كانت مواقفه كصرخات مدوية في الأوساط السياسية المغربية، خاصة اليسار الذي تربى فيه، وتشرب من فكره والتزم بالنضال إلى جانب الطبقات المسحوقة والفقيرة. المتابع لسيرة الرجل الراحل الدكتور عبد المجيد بوزوبع يجد نفسه أمام أمام سياسي كبير ومناضل لا يسعه إلا أن يفخر بمنجزه الفكري والتزامه النضالي والمهني. عادة في اللحظات الصعبة واشتداد القمع يختار المواطن العادى الابتعاد تماما عن المجال العام ويحتفظ بآرائه السياسية لنفسه ويتفرغ لكسب العيش وتربية أولاده، لكن بوزبع اختار الطريق الصعب والمسلك الوعر وقرر أن يجاهر بمواقفه وقناعاته. عاش تجربة النضال سنوات الرصاص بمصاعبها الكبيرة والخطيرة، التي واجهته منذ اليوم الاول الذي قرر فيه دخول العمل السياسي، والتقلبات والهزات التي واجهها المغرب، ولم يغير ذلك من مبادئ الرجل ولا انحاز عن المسار الذي رسمه لنفسه. كان بوزبع يؤدي ضريبة التزامه النضالي، وتعرض للمضايقات وصلت إلى حد سجنه، عندما كان أشباه المناضلين ينعمون بامتيازات قربهم من دوائر القرار. ظل متشبثا بمواقفه السياسية كمن ينزف حتى ترجل عن دنيا الناس وطويت صفحة من صفحات رجال المغرب الكبار. ساهم في تأسيس نقابة البديل الممثلة في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وشارك بدءا بإضرابات التعليم والصحة في 10 و11 ابريل 1979 والاضراب العام التاريخي ل20 يونيو 1981 والاضراب العام المشترك ل14 دجنبر 1990 كما قاد لجنة التنسيق الوطنية والدولية لرفع الاعتقال عن المناضل نوبير الأموي الذي اختطف من مقر المركزية في 24 ابريل 1992 و حكم هو ورفاقه النقابيين المعتقلين النقابيين واليساريين كما تعرض للاعتقال مباشرة بعد عقده لندوة صحفية بفندق بالعاصمة الرباط وصدر حكم بسجنه لمدة سنة . وقف مع الطبقات الفقيرة، وظل إلى آخر يوم من حياته، لأنه يعتبرها قضيته الأولى في مشروعه في التغيير الديمقراطي، واجتثاث اهدار كرامة المواطن، وساهم في تمويل وتغطية نفقات عمليات جراحة القلب والشرايين استفاد منها مجانا عدد كبير من المرضى الفقراء. وعاشر زعماء سياسيين كبار أمثال عبد الرحيم بوعبيد ؛ عبد الرحمان اليوسفي والفقيه البصري رحمة الله عليهم ونوبير الاموي ومحمد اليازغي وفتح الله ولعلو والأستاذ المحامي خالد السفياني وسي محمد الساسي و عبد القادر ازريع. وغيرهم من القامات السياسية والنقابية الاشتراكية واليسارية والديمقراطية التي عرفها المغرب . رفض بوزبع وتعفف عن أكثر من عرض قدم له لتليين مواقفه، وإغراءات مجزية، ولكنه كان يشعر أنه لوقبل فسيخسر نفسه ولن يربح إلا الفتات. يقول رفيق دربه لمدة أربعين سنة، علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل ورئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أنه من الصعب جدا الإدلاء بشهادة في حق هرم كبير، من حجم المرحوم الدكتور عبد المجيد بوزوبع، وبخصاله، ومساره النضالي والكفاحي السياسي والنقابي والحقوقي الوطني والعربي، وفي أصعب الفترات من التاريخ السياسي للمغرب التي تميزت بالصراع السياسي والطبقي، و التزاماته المهنية الواسعة النزيهة والقريبة جدا من فقراء الأمة. وأضاف في تصريح خص به "فبراير"، أن الراحل الدكتور عبد المجيد بوزوبع قدم خدمات جليلة للوطن، وظل وفيا لخدمة قضايا وهموم الطبقة العاملة و للمسلسل الديمقراطي بلادنا