يواصل رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، سلسلة مشاورات مع الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية ومختلف الفاعلين الاقتصاديين، حول الرؤية الاقتصادية التي ستطبع مشروع قانون المالية التعديلي. وعبّر رؤساء الفرق البرلمانية بمجلس النواب، في اجتماع لهم مع الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، الجمعة الماضية، عن استعدادهم لإنجاح مبادرة الحكومة في تعديل قانون المالية وإحاطته بكافة الضمانات الدستورية والقانونية. وينتظر البرلمان، بمجلسيه النواب والمستشارين، تسلم مشروع القانون التعديلي لقانون المالية لمباشرة مسطرة المناقشة والتصويت عليه وفق الآجال القانونية. وأكد امبارك الصادي، رئيس مجموعة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، في تصريح ل "الصحراء المغربية"، أن وضع قانون تعديلي لقانون المالية أصبح ضرورة واقعية، وهو ما دفع برئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، إلى الإعلان عنه، وإطلاق مشاورات موسعة مع الأحزاب والنقابات بخصوص هذا المشروع التعديلي، متوقعا أن يتضمن مشروع قانون المالية الجديد فرضيات النمو الاقتصادي على الصعيدين الوطني والدولي، مع تركيز وتقوية دور الدولة لإعادة إطلاق وإنقاذ البنية التحتية الاقتصادية ومساندتها، وإعادة إطلاق عملية خلق الثروة والقيمة المضافة، مثمنا إجراءات الرفع من النفقات وإعادة توجهيها لدعم الاقتصاد الوطني فيما تبقى من السنة المالية وما سيليها. وحدد القانون التنظيمي لقانون للمالية في المادة 51 منه المدة الزمنية التي يمكث فيها مشروع قانون المالية التعديلي بالبرلمان، إذ نص على ألا تتعدى تلك الفترة مدة خمسة عشر يوما الموالية لإيداعه من طرف الحكومة لدى مكتب مجلس النواب، ويبت مجلس النواب في مشروع قانون المالية المعدل داخل أجل ثمانية أيام الموالية لتاريخ إيداعه. وتتعلق أهم المرتكزات التي من المتوقع أن يتضمنها مشروع قانون المالية التعديلي، بإعادة النظر في الفرضيات الاقتصادية الموضوعة، والرفع من كفاءة الإنفاق العام أخذا بعين الاعتبار أولويات الصحة العمومية ومعالجة التأثيرات الطارئة على واقع الاقتصاد الوطني، وإنقاذ موارد الدولة الجبائية عن طريق نظام تحفيزي انتقالي يتضمن الأخذ بعين الاعتبار إكراهات الملزمين وتوفير حوافز جبائية ظرفية من أجل مواجهة الأزمة. ويكرس مشروع قانون المالية التعديلي أولويات من قبيل التعليم والبحث العلمي والصحة والتشغيل والحماية الاجتماعية، مع التركيز على التحول الرقمي بوصفه رافعة للتنمية، مع تحيين الفرضيات التي تم اعتمادها لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020 والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية، ووضع توقعات جديدة أخذا بعين الاعتبار تأثير الأزمة على عجز الميزانية وميزان الأداءات والدين، ووضع خطة عمل متعددة السنوات لإنعاش النشاط الاقتصادي وفق مجموعة من السيناريوهات والمؤشرات الماكرو اقتصادية ارتباطا بسرعة استئناف القطاعات الاقتصادية لنشاطها والتي يمكن أن تتم وفق آفاق زمنية مختلفة، ومن جهة أخرى بمسار تطور كل قطاع مقارنة بالآخر. وينص الفصل 49 من الدستور على أن المجلس الوزاري يحدد التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة، ومشاريع مراجعة الدستور، والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية ومشاريع القوانين. كما تنص المادة 46 من القانون التنظيمي لقانون المالية أن الوزير المكلف بالمالية يقوم بإعداد مشاريع قوانين المالية، تحت سلطة رئيس الحكومة، وطبقا للتوجهات العامة المتداول بشأنها في المجلس الوزاري. وفرضت جائحة فيروس كورونا المستجد ضرورة تعديل قانون المالية الحالي، بعدما باتت مجمل التوقعات المالية التي وضعتها الحكومة غير قابلة للتحقق، حيث أثرت الخسائر الاقتصادية والتأثيرات الجانبية لوباء كورونا على الاقتصاد الوطني والدولي، وعلى الفرضيات والحسابات والتوقعات التي أصبحت غير صالحة في قانون المالية الحالي. واستعانت الحكومة لمواجهة الأزمة بلجنة لليقظة الاقتصادية، التي وضعت خطة استباقية لإنعاش النشاط الاقتصادي منذ انتشار الفيروس وإعمال الحجر الصحي.