استبعد محللون فلسطينيون أي دور عربي حقيقي لدعم الموقف الفلسطيني في مواجهة خطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربيةالمحتلة لسيادتها، فيما أعرب مسؤول فلسطيني رفيع عن تفاؤله بتحويل رفض العرب لفكرة الضم لأدوات فعالة لمنعها. واعتبر المحللون، أن موقف الدول العربية تجاه ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية لن يختلف عن مواقفها السابقة تجاه القضية الفلسطينية التي لم تتجاوز مربع التصريحات السياسية دون أي فعل حقيقي على الأرض. ونهاية أبريل الماضي، اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، على بدء عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية أول يوليوز المقبل، تشمل غور الأردن وجميع المستوطنات بالضفة الغربية. وردا على نوايا الضم الإسرائيلية، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الشهر الماضي، أنه أصبح في حلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما فيها الأمنية. وعلى المستوى العربي، عبرت كل من الأردن والسعودية وتونس والإمارات عن رفضها مساعي إسرائيل لضم أراض فلسطينية، وحذرت من تبعات ذلك على أمن واستقرار المنطقة. تصريحات سياسية ودعم اقتصادي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، أيمن يوسف، رأى أن "المواقف العربية لن تتعدى التصريحات السياسية، إلى جانب بعض الدعم الاقتصادي من دون انعكاسات جدية على أرض الواقع". وأضاف يوسف، أن "العديد من الدول العربية تواجه صعوبات محلية نتيجة الربيع العربي وجائحة كورونا وغير ذلك، وواقعها لا يسمح باتخاذ خطوات مختلفة عن مواقفها السابقة تجاه القضية الفلسطينية". وتابع: "من المستبعد أن تلجأ الدول العربية لاستخدام البترول، أو فرض عقوبات على الدول التي تتعاطى مع إسرائيل". ويعتقد يوسف، أن الموقف الفلسطيني "المتشرذم"، كما وصفه، نتيجة الانقسام السياسي بين حركتي "حماس" و"فتح"، لا يشجع على رسم استراتيجية فلسطينية عربية موحدة لمواجهة المخططات الإسرائيلية الأمريكية. وأردف: "الوضع الفلسطيني المنقسم سهل تسلل إسرائيل نحو الدول العربية، وتطبيع العلاقات معها، بذريعة أن الفلسطيني غير قادر على إدارة ذاته". وأكد يوسف، أن التوجه الفلسطيني نحو الوحدة قد يشكل مانعا أمام بناء الدول العربية أية علاقات مع إسرائيل. واعتبر يوسف، أن "التطبيع مع الاحتلال الذي يسرق الأرض ويصادر ممتلكات الفلسطينيين لن يعود بأي فائدة على أي دولة عربية". وتشهد الساحة الفلسطينية حالة من الانقسام منذ يونيو 2007، عقب سيطرة حركة حماس على غزة، في حين تدير حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس الضفة الغربية، ولم تفلح العديد من الوساطات والاتفاقيات في تحقيق الوحدة. دول لا تحسد على واقعها ومتفقا مع يوسف، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، إن "الدول العربية لا تحسد على واقعها، حيث التفكك والانشقاقات والمشاكل الداخلية، وأي خطوات تجاه دعم القضية الفلسطينية ستكون ضعيفة وغير فعالة". وذكر المصري،أن "دولا عربية مثل الأردن، هددت بأن كل الخيارات مفتوحة تجاه العلاقة مع إسرائيل، في حال تمت عملية الضم. نحن بحاجة لأكثر من ذلك فيجب أن يتوقف التطبيع العربي، ويتم تجميد معاهدات السلام مع إسرائيل، وأن تستخدم الدول العربية أوراقا اقتصادية وسياسية". ورأى أن "حالة التفكك العربية والحرص على كسب ود واشنطن لا يمكن أن تقود إلى فعل حقيقي لمواجهة المخططات الإسرائيلية". وشدد المصري، على أن الركيزة الأساسية لأي موقف عربي جدي مرهون بالموقف الفلسطيني ووحدته، لكن ذلك غير متوفر في ظل الانقسام الداخلي الفلسطيني. الوضع العربي ضعيف من جهته، قال الكاتب الصحافي محمد هواش، إن "الوضع العربي هش وضعيف، ولا يوجد آليات عربية حقيقية لدعم الفلسطينيين، بسبب انشغال المعظم بمشاكله الداخلية وقضاياه". وأضاف هواش، إنه "برغم أن العرب يعتبرون القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى، لكن لا يمكن الحديث عن قدرة عربية على اتخاذ قرارات سياسية ذات تأثير، بسبب شبكة المصالح مع الولاياتالمتحدة والغرب عموما". واستبعد أن تخطو أي دولة عربية نحو استغلال علاقاتها ونفوذها للضغط بتجاه منع الضم الإسرائيلي للضفة. "لن يقبل العرب بالضم" في السياق ذاته ولكن من وجهة نظر مختلفة أعرب نبيل شعث، الممثل الشخصي للرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن تفاؤله من إمكانية تحويل الرفض العربي لخطط الضم الإسرائيلية إلى أدوات فعالة لمنعها ووقفها. وقال شعث: "لا أعتقد أن أي دولة عربية ستقبل بفكرة الضم التي تخالف كل الاتفاقيات والقوانين الدولية". وأضاف: "طلبنا اجتماعا سريعا لوزراء الخارجية العرب، وسنعرض عليهم صورة الوضع الحالي ونطلب دعمهم الدولي". وحث شعث الدول العربية على "استخدام نفوذها الدولي من أجل وضع الضغوط على إسرائيل". وأردف: "سنقود حراكا في العالم من خلال مؤسسات الأممالمتحدة، لوقف كل الخطط الإسرائيلية، والعمل على إنهاء الاحتلال". لكن المسؤول الفلسطيني الرفيع، يعتبر أن الخطوة الأولى لوقف خطط الضم الإسرائيلية، يجب أن تكون من الجانب الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال والاستيطان. وشدد على أن كل الخطوات مفتوحة أمام الفلسطينيين لمواجهة الخطط الإسرائيلية والأمريكية. والشهر الماضي، دعت منظمة التعاون الإسلامي، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع خطط إسرائيل الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت المنظمة (تضم 57 دولة) في بيان لها، إن "أية إجراءات أحادية تقوم بها إسرائيل تجاه ضم الأراضي العربية لا تخدم عملية السلام وتتعارض مع قرارات الشرعية الدولية". ونهاية أبريل الماضي، أكدت الجامعة العربية، في ختام اجتماع لوزراء الخارجية العرب عقد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، على رفض مخططات الضم الإسرائيلية. واعتبرت أن إقدام حكومة الاحتلال على تنفيذ مخططاتها بضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، يمثل جريمة حرب جديدة تضاف إلى السجل الإسرائيلي الحافل بالجرائم بحق الشعب الفلسطيني". وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة المحتلة. وحذر الفلسطينيون مرارًا من أن الضم سينسف فكرة حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) من أساسها. الأناضول