قال صندوق النقد الدولي، الخميس 6 فبراير2020، إن دول الخليج العربية، التي تعد من أغنى دول العالم، قد تنفد ثروتها المالية في غضون اﻷعوام الخمسة عشر المقبلة، في ظل تدني إيرادات النفط والغاز، ما لم تُسرّع خطى الإصلاحات المالية. وتسهم دول مجلس التعاون الخليجي الست -التي يقدر صندوق النقد صافي ثروتها المالية بتريليوني دولار- بأكثر من خُمس المعروض النفطي العالمي، لكن اقتصادات المنطقة تضررت بشدة؛ من جراء انخفاض أسعار النفط في 2014 و2015. في حين تضغط أسعار الخام المنخفضة على الحكومات لكي تدبر الإيرادات من موارد غير نفطية وتصلح أوضاعها المالية، «فإن أثر تدني إيرادات النفط والغاز لم يُعَوَّض بشكل كامل بعد»، حسبما ذكر صندوق النقد في تقرير. كما أضاف: «في ضوء الوضع المالي الحالي، فإن الثروة المالية القائمة للمنطقة قد تُستنفد في اﻷعوام الخمسة عشر القادمة». وقال المُقرض الدولي الذي مقره واشنطن، إن الطلب العالمي على النفط قد يبلغ ذروته في 2040 أو قبل ذلك بكثير، إذا تدعمت الجهود التنظيمية لحماية البيئة وترشيد استهلاك الطاقة. تابع: «جميع دول مجلس التعاون الخليجي تدرك الطبيعة الثابتة للتحدي الذي تواجهه… لكن السرعة والحجم المتوقعين لإجراءات الضبط المالي هذه في معظم الدول قد لا يكفيان لتحقيق الاستقرار في ثروتها». وعبّأت دول الخليج، على مدى عقودٍ، ثروتها من موارد الطاقة لتوفير فرص العمل لملايين المواطنين، في إطار عقد اجتماعي يكافئ الحكام بموجبه الإذعان السياسي والتحصيل الدراسي بوظائف مدى الحياة. لكن وظائف القطاع الخاص ذات الأجور المرتفعة والتي لا تتطلب مجهوداً يُذكر من العاملين، أفرزت إنتاجية متدنية وثقافة استحقاق دون مسوغات، فضلاً عن ارتفاع التكلفة مع نمو أعداد السكان. وتتعرض الميزانيات لمزيد من الاستنزاف بفعل الإنفاق العام السخي على الدعم والخدمات الاجتماعية ومعاشات التقاعد. وشرعت حكومات دول الخليج في إجراءات تقشف، لكن تدريجياً فحسب؛ للحيلولة دون إثارة قلاقل اجتماعية، فعمدت إلى خطوات مثل سنِّ ضريبة القيمة المضافة في بعض الدول. لكن معظمها ما زال يجد صعوبة في الموازنة بين الانضباط المالي والنمو. و قال صندوق النقد إن العمل بضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية كان خطوة إيجابية، «هناك فرصة كبيرة لاتخاذ هذا التقدم قاعدة يمكن البناء عليها». «مع تحوُّل المنطقة صوب اقتصاد غير نفطي، فإن تحوُّلها عن رسوم متنوعة إلى ضرائب واسعة النطاق أقل، على سبيل المثال، قد يحقق تنوعاً للإيرادات تشتد الحاجة إليه». كان الصندوق قال الشهر الماضي، إن الكويت -التي تملك أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم- قد تحتاج تمويلاً بنحو 180 مليار دولار على مدار الأعوام الستة المقبلة، في غياب مزيد من الإجراءات المالية الجذرية. بينما تتوقع السعودية، أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم، عجزاً حجمه 50 مليار دولار هذا العام، ارتفاعاً من 35 مليار دولار في 2019.