والإشادة بمواقفه النضالية البطولية طيلة ما سمي بسنوات الجمر والرصاص. وتابع قائلا " لن استطيع طبعا أن أوفي بجميع مناقبه وخصاله ومساره النضالي رغم إنني كنت قريب منه طيلة أزيد من أربعين سنة وتتلمذت على يديه وتعلمت أبجديات النضال النقابي والسياسي ،منذ بروز أول حركة جنينية لتأسيس حركة نقابية بقطاع الصحة ؛ التي تحمل فيها المرحوم مسؤولية كاتبها العام فضلا عن مساهمته الكبرى في تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وتحمله مسؤولية نائب الكاتب العام لهده المركزية بجانب رفيق دربة الأستاذ نوبير الأموي اطال الله في عمره ، هده بجانب العمل المهني المشترك الدي كان يجمعني وأياه في عصبة القلب والشرايين بمستشفى ابن سينا بالرباط . ووصف لطفي الراحل بالهرم الكبير، ومناضل من العيار الثقيل، وهب حياته من اجل خدمة قضايا الوطن والمواطنين وقضايا الطبقة العاملة وعموم المأجورين ولكل القضايا التي يؤمن بها ، في الكفاح والنضال الاجتماعي والسياسي في أبهى صوره وبأخلاق عالية وحوار هادى وبإيمان قوي بالمبادئ الانسانية والقيم الحضارية والوطنية في خدمة قضايا الناس وقضايا الوطن ووحدته وتماسكه واستقرار ومضى يقوول " ما أصعب علينا كمناضلين عاشروا الفقيد عن قرب أن نتحدث عن أخينا وأستاذنا ومربينا وفقيدنا وفقيد الطبقة العاملة المغربية وفقيد الوطن المناضل الشريف الأستاذ الطبيب الدكتور بوزوبع، الذي خصص القسط الأكبر من حياته في النضال السياسي والنقابي والحقوقي والمهني ، ظل طيلة حياته يحظى بتقدير واحترام كبيرين من لدن جميع زملائه الأساتذة في الطب وطلبته في كليات الطب والصيدلة وجراحة الأسنان كأستاذ طبيب ذو كفاءة عالية وعاشره أساتذة كبار على المستوى الوطني والدولي، منهم الدكتور الشيخ بيد الله وزير الصحة السابق والدكتور العراقي مولاي احمد والدكتور العلمي وزير الصحة السابق والدكتور رشيد البقالي مدير مؤسسة للاسلمي لمحاربة السرطان والدكتور سورات عبد الرحيم طبيب مختص في القلب والشرايين". وتابع قائلا " ستظل فئة كبيرة من أساتذة الطب الذين تتلمذوا على يديه أو اشتغلوا إلى جانبه في التدريس والعلاج تذكره وتحفظ ميراثه المهني والإنساني . وأوضح لطفي أن بوزوبع" طبيب وأستاذ مربي، ومؤطر ومناضل ذو فكر ثاقب ورؤية مستقبلية وتابث على مبادئه ومثله العليا ومتشبت دوما بمواقفه وقناعته الراسخة التي تتماشى مع مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان حد الالتزام والتضحية واسترسل قائلا "ظل اسم بوزوبع مرادف لطبيب القلب والعمل الإنساني وطبيب الفقراء والكادحين والمناضلين واسرهم والمعتقلين السياسيين وأسرهم . ظل اسمه منحوت في إذاعة طنجة مع الصحفية المقتدرة. أمينة السوسي اطال الله في عمرها، .والصحفي المقتدر المرحوم خالد مشبال ؛ ومع احد المحسنين ؛ في تمويل وتغطية نفقات عمليات جراحة القلب والشرايين استفاد منها مجانا عدد كبير من المرضى الفقراء" لم يكن بوزبع وحده في هذه السفينة التي عصفت بها الأمواج ولكنه كان ربانها. في اللحظات الأخيرة من حياته ظلت عيناه تشعان من خلف نظارتيه، وظلت أحلامه تساعده على الصمود، وإن تهاوت آماله بتغيير قريب يعيد لكل ذي حق حقه. كل رحلة لها نهاية، وصل قطار بوزبع إلى محطته الأخيرة في دنيا الناس، وترجل منه مرهقا من وعثاء سفر لم يكن مريحا وسهلا طيلة الرحلة.