عقب تقديم البرنامج الحكومي من طرف رئيس الحكومة ، وبعد المناقشة والمصادقة عليه من طرف البرلمان، أصدر الوسيط للديمقراطية وحقوق الإنسان تصريحا إلى الرأي العام ضمنه ملاحظاته حول مضامين البرنامج الحكومي وذلك في حدود التجاوب مع مذكرته المرفوعة إلى عبد الإلاه بنكيران منتصف دجنبر الماضي التي ضمنها الوسيط 30 مقترحا وإجراء مهيكلا .. يعتبرها الوسيط ذات أولوية لتقديره بأن تفعيلها خلال السنة الأولى من عمر الحكومة سيكون له الأثر الإيجابي على السياسات القطاعية وعلى السياسة العامة للحكومة ...مطالب الوسيط أطرتها خمسة محاور كبرى, توزعت بين التنزيل الديمقراطي للدستور وتفعيل السياسات العمومية في مجالات التربية والتعليم والصحة والسكن والشغل والإعلام والاتصال... عن حدود تفاعل رئيس الحكومة مع مذكرة الوسيط ، وعن أهم المطالب أو القضايا العالقة التي لم يقدم بشأنها عبد الإلاه بنكيران أجوبة صريحة وواضحة ، تجيبنا خديجة المروازي رئيسة مؤسسة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في الحوار التالي : { تقدم الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان بمذكرة إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران تتضمن تفعيل 30 إجراء, شملت التنزيل الديمقراطي للدستور والسياسات العمومية بقطاعات التعليم والصحة والسكن والتشغيل إلى جانب الإعلام والاتصال، ما هو في تقديركم سقف الاستجابة لمطالبكم بالنظر إلى ما تضمنه البرنامج الحكومي من تعهدات ؟ بالفعل بمجرد إنهاء رئيس الحكومة مشاوراته بشأن تشكيل الحكومة، والتعيين الملكي لها، وجهنا في الوسيط يوم 13 دجنبر 2012، له ولباقي مكونات الحكومة مقترحاتنا الإجرائية الثلاثون ذات الأولوية والقابلة للتفعيل خلال السنة الأولى، وبعد إطلاعنا على البرنامج الحكومي نعتقد بأن التفاعل مع مقترحاتنا قد تم بنسبة مهمة تصل إلى العشرين مقترحا، والمسألة قابلة للاشتغال في الاتجاهين فقد يكون للحكومة نفس التقدير لتلك الأولويات, خاصة منها ذات الصلة بسياسات عمومية للقطاعات التي راكمنا الاشتغال على مستواها، وقد يكون ترافعنا بشأن تلك المقترحات مقنعا، المهم بالنسبة لدينا في هذه المرحلة هو تضمين البرنامج لمجموعة من الاجراءات ذات الطابع الأفقي والتي سيكون لتفعيلها التأثير الايجابي في مجال الصحة والتعليم والسكن والإعلام والتشغيل، ولنبدأ المرحلة الثانية لمراقبة ذلك على مستوى السياسات القطاعية والاعتمادات المرصودة على مستوى الميزانية، وعلى مستوى إعمال كل ذلك. { في تصريح الوسيط الذي أعقب تقديم البرنامج الحكومي أمام البرلمان وعلى هامش النقاشات المرافقة له من طرف مختلف الفرق البرلمانية، أبديتم مجموعة من الملاحظات الدقيقة منها غياب التأكيد العلني والصريح على اضطلاع رئيس الحكومة بكامل صلاحياته الدستورية بشأن إشرافه على كل المرافق والقطاعات المكونة للسلطة التنفيذية في بعديها القطاعي والترابي، هل يعني ذلك أن الإدارة الترابية قد تظل خارج قبضة رئيس الحكومة وبتفريط منه رغم الصلاحيات الدستورية الممنوحة له ...؟ نحن نعتبر أن دستور 2011 قد أحدث نقلة نوعية فيما يتصل بتعزيز سلطات الحكومة ورئيسها وبالتالي نعتبر أن أول حكومة يتم تنصيبها في ظل هذا الدستور الجديد، ينبغي أن تمارس صلاحياتها قطاعيا وترابيا وبشكل كامل حتى يكون لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كامل مدلوله. وحتى يتمكن الفاعل المدني أو السياسي من قياس مستوى وفاء الحكومة وأغلبيتها بكامل تعهداتها من خلال إعمال اختياراتها في مختلف مجالات السياسات العمومية. { ما هي المقترحات التي طالب بها الوسيط والمتعلقة بمراجعة دور الأمانة العامة للحكومة والتي ظلت طريقة تدبيرها مصدر انتقاد من طرف عدد من الفعاليات السياسية لدرجة نعتها ب " ثلاجة" القوانين و مقبرتها!؟ مراجعة دور الأمانة العامة للحكومة في الهندسة العامة للجهاز التنفيذي ينبغي أن تكون ضمن الأوراش الأساسية للفاعل السياسي بالدرجة الأولى، ومن المؤكد أن باقي الفاعلين لهم أيضا إسهاماتهم لتحديث هذا المرفق، لذلك نحن نعتبر أن دور الأمانة العامة للحكومة ينبغي أن يتركز على مهمتها الأساسية، كما هو الشأن في التجارب المقارنة، وذلك بالحرص على انسجام التشريعات، وينبغي أن تكون أداة ميسرة ومواكبة لمختلف مبادرات الجهاز، الحكومة والمرافق العمومية التابعة لها فيما يخص تحديث وتحيين وتجويد النصوص القانونية، وهذه المهمة تستوجب إعادة النظر في صلاحيات الأمانة العامة بما في ذلك تخليها عن بعض الوظائف التي من الأجدى أن تؤول إلى قطاعات أخرى. { شملت ملاحظاتكم على مضامين السياسات القطاعية في البرنامج الحكومي عددا من القضايا تبدو أكثر ملحاحية، مثلا بالنسبة للشق المتعلق بقانون الصحافة, لم يلتزم البرنامج الحكومي بإلغاء العقوبات السالبة للحرية رغم الأصوات الحقوقية والمهنية التي ارتفعت من أجل إلغاء العقوبات الحبسية، وهذا في حد ذاته يتناقض مع التوجهات العامة للدستور الجديد، ما هي التدابير التي ينوي الوسيط اتخاذها كمنظمة حقوقية من أجل توفير شروط بناء الثقة في المرحلة الراهنة ؟ ملاحظاتنا سجلت بإيجابية التزام البرنامج الحكومي بوضع إطار قانوني موحد للممارسة الصحافية والنشر؛ وبإحداث المجلس الوطني للصحافة؛ وبالتكوين في مجال المهنة في إطار نسقي ومندمج من خلال الالتزام بإحداث أكاديمية مندمجة للتدريس، في مقابل ذلك تساءلنا بخصوص تغييب البرنامج الحكومي لأي تعهد بشأن حذف العقوبات السالبة للحرية ضمن قانون الصحافة، على الرغم من تعهد أغلب الأحزاب المشكلة للحكومة في برامجها الانتخابية، إضافة إلى ملاحظات أخرى تخص مآل الهيئة العليا للسمعي البصري، التي لم يتم إدراجها ضمن المنظومة التشريعية التي تعهدت الحكومة بإصلاحها خلال ولايتها. كما اقتصرت التدابير الواردة بشأن مراجعة دفاتر التحملات الخاصة منها فقط بالمتعهدين العموميين، دون الإشارة إلى المتعهدين الخواص. ونعتقد في الوسيط بأن السيد وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة التقط إيجابيا تلك الملاحظات من خلال رسالة ذات صلة بالموضوع. { من المؤكد أن الوسيط استحضر أثناء توجيه مذكرته إلى رئيس الحكومة السياق العام في البلاد والمتسم بضغط المطالب الاجتماعية وارتفاع الطلب من أجل تحسين الخدمة العمومية في مجالات حيوية كالتعليم والصحة والسكن والتشغيل، لكن البرنامج الحكومي أحجم عن تقديم مؤشرات دقيقة ، كما لم يكشف عن مصادر تمويل البرامج القطاعية المعلنة، من موقعكم كمنظمة معنية بالتشخيص والرصد لمختلف السياسات العمومية، ألا يطرح هذا الأمر صعوبات منهجية في عمل الوسيط مستقبلا، وإن كان يطرح في العمق إشكالا سياسيا ودستوريا يقضي بربط المسؤولية بالمحاسبة ؟ من الطبيعي استحضار السياق العام، لأن البرنامج الحكومي يفترض فيه تقديم مشروع سياسات عمومية تجيب على تحديات الواقع ، و الذي يتسم بضغط المطالب الاجتماعية وباتساع خارطة التوتر والاحتجاج، فالمشاكل متوارثة والتحديات قائمة ,بينما التحول يبدو على مستوى الخصائص المشتركة لبنيات وأشكال الاحتجاج، والبرنامج الحكومي حين جعل من الحكامة ومحاربة الفساد عنوانا للتغيير، فإن السنة الأولى ستكون حاسمة لمعرفة الاتجاه والأولويات والإيقاع الذي يتطلبه ذلك، مع استحضار الصلاحيات الدستورية الهامة المخولة للحكومة، ويقظة المجتمع تجاه مطلب ربط المسؤولية بالمحاسبة، هذا السياق الداعم ينبغي أن يسرع من وثيرة الإنجاز داخل الزمن السياسي. أما بالنسبة لملاحظتنا بشأن النقص في الأرقام والمؤشرات في البرنامج الحكومي بالنسبة لبعض القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم مثلا، فسيجعل مهمة المشتغلين بمراقبة السياسات العمومية وتقييمها أمرا ليس بالهين، فإما أن نقيس فيها المنجز في علاقة بالأهداف وليس بالإحالة على التدابير القابلة للقياس، أو ينبغي التركيب مابين البرنامج الحكومي وكل سياسة قطاعية على حدة. فمثلا إذا أردنا تقييم سياسة الموارد البشرية المتصلة بحاجيات القطاع الصحي على مستوى الأطر الطبية وشبه الطبية والتمريضية، فلن نجد أية مؤشرات تحيل على ذلك. وسيكون مطلوبا انتظار ما سيتم تقديمه على مستوى السياسة القطاعية داخل اللجنة البرلمانية ذات الصلة. كل هذا يؤطره دستور جاء في مرحلة انتقال سياسي .. لترسيخ و تطبيق القانون و سلطة القانون للوصول إلى عدالة وسلم اجتماعي . المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في تنزيله لهذا التقرير اعتمد على مرجعية دينامية تتيح إمكانية وضع ميثاق اجتماعي جديد بدل الاكتفاء بمدونة جامدة تتضمن جردا للالتزامات و المبادئ .. و في كل هذا تم استحضار المعايير الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية التي يجب احترامها ، ثم الأهداف التي تعمل على تجسيد المبادئ و الحقوق الأساسية و تتبع تنفيذها ، مبرزا أن التعاقدات الكبرى يمكن أن تأخذ شكل اتفاقيات جماعية أو شراكات بين المشغلين و النقابات أو بين الدولة و الفاعلين الاجتماعيين ، أو بين الجماعات الترابية ومخاطبيها وبين مختلف الفاعلين. غائية التقرير .. واضعو هذا التقرير أبرزوا أن الغاية من الميثاق الاجتماعي الجديد هو تعزيز الديمقراطية الاجتماعية و تقوية التماسك الاجتماعي في ظل سياسة تنموية مستدامة . منتبهين إلى مجموعة من الانتقالات يعيشها المجتمع المغربي.. السياسية و الاقتصادية و الديموغرافية . فأما الانتقال الديموغرافي الذي يعيشه المغرب يتميز بساكنة شابة (65% من السكان يبلغون أقل من 30 عاما ) . وتزايد نسبي لأعداد المسنين . الانتقال الاقتصادي الذي يعرف دخول اتفاقيات التبادل الحر حيز التطبيق مع مجموعة من الدول الكبرى ورفع الحماية عن الأسواق المحلية واختيار نموذج تنموي قائم على استقبال رؤوس الأموال و التصدير . ثم انتقال سياسي تؤطره دينامية وطنية لإصلاحات ديمقراطية عميقة تمس ومست هياكل الدولة . الأفق و الهدف .. هو العمل أساسا على الحد من الفوارق، تحسين مستوى عيش المواطن المغربي ، بالمجمل هذه هي السياقات والخلفيات التي أخذت بعين الاعتبار لدى تنزيل هذا التقرير والذي يمكن تقسيمه إلى ستة محاور ، تراوحت ما بين الحديث عن الرفاه الاجتماعي والمعرفة و الثقافة و الإدماج وأشكال التضامن ، وبين الحوار الاجتماعي و الحوار المدني و الشراكات والبيئة الذي اختير لها محور وحيد، فيما كانت الحكامة المسؤولة والأمن الاقتصادي والديمقراطية الاجتماعية خاتمة هذا التقرير ، الذي يمكن وصفه بالرصين المحترم لمنهجية علمية صارمة في القراءة والتحليل و الخلاصات .. وهذا سيتوقف عنده كل مطلع على مضامينه. القضاء و الإعلام و الرفاه الاجتماعي .. هذا المحور قارب مجموعة مواضيع منها حماية الحق في الحياة والحق في الصحة البدنية و العقلية و الحق في الأمن الغذائي و الحق أيضا في الشغل في ظروف عمل عادلة وملائمة والحق في الولوج إلى الماء و الحق في التعليم أيضا و الحصول على سكن ، كما الحق في الترفيه و الحماية القانونية و العدالة . و الحق في الإعلام كمعطى موضوعي وأساسي لا محيد عنه . بطبيعة الحال تم استحضار المؤشرات و نقاط الضعف و الأعطاب التي تعوق ولوج المواطن إلى خدمات تعتبر أساسية حسب المعايير الدولية التي تعتمدها دول و منظمات متخصصة . سيقت آراء الهيئات الدولية فيما يتعلق بتلك الخدمات الأساسية ، كما الملاحظات و توصيات الأطراف المعنية التي تم الاستماع و الإنصات إليها من طرف المجلس الاقتصادي و الاجتماعي ، و هي على العموم ملاحظات وتوصيات لم تكن مهادنة ، بل شخصت بكل الوضوح و الموضوعية أعطابنا المغربية في خدماتنا الأساسية .. أما الرفاه الاجتماعي فكلمة و مفهوم لا يوجد إلا في الكتب و هذا التقرير ..! مثلا .. تحدث منجزو هذا التقرير عن الحق في العدالة و الحماية القانونية .. بناء على مؤشرات مرتبطة بتحسين ومراقبة الوضع القانوني للطفل و للأمومة و ضمان ولوج الجميع للعدالة و الحق في التظلم .. أبرزت السلطات العمومية من خلال ملاحظاتها ، تبسيط المساطر القضائية ، تجويد الخدمات القانونية ، تسريع البت في القضايا ، الرفع من عدد القضاة ، إحداث و تحديث محاكم الاستئناف و الابتدائي . أما رأي الهيئات الدولية بشأن محاكمة عادلة و حقوق الإنسان ، فإنها أبرزت الانتهاك الممنهج للمحاكمة العادلة, خصوصا إذا ارتبطت بصبغة سياسية.. لا تقبل دفوعات المتهمين الذي يتعرض بعضهم للتعذيب ويرفض الاستماع لشهود الدفاع ، و تنطق الأحكام اعتمادا على اعترافات قد يتم انتزاعها تحت الإكراه . كما يتم اتهام القضاء المغربي على نحو متزايد بكونه غير مستقل عن السلطة التنفيذية. وفي السياق نفسه جاءت التوصيات مطالبة بتفعيل توصيات أخرى مرتبطة بهيئة الإنصاف والمصالحة في شقها الدستوري ، و مناهضة الإفلات من العقاب، وتحسين آليات المراقبة و احترام الحق في المحاكمة العادلة . في السياسة الإعلامية لاحظت السلطات العمومية أن وضعية الإعلام تحسنت وحققت طفرة ملحوظة في ارتفاع عدد الصحف والمجلات الصادرة ، كما لاحظت محدودية المقروئية و انزياح بعض المنشورات إلى الإثارة و العنف و الإرهاب و القضايا المتعلقة بالأخلاق . التوصيات التي دونت في هذا الإطار .. انتهبت إلى تحيين تعريف لاحق في المعلومة و الضمانات المتعلقة به ، منهجية الحق في الولوج إلى المعلومة ، تحديد إطار قانوني لحماية المعطيات الشخصية و الحياة الخاصة ، كما تحسين إطار الضمانات المتعلقة بالحق في إنتاج معلومة مستقلة و تعددية و نشرها و الولوج إليها . المعارف .. و التنمية الثقافية .. هنا سجل التقرير انعدام المساواة بين المناطق الجغرافية و الفئات الاجتماعية على مستوى التعليم الإعدادي و عدم الوصول إلى المعايير الدولية في هذا المجال . مع ملاحظات و توصيات تروم توضيح العجز في توفير تعليم متاح للجميع دون ميز لاسيما للفئات الأكثر هشاشة و ساكنة المناطق المحرومة ، استمرار ارتفاع نسبة الهدر المدرسي أساسا في الوسط القروي وبين الفتيات . والقيام و هذا هو المهم بجرد حصيلة نقدية للسياسة التربوية مع استحضار مبادئ الإنصاف و ولوج التعليم و جودته ، كما تؤكد على ذلك مختلف المواثيق والإعلانات العالمية المرتبطة بالحقوق . فيما يرتبط بالتعليم العالي.. سجل التقرير عدم استجابة عرض التعليم العالي أساسا لطموحات الأشخاص واحتياجات سوق الشغل والاقتصاد الوطني مع هدر كبير للموارد و الميزانيات و الاعتمادات و الوقت المخصصة والمخصص للبحوث ..مع تدن واضح في مستوى خدمات التعليم العالي و عدم وضوح الرؤية بشأن الخريطة المتعلقة بهذا القطاع . في الثقافي و بعد التعريف بالمحتوى و المرجعيات المعيارية ، سجل التقرير في هذا المحور المكانة الضعيفة التي موقعت فيها الدولة الثقافة,حيث لم تنل ما تستحق في السياسات والاستراتيجيات الدولتية و لا يزال المكون الثقافي غير مدمج في السياسات العمومية مع غياب آليات و وسائل الحكامة المضبوطة في الحقل الثقافي وعدم احترام التعددية اللغوية و الثقافية . الإدماج و أشكال التضامن .. أدرج التقرير في هذا المحور الحق في تكافؤ الفرص و المعاملة المتساوية مع إبراز كل أنواع الحيف الذي يمس النساء و الأطفال أيضا، لكن مع ذلك سجلت الهيئات الدولية حسب التقرير ارتفاع نسبة الأمية لدى المغربيات, خصوصا في المناطق القروية والجبلية كالمنطقة الشمالية بالمغرب ، ومن ضمن الملاحظات و التوصيات.. استمرار الصور النمطية و السلوكات التمييزية ضد المرأة و الأطفال و الإناث و التسامح بشأنها . هذا المحور أيضا ناقش حماية الأسرة و حماية الأشخاص و الفئات ذات الهشاشة الاجتماعية و التدابير المتوجب سنها ، حماية العمال المهاجرين و أسرهم ، حقوق الطفل و ما يليه من إجراءات واضحة قانونية و فورية. الحوار الاجتماعي.. هذا المحور حاول الوقوف عند الحقوق الجماعية و الحوار المدني والشراكات المجددة .. في ملاحظات السلطات العمومية تم التأكيد إلى أن الدولة اختارت مقاربة جديدة في مجال التشاور و الحوار الاجتماعي في العشرية الأخيرة.. و هكذا كانت هناك مفاوضات مع الشركاء الاجتماعيين أتاحت إبرام ثلاث اتفاقات / إطار ، و اعتماد إصلاحات هيكلية في المجال الاجتماعي ، وإصدار مجموعة من النصوص التطبيقية المتعلقة بمدونة الشغل . فيما كان رأي الهيئات الدولية واضحا في كون المغرب صادق على اتفاقية حق التنظيم و المفاوضة الجماعية، لكنه لم يصادق على الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية، حيث آن بعض الفئات لا تتمتع بحق تشكيل النقابات. مع ملاحظة جوهرية وقفت عندها الهيئات الدولية و هو النمو السريع لنظام المناولة و التشغيل المؤقت الذي جعل الانتماء النقابي أمرا صعبا مع تدهور كبير في ظروف العمل. وكان من ضمن الملاحظات القوية و التوصيات التي انتهت إليها المشاورات في هذا المحور هي ضرورة تشجيع الحوار الاجتماعي بتحديد أشكاله و مستوياته و تشجيع المفاوضة الجماعية والعمل على المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحرية النقابية. البيئة و مستلزماتها .. استنادا إلى "إعلان ستوكهولم " و"إعلان ريو" بشأن البيئة والتنمية المستدامة ، أبرزت السلطات العمومية في ملاحظاتها المجهودات المبذولة .. من مثل القانون المتعلق بالماء و القانون المتعلق بحماية و استصلاح البيئة والقانون المتعلق بدراسات التأثير على البيئة و القانون المتعلق بمكافحة تلوث الهواء .. و الآليات و الوسائل التي وضعت لتقوية سؤال البيئة في البلاد .. الصندوق الوطني للبيئة، صندوق محاربة التلوث الصناعي والمقاربة التشاركية بين مختلف الفاعلين في هذا الميدان . المغرب بالنسبة للهيئات الدولية صادق على الاتفاقيات المتعلقة بالتغيرات المناخية و التنوع البيولوجي و محاربة التصحر . لكن يتم تدمير حوالي 31 ألف هكتار سنويا من المجال الغابوي .. الرعي الجائر ، اقتلاع الأشجار من أجل الحصول على مساحات زراعية ... الاستغلال المفرط لموارد الصيد البحري ، التلوث النباتي و الحيواني و كثير من الأنواع باتت مهددة بالانقراض .. مثلا بعض أنواع النباتات التي يصل عددها إلى 1641 نوعا نباتيا ، و 613 نوعا حيوانيا ، و 85 نوعا من الأسماك .. لن نجد لها أثرا في حدود سنوات قليلة . في التربة نجد مخاطر عديدة سجلتها الهيئات الدولية .. التعرية بفعل الرياح و المياه، فقدان خصوبة 22 ألف هكتار سنويا و ارتفاع نسبة الملوحة وتصحر الأراضي ، خصوصا في الجنوب و الواحات التي غطت الرمال منها 5500 هكتار .. فقط بمنطقة تافيلالت . الجفاف أيضا و الزراعات غير الملائمة .. كل هذا يهدد الامن الغذائي بالمغرب . الهواء يعاني تلوثا كبيرا ناتجا عن الوحدات الصناعية و وسائل النقل . هكذا هو حال البيئة عندنا كما رصدها التقرير . في الحكامة .. و الرشوة .. هذا المحور تحدث عن احترام سلطة القانون و التدابير التي وضعتها السلطات الحكومية لسيادة هذا القانون . لكن الملاحظات التي صاغها التقرير تتحدث على عدم فعالية التطبيق و التنزيل القانوني للعقوبات التي تخص قضية الرشوة و المرتشي التي تمثل معضلة كبرى في الجهاز التنفيذي و الشرطة و القضاء.. مؤشرات البنك الدولي تؤكد أن الرشوة مشكل جوهري في المغرب . كما أن النظام القضائي يفتقر إلى الاستقلالية و يعاني من الضعف بسبب استغلال النفوذ والحاجة الكبيرة لإصلاحه تبعا لإرادة سياسية معلنة و حقيقية. تخليق الحياة العامة والتأسيس لمبادئ المسؤولية والمساءلة و التطبيق الفعلي للقانون و صياغة خطة عمل وطنية تروم إدماج الاقتصاد غير المهيكل ومحاربة التملص الضريبي والاحتيال و الشطط في استعمال السلطة .. كان ذلك من جملة التوصيات و الملاحظات التي أثيرت في شق الحكامة.