مع توالي الأحكام التي استهدفت عددا مهما من الشباب على خلفية تدوينات أو تصريحات أو أغاني، تتعلق بانتقاد الوضع المغربي سياسيا وحقوقيا واجتماعيا. يفرض السؤال الحقوقي نفسه بقوة أمام هذا الوضع المأساوي .. حرية الرأي إلى أين ؟ لم نعد الآن بصدد الحديث عن » بعض التجاوزات المحدودة « ، بل أصبح واقع المحاكمات التي تستهدف أصحاب الرأي أمرا واقعا، انتقل بسرعة ووثوقية وبشكل ثابت وعام، إلى مستوى الخروقات والانتهاكات الممنهجة. ويقينا، إن الوضع الحقوقي التراجعي يتجاوز مستوى الحكومة الحالية، وهي عاجزة عن استيعاب الوضع الذي أصبح ينفلت من يدها، ويضعها في حرج سياسي لا تحسد عليه، ولو حاولت هذه الأخيرة تبربر المحاكمات والمتابعات الحالية بشكل عبثي. إن الوضع الحالي -الأمني والحقوقي- بين يدي مؤسستين غير تابعتين موضوعيا وواقعيا إلى الحكومة، مؤسسة النيابة العامة وإدارة الأمن الوطني. مؤسستان غير سياسيتين ولا تخضعان لأي مساءلة سياسية أو رقابة برلمانية أو حكومية، وبالتالي يصعب وضع حد لما يقومان به، كما يصعب غلّ يديهما أو إيقاف نفوذهما الآخذ في التصاعد والتوسع . لقد أصبح إعطاء رأي أو كتابة كلمة في انتقاد الوضع عملية محفوفة بالمخاطر والمكاره، ومجرد تدوينة ساخرة أو تعاطف ساذج وعابر عملية انتحارية .وكتابة موضوع نقدي تحليلي نهاية مأساوية. أما الجرأة في المطالبة بالحق أو تغيير الواقع خيانة عظمى وتهديدا لأمن الدولة ففي الوقت الذي تتم متابعة ومحاكمة شباب على آراءهم، هناك شخصيات وازنة تسطوا على عقارات بالهكتارات، وتزور عقودا على الدولة، وتحقق أرباحا غير مشروعة على أنقاض الفقراء من الشعب، ولا تصلهم يد العدالة، لأنهم أشخاص فوق القانون. ونحن بصدد الحديث عن النموذج التنموي الجديد، إني أتساءل، ما هي مخرجات هذا النموذج في ظل قمع الحريات وتراجع الحقوق وإسكات الأصوات الحرة ؟ وأخيرا .. لا تنمية بدون حرية