شرعت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، اليوم الخميس، في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية المعدل للسنة المالية 2020. وهكذا، أكد رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصطفى ابراهيمي، أنه إذا كانت القوانين التعديلية تقضي بتكييف التوقعات الأصلية مع تغيير الظرفية الاقتصادية والسياسية نتيجة متغيرات لم تكن متوقعة، فإن السياق الذي فرض هذا التعديل يعد استثنائيا بكل المقاييس، إذ جاء، حسب السيد ابراهيمي، نتيجة لتفشي جائحة « كوفيد 19 » التي ضربت جميع الدول ومن بينها المغرب، وخلفت آثارا وتداعيات على الاقتصاديات وعلى المستوى الاجتماعي. وتابع بالقول « نناقش مشروع قانون المالية التعديلي بحس وإجماع وطني » عبر انفتاح الحكومة لاستجماع الآراء والمقترحات بشأن إنعاش الاقتصاد الوطني، ومحاولة إيجاد حلول لتجاوز تداعيات هذه الأزمة. من جهته، أكد كريم البيطار عن فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن القانون التعديلي للمالية يجب أن يكون فعليا اليوم، مرتكزا على دعم الاستهلاك وكذا الاستثمار باعتبارهما مكونين رئيسيين للطلب الداخلي، خصوصا استثمارات المقاولات العمومية من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية. وثمن، بهذا الصدد، تبني سياسات عمومية واقتصادية ظرفية، تهم على التوالي سياسة موازناتية معاكسة للدورة الاقتصادية، بمعنى سياسة توسعية مبنية على الإنفاق وخلق الدخل، وسياسة نقدية مسهلة للسياسة الموازناتية. بدوره، قال رئيس فريق التجمع الدستوري بمجلس النواب، توفيق كميل، إن مشروع القانون الذي تعرضه الحكومة اليوم، الذي يعتبر « أكثر من مجرد تصحيح للوضعية المالية الصعبة في مرحلة تاريخية استثنائية، يعد تحفيزا حقيقيا لمواكبة الإنعاش الاقتصادي الشامل، في مرحلة تتسم بكثير من الضبابية والردات الوبائية »، وذلك بالنظر للسياق العام الذي يندرج في إطاره هذا المشروع، والمتسم بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها أزمة « كوفيد 19 » على الأنشطة الإنتاجية والخدماتية في القطاعات المختلفة، وتأثيرها السلبي على الدورة الاقتصادية برمتها. وتابع السيد كميل بالقول « صحيح أن مشروع الموازنة المعدلة يستهدف تصحيح الاختلالات المالية وضبط الفرضيات السابقة وملاءمتها مع الظرفية والمؤشرات الجديدة »، غير أن حقيقة الوضعية، في نظره، « تحتاج تحقيق عودة ناجعة للدورة الاقتصادية، واستعادة لقوة ومناعة الاقتصاد الوطني، وإشاعة أجواء من الثقة بين مختلف الفاعلين والمتدخلين ». من جانبه، أكد رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، نور الدين مضيان، أن مشروع قانون المالية التعديلي كان ينتظر أن يشكل مدخلا لإعادة النظر في الاختيارات والأولويات والاستراتجيات المبنية على نموذج تنموي ليبرالي، أبانت الجائحة عن آثاره ونتائجه السلبية، بما فيها أساسا تمركز الثروة لدى الأقلية القليلة من المغاربة وتوسيع قاعدة الفقر والفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية. وأضاف السيد مضيان « كان ينتظر كذلك أن يشكل هذا المشروع فرصة ثمينة لبناء مغرب ما بعد كورونا، (…) مغرب العدالة الاجتماعية والتوازن المجالي، في إطار سياسة تنموية يكون المواطن في صلبها »، مشددا على أنه يتعين في هذه الظرفية انتهاج استراتيجيات طموحة للقطاعات الاستراتيجية، التي تشكل الركائز الأساسية والمستقبلية للاقتصاد الوطني، وبلورة مخططات وقائية واستباقية للتحفيز الاقتصادي. واعتبر رئيس فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب، محمد مبديع، من جهته، أن الأزمة الصحية أتاحت فرصا لتعزيز المنتوج المغربي، معتبرا أنه يتعين تطويرها من خلال إجراءات وتحفيزات، ومضيفا أن قانون المالية التعديلي يجب أن يتضمن مبادرات أكثر شجاعة وأكثر قوة وحضورا في الاقتصاد وفي الجانب الاجتماعي وبعد أن لفت السيد مبديع إلى أن العديد من القطاعات تراجعت ويجب إنعاشها لكي تستأنف الانتاج وإحداث فرص الشغل، أبرز أنه يجب أيضا مساعدة المقاولات والتجار، خصوصا قطاعات التي تشغل فئة كبيرة، من قبيل قطاع البناء، وذلك من خلال إجراءات إدارية تحفيزية. بدوره، أكد، شقران أمام، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن مناقشة مشروع القانون المالي التعديلي يعد محطة تاريخية نتيجة الظرفية الاستثنائية التي تعيشها المملكة والعالم، والتي تستدعي الكثير من البحث والتبيين لخلاصات هذه المرحلة وتداعيات الجائحة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن الجائحة ستساهم في تغيير عدد من الاختيارات والأولويات وأيضا ما يتعلق بالدور الحمائي للدولة، مسجلا أن تحديات الجائحة لم تكن صحية واقتصادية واجتماعية فحسب، بل مثلت امتحانا حقيقيا لقدرة مؤسسات البلاد على احترام القانون وعلى الاجتهاد والإبداع في إيجاد الحلول. من جانبها، أكدت عائشة لبلق، رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن قانون المالية التعديلي « متواضع » ولا يتضمن « أي جديد »، معتبرة أنه يقتصر على تدابير تم اتخاذها في إطار لجنة اليقظة الاقتصادية، ومشيرة إلى أنه « كان من المنتظر الانطلاق في المرحلة الثانية في خطة إنعاش الاقتصاد الوطني ».