اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ الاستعمار كان « خطأ جسيما ارتكبته الجمهورية »، داعيا إلى فتح « صفحة جديدة » بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في القارة السمراء، في الوقت الذي لا يزال النظام الفرنسي يرفض الاعتذار رسميا عن تلك المرحلة لعدد من المستعمرات. وقال ماكرون -خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس ساحل العاج الحسن وتارا في أبيدجان السبت- إنّه « غالبا ما يُنظر إلى فرنسا اليوم » على أنّ لديها « نظرة هيمنة ومظاهر خادعة لاستعمار كان خطأ جسيما، خطأ ارتكبته الجمهورية ». وإذ دعا الرئيس الفرنسي إلى « بناء صفحة جديدة » في العلاقة بين بلاده ومستعمراتها الأفريقية السابقة، قال « أنتمي إلى جيل هو ليس بجيل الاستعمار، القارة الأفريقية هي قارة شابة، ثلاثة أرباع أبناء بلدكم لم يعرفوا الاستعمار قط ». وأضاف « في بعض الأحيان يلوم الشباب فرنسا على المشاكل والصعوبات التي قد يواجهونها والتي لا يمكن لفرنسا أن تفعل شيئا بشأنها ». وأعرب الرئيس الفرنسي عن أمله في أن « توافق أفريقيا الفتيّة على أن تبني مع فرنسا جديدة شراكة صداقة مثمرة أكثر بكثير ». وخلال زيارة ماكرون الشهيرة للجزائر في 2017، أكد مراقبون أن ملف الاحتلال الفرنسي للجزائر كان من القضايا الشائكة التي طبعت الزيارة، حيث تتمسك الجزائر باعتذار رسمي فرنسي عن جرائم الاستعمار الذي دام 132 عاما (1830 – 1962)، وهو ما ترفضه باريس. وفي فبراير2017 حين كان لا يزال مرشحا للرئاسة، قال ماكرون لقناة جزائرية إنّ « الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي، إنّه جريمة ضد الإنسانية ». تنازل عن التقاعد على صعيد آخر، أعلنت الرئاسة الفرنسية السبت أنّ ماكرون قرّر التنازل سلفا عن المعاش التقاعدي الذي يحقّ له أن يتقاضاه بصفته رئيسا سابقا للجمهورية عندما يغادر قصر الإليزيه، في خطوة تتزامن مع حركة احتجاج واسعة في البلاد ضد مشروعه لإصلاح نظام التقاعد. وقالت الرئاسة إنّ ماكرون -الذي احتفل السبت بعيد ميلاده 42 والذي تستمر فترة ولايته حتى عام 2022- قرّر أيضاً عدم الانضمام إلى المجلس الدستوري الفرنسي عندما يصبح رئيسا سابقا للجمهورية. ويُعتبر رؤساء الجمهورية السابقون أعضاء مدى الحياة في المجلس الدستوري، ويبلغ راتب الواحد منهم 13500 يورو شهريا. وسيