قال وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، اليوم الجمعة بالرباط، إن التطورات والرهانات التي يفرضها عالم الشغل أضحت تدعو إلى التفكير في تطوير جيل جديد من الإصلاحات التشريعية، تواكب هذا التطور وتوفر له التأطير القانوني المطلوب. وأكد أمكراز، في كلمة افتتاحية للقاء الدراسي الذي تنظمه وزارة الشغل والإدماج المهني يومي 2و3 أكتوبر الجاري، حول "مدونة الشغل: بين النص القانوني والتطبيق الفعلي"، أن الجيل الجديد من الإصلاحات التشريعية يجب أن يستجيب لمختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، بشكل يعزز احترام الحقوق الأساسية في العمل، ويضمن الحفاظ على مناصب الشغل واستمرارية المقاولة وتعزيز تنافسيتها. وفي هذ الإطار، اعتبر أن مدونة الشغل يتعين أن تكتسي صبغة حديثة تجيب عن كل الإشكاليات الراهنة في علاقتها مع عالم الشغل وتستشرف آفاق المستقبل، بما يمكن أن يضمن لنصوصها الاستقرار اللازم. وإلى جانب هذه الإصلاحات، يضيف المسؤول الحكومي، سيتم الاشتغال لأول مرة في المملكة، على مشروع القانون الإطار للصحة والسلامة في العمل. وذكر الوزير بأن لحظة دخول مدونة الشغل حيز التنفيذ بتاريخ 8 يونيو 2004 كانت محطة أساسية بالمملكة، وتتويجا لمسار مهم من الاستشارات والمشاورات التي عرفت إعداد عدد من المسودات والصيغ، كانت آخرها صيغة سنة 2003 التي حظيت بتوافق بين الشركاء الاجتماعيين حول جل مقتضياتها، باستثناء ست نقط خلافية تم الحسم فيها على مستوى المؤسسة التشريعية. من جهته، قال رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، إن المملكة بصدد إنتاج نموذج جديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من شأنه رسم ملامح سياسة اقتصادية واجتماعية جديدة للسنوات العشرين القادمة، لذلك، يوضح السيد لعلج، لا يمكن للتشريعات الاجتماعية أن تتغاضى عن هذا العامل، مؤكدا أنه يتوجب دعم هذا النموذج الاجتماعي بقانون شغل قادر على مواجهة تحديات هذا النموذج. وتابع "أنه لتحقيق كل هذا نحن ملزمون بالمرور عبر تعاقد ثلاثي الأطراف بين الدولة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، في شكل عقد اجتماعي يرسخ اتفاقا بين هؤلاء الفاعلين من أجل مستقبل البلاد". واعتبر لعلج أن الأزمة التي يمر بها العالم بصفة عامة والمملكة بصفة خاصة، والمرتبطة بانتشار جائحة كورونا، وضعت مقتضيات قانون الشغل على المحك من أجل الإجابة على تساؤلات العمال والحقوقيين ورجال الأعمال، خصوصا أن هذه الأزمة أبرزت ضرورة دمج القطاع غير المهيكل. من جهته، قال الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ميلودي موخاريق، إن الاتحاد يدرك بوعي وطني وحساسية هذه المرحلة التاريخية وإكراهاتها على كل المستويات، معتبرا أنها تشكل فرصة تتيح للحكومة مراجعة مقارباتها لكل الإشكالات الهيكلية، وتجعل من هذه الظرفية العصيبة فرصة لبناء وحدة الصف الوطني وإعادة الاعتبار للأجراء والعمال باعتبارهم قوة العمل. وأضاف أن هذه المرحلة تعد كذلك فرصة للحكومة لتحمل مسؤوليتها في حماية عموم الأجراء والدفاع عن حقوقهم المشروعة، وعلى رأسها الحق في الحفاظ على مناصب الشغل وضمان قوتهم اليومي وإحداث تعويض لائق عن فقدان الشغل للأجراء الذين لم يحصلوا عن تعويض عن فقدان عملهم. بدوره، أكد الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النعم ميارة، أن الحركة النقابية والعمال والعاملات جزء أساسي ومحوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مبرزا أن المغرب يعيش في ظل أزمة اقتصادية حقيقية، لا تتعلق فقط ب"كوفيد 19″، ومعتبرا أن بوادرها ظهرت قبل الجائحة، من خلال سياسات لا تسير في صالح التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف السيد ميارة أن الاتحاد سيكون منفتحا على كل ما سيصدر عن هذا اللقاء، الذي يعتبر قاعدة من أجل تفاوض حقيقي ثلاثي الأطراف. من جانبه، قال الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عبدالإله الحلوطي، إن برمجة موضوع مدونة الشغل في هذه الظرفية يعد فرصة للتفكير الجماعي، من طرف مختلف الفاعلين، مما سيساعد على تناول مختلف القضايا المتعلقة بمدونة الشغل وأضاف أن مدونة الشغل تعد تعبيرا عن مبدأ الشراكة والتعاون والتوافق، مبرزا أن منطق التعاون كفيل بالإسهام في تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في كرامة العمال والمستخدمين، وأن مشاريع القوانين المرتبطة بالأوضاع الاجتماعية للعمال تتطلب تشاورا وتعاونا في إطار البحث عن المصلحة العليا التي يسعى اليها الجميع. بدوره، أكد خالد العلمي الهوير، عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن مدونة الشغل تعتبر إحدى النقاط المضيئة ومكتسبا اجتماعيا وقانونيا في تدبير العلاقات بين أطراف الإنتاج، بعد نضال الطبقة العاملة، وثمرة حوار اجتماعي ثلاثي الأطراف أنتج نصا قانونيا يعتبر متقدما ومتلائما مع المعايير الدولية. واعتبر أن هذه الأزمة غير المسبوقة عرت العديد من أوجه الأزمات البنيوية على كل المستويات، مشيرا إلى أن هذا السياق الصعب يطرح على الحكومة وكل المؤسسات تحديات جديدة، كما من شأنه أن يعيد ترتيب الأولويات الوطنية ويجعل من القضايا الاجتماعية محور الاهتمام وصلب كل السياسات العمومية. وفي كلمة خلال اللقاء، دعا رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، محمد العموري، إلى إشراك الكونفدرالية في مختلف مراحل الحوار الاجتماعي للتداول في جميع القضايا المرتبطة بالقطاع الفلاحي والحرص على أن تكون كاملة العضوية في لجنة اليقظة الاجتماعية، لتلبية انتظارات المهنيين الفلاحيين. واعتبر أن تنظيم هذه التظاهرة يكتسي أهمية بالغة، إذ سيمكن مهنيي القطاع الفلاحي من إدلاء وجهة نظرهم حول هذه المدونة، وتشمل على الخصوص مراعاة الخصوصيات القروية والفلاحية، لضمان مزيد من المرونة والواقعية في تطبيق النصوص القانونية لمدونة الشغل. ويأتي تنظيم هذا اللقاء في إطار السهر على تفعيل كافة الالتزامات الواردة في اتفاق 25 أبريل 2019، وتنفيذا لكافة المقتضيات الواردة في البرنامج الحكومي برسم الولاية التشريعية العاشرة 2016-2021. ويهدف هذا اليوم الدراسي، الذي سيؤطر أشغاله ثلة من رجالات القضاء والأكاديميين والباحثين المهتمين، سواء عن بعد أو بشكل حضوري، إلى استجلاء علمي للإشكالات والصعوبات التي تحول دون التطبيق السليم لبعض مقتضيات مدونة الشغل، وكذا بعض فراغات النص القانوني التي خلفها التطور المتسارع لعالم الشغل، وذلك من خلال القراءات التي سيقدمها نخبة من رجالات القضاء والفقه، وكذا العمل على رصد عدد من الأحكام القضائية ومواقف المحاكم المختصة التي حاولت سد الثغرات وتجاوز قصور بعض النصوص القانونية. وسيعرف اللقاء تنظيم ورشات موضوعاتية تهم "الإشكاليات المرتبطة بحالة الطوارئ والأزمات ومدونة الشغل"، و"علاقات الشغل الفردية والجماعية: بين الاستمرارية والإنهاء ومواكبة تطورات سوق الشغل"، و"عناصر الأجر وظروف العمل والوساطة في التشغيل وراهنية سوق الشغل ".