بعد أزمة المهاجرين، يضع فيروس كورونا المستجد وحدة الاتحاد الأوروبي على المحك، إذ تدين دول جنوب القارة "أنانية" دول الشمال التي تهدد مستقبل أوروبا. وتعجز دول الاتحاد الأوروبي على الاتفاق على خطة مالية مشتركة قوية في مواجهة أزمة صحية غير مسبوقة، يبدو أنها ستسبب ضررا كبيرا باقتصاد التكتل. وحذر الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جاك دولور، من أن "المناخ الذي يبدو سائدا بين رؤساء الدول والحكومات وغياب التضامن الأوروبي يمثلان تهديدا قاتلا للاتحاد الأوروبي". فعلى غرار ما حصل خلال أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، التي بدأت عام 2010 في أعقاب أزمة عام 2008 المالية، عاد الشرخ القديم للظهور بين دول الشمال، مثل ألمانيا وهولندا التي لها سياسة مالية عمومية سليمة، وبين دول الجنوب على غرار إيطاليا وإسبانيا وحتى فرنسا، التي تتهم بالتراخي في تطبيق القواعد الضابطة للموازنة. ووجه رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي، الذي تعد بلاده الأكثر تضررا في العالم من الفيروس لناحية عدد الوفيات (10 آلاف)، دعوة إلى الاتحاد الأوروبي "لكي لا يرتكب أخطاء مأساوية". وأضاف في تصريح إلى جريدة إل "سولي 24″، اليوم السبت، "يوجد خطر بأن يفقد الاتحاد الأوروبي سبب وجوده". وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الخشية ذاتها، وقال في تصريحات لصحف إيطالية يوم أمس الجمعة، "لن نتغلب على هذه الأزمة دون تضامن أوروبي قوي على مستوى الصحة والموازنة". وتساءل ماكرون "هل يختصر الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو بمؤسسة مالية ومجموعة قواعد شديدة المرونة تسمح لكل دولة بالتصرف بشكل أحادي؟ أم نتصرف معا لتمويل مصاريفنا وحاجياتنا خلال هذه الأزمة المصيرية؟". ودعت إيطاليا وإسبانيا وفرنسا و6 دول أخرى في منطقة اليورو هذا الأسبوع إلى إصدار سندات دين مشتركة لتعبئة الموارد من السوق لصالح جميع الدول الأعضاء.