة أقل من 60 سنة و بصحة جيدة لا يطورون الأعراض الحرجة، و50 في المائة من المغاربة يلتزمون بالإجراءات الاحترازية نعم و بكل جرأة، وفي رأيي الشخصي العلمي المتواضع وليس التدبيري، وإن لم نتوصل بأي لقاح و لو لأسابيع، أظن أنه من الممكن أن نجعل من بداية شهر الصيف إن شاء الله، هدفا منطقيا لتخفيف جل القيود والحفاظ على حالة وبائية متحكم بها، لذلك فلنجدد العزم كلنا لمواجهة الكوفيد لثلاثة شهور المقبلة بالتزامنا بالإجراءات لاحترازية والتعاضد والتضامن الاجتماعي حتى لا نضيع الصيف و"لبنه" ونربح تنافسية اقتصادية كبيرة لمغرب أفضل والذي من حقنا أن نحلم به.