وضعت الأستاذة خديجة المروازي رئيسة جمعية "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" أصبعها على إحدى مكامن الأزمات التي ستعيشها حكومة عبد الإله بنكيران، حينما طالبت رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران خلال تقييمها للبرنامج الحكومي، بمراجعة دور الأمانة العامة وتوضيح الرؤية في كثير من القطاعات مثل الاتصال والتعليم والسكن والتشغيل"، لاسيما وقد دعت بنكيران إلى "الاضطلاع بكامل صلاحياته الدستورية بشأن إشرافه على كل المرافق والقطاعات المكونة للسلطة التنفيذية". وقد رصد التقرير ما سماه بالاختلالات التي وردت في البرنامج الحكومي المقدم أمام البرلمان"، وأضافت أنه " يستغرب لما جاء في البرنامج في باب "تعزيز حكامة المجتمع المدني" والذي تضمن تدابير من شأنها التضييق على حرية الجمعيات واستقلاليتها والحد من مبادرات المجتمع المدني". وأشار التقرير أن الحكومة تتعهد في برنامجها بتوفير كل الوسائل لتحقيق الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية، في مقابل ذلك لم يرد في البرنامج أي التزام مماثل تجاه السلطة التشريعية. وسجلت الجمعية، أن إقرار رئيس الحكومة خلال رده على تدخل الفرق البرلمانية، بمحدودية تمثيلية النساء بتركيبة الحكومة، وعلى الرغم من تعهده بمعالجة هذه المسألة، "لا يعفيه كرئيس حكومة، له كامل الصلاحية الدستورية في الاقتراح، وكمسؤول سياسي وكزعيم للأغلبية من واقع مستوى تمثيلية النساء بالحكومة". وفي أكثر من مجال سجلت جمعية الوسيط ملاحظاتها كالتالي: الاتصال:يسجل الوسيط بإيجابية التزام البرنامج الحكومي بوضع إطار قانوني موحد للممارسة الصحافية والنشر؛ وبإحداث المجلس الوطني للصحافة؛ وبالتكوين في مجال المهنة في إطار نسقي ومندمج من خلال الالتزام بإحداث أكاديمية مندمجة للتدريس. في مقابل ذلك لا يشير البرنامج الحكومي إلى مآل الهيئة العليا للسمعي البصري، ولم يتم إدراجها ضمن المنظومة التشريعية التي تعهدت الحكومة بإصلاحها خلال ولايتها. كما اقتصرت التدابير الواردة بشأن مراجعة دفاتر التحملات الخاصة منها فقط بالمتعهدين العموميين، دون الإشارة إلى المتعهدين الخواص. وعلى الرغم من تعهد أغلب الأحزاب المشكلة للحكومة في برامجها الانتخابية، بحذف العقوبات السالبة للحرية ضمن مشروع قانون الصحافة، فإن البرنامج الحكومي لم يقدم أي التزام بهذا الشأن. التعليم:أكدت الحكومة على مجموعة من الأهداف والتدابير ذات الأهمية القصوى والمتصلة بالحكامة، واستقلالية المؤسسات التعليمية، ورد الاعتبار للتخطيط، وإقرار نظام التقييم المنتظم لمنتوج وأداء المؤسسات التعليمية، وإعمال مفهوم الأحواض التربوية من خلال إحداث الشبكات المدرسية. لكن، افتقر البرنامج الحكومي في هذا القطاع للمؤشرات والمعطيات الدقيقة وغيب أية إحالة على الإطار المرجعي لنظام التربية والتكوين، بالإضافة إلى تغييب الإشكالات الثلاث التي توقفت عندها تقارير المجلس الأعلى للتعليم، والتي تخص كلا من إشكالية اللغة والتمويل والتعليم الأولي الذي لم يشر البرنامج الحكومي لأية تدابير بشأنه.
الصحة: تعهد البرنامج الحكومي بوضع الخريطة الصحية، وتوسيع شبكة المراكز الإستشفائية الجامعية، ووضع نظام يقظة لمواجهة الأمراض والأوبئة، في مقابل ذلك يسجل الوسيط عدم تقديمه لأية مؤشرات بخصوص وثيرة إحداث المناصب المالية الضرورية لتغطية حاجيات القطاع على مستوى الأطر الطبية وشبه الطبية والتمريضية، وكذا النسبة المئوية السنوية للإعتمادات المرصودة للقطاع، كما غيب البرنامج أية تدابير بشأن السياسة الدوائية. التشغيل: يسجل الوسيط بإيجابية التزام البرنامج الحكومي باحترام معايير العمل اللائق، واعتماد مقاربة التشغيل بناء على تنويع مبادرات التكوين والإدماج، وخفض البطالة إلى 8%. وإحداث المرصد الوطني للتشغيل، وإعمال الحكامة على مستوى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات وهو ما شدد عليه الوسيط ضمن مقترحاته لرئيس الحكومة في وقت سابق، غير أن الوسيط يؤكد من جديد على أن تغييب كل من الملاءمة مابين التعليم والتكوين من جهة أولى، وتعطيل الإطار التعاقدي بين الفاعلين من خلال إطلاق حوار وطني من أجل وضع وتحديد الإطار المرجعي التعاقدي حول السياسة العامة للتشغيل، من جهة ثانية سينعكس سلبا على تفعيل باقي التدابير والأهداف.