تداعيات الاعتراف الأميركي بالصحراء المغربية، لم يكن لها وقع داخلي فقط بل بلغ صداها إلى كل أنحاء العالم، بين من أيد خطوة واشنطن وبين من ندد بها، كونها تشكل تحولا مهمّا على مستوى التوازنات الجيوسياسية بمنطقة البحر المتوسط وجنوب الصحراء، فضلا عن علاقات المغرب مع القوى الإقليمية ومنها الجارة الشمالية إسبانيا التي يبدو أنها لا تؤيد الإعلان الرئاسي الأميركي. ، وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانتشا غونزاليس لايا ، إن بلادها تجري اتصالات مع الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ، من أجل التراجع عن قرار اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالصحراء المغربية، الذي اتخذه الرئيس دونالد ترامب. المسؤولة الإسبانية و خلال برنامج إذاعي على راديو "ONDA CERO"، ذكرت أن إسبانيا ترفض تماما للتوجه الأحادي في العلاقات الدولية، معتبرة أن ملف الصحراء من اختصاص الأممالمتحدة فقط، ولا يحق لطرف واحد الحسم فيه، حسب قولها. وبهذا الشأن أكد كريم عايش، الباحث في العلوم السياسية، انه وبعد تحقيق المغرب لنصر دبلوماسي كبير، ارتفعت أصوات كانت إلى عهد قريب صامتة ومرابطة على مواقف متعددة تظهر في معظمها احتراما ربما لوضع يخدم مصالحها، واقصد هنا إسبانيا التي كانت إلى الأمس القريب القوة المستعمرة سواء في الريف أو الصحراء المغربية، ولأن التاريخ يكتبه المنتصر، أرادت أن تعتبر نفسها منتصرا في معركة تحرير الاقاليم الجنوبية وكتابة تاريخ يعاكس ما سطرته كتب التاريخ، وهو الأمر الذي أفسح عن تأكيد لعقدة المملكة المغربية لدى دول الجوار، فقد المغرب كمملكة حاليا وامبراطورية قبيل بداية الحركة الكولينيالية تاريخيا التطور والرقي، والكثير من قصيري الذاكرة ينسون أن للمغرب حضارة وامتداد وليس مجرد دول مقتطعة من طرف الاستعمار،أو ولايات عثمانية سابقة، فالعبرة بالخواتيم، وخواتيم الامتداد العثماني في المنطقة كانت إما استعمار أو انتداب، وهو مالم يكن على الإمبراطوية المغربية. وأضاف المحلل السياسي في حديثه مع "فبراير" أن هذا الحديث يتجدد حين كشرت دول الجوار عن أنيابها وانطلقت غير مستحية في محاولة لضرب مكاسبه، ومنها الموقف العجيب للدبلوماسية الاسبانية التي لم تنزل قطرة عرق الخزي على جبينها وهي تعتبر أن مقاربة مشكل الصحراء متعددة الأطراف، وكأن استقلال اقليم الباسك وكاطالونيا كان في كوكب آخر غير المملكة الاسبانية. وأشار المحل إلى ضرورة استحضار تصريح خرج من بين ثنايا وزيرة الخارجية، اعتراف بغدر دبلوماسي سيكون لامحالة بتنسيق جزائري اذ أنه علم لدى الأوساط الصحفية الأمريكية تحركات اللوبيات والسيناتورات الأمريكان الموالين للبيترودولار الجزائري قصد ضرب مرسوم اعتراف الإدارة الامريكية بمغربية الصحراء، وهو تنسيق على مستويين متوازيين دبلوماسيا بمحورين أولهما الدفاع عن ما يسميه حكام قصر المرادية شعبا صحراويا وثانيهما محور تعددية اأراف الحل الدولي بالنسبة لاسبانيا. وسجل عايش أن ما لم تقله الوزيرة الاسبانية، أن التوجه الأمريكي الجديد في إطار تقوية حلفها المحاصر للامتداد الايراني والروسي في العالم العربي، بالتالي إدماج المغرب ضمن المنظومة الأطلسية وإحكام السيطرة على المحيط الأطلسي عبر تنسيق وبناء محطات أولاهما بالمغرب الذي سيكون المركز والبوابة الاقرب لمحاصرة التهديدات الارهابية والتي تنمو داخل الأدغال الافريقية دون التمكن من القضاء عليها كما حدث بالعراق وهو ما يفرض تحديات جديدة. وأبرز ذات المصدر أن الاعتراف الأمريكي صار يزعج اسبانيا المتخوفة من صعود القوة العسكرية المغربية، وتحقيق تطور يعكس التوازن الاستراتيجي للقوى و يؤدي الى تقليص دور إسبانيا في حوض البحر الابيض المتوسط، بفعل الحضور البريطاني، الفرنسي وتعزيز القدات العسكرية الامريكية بتعاون مع المغربية كقوة جديدة تضبط ايقاع جبل طارق، وهي بالتالي أقدمت على خطأ دبلوماسي ربما سيحسب عليها مستقبلا و يحصرها في زاوية محرجة بالمقارنة مع تحولات العلاقات الدولية واعادة ترتيب تواجد مراكز القوى في العالم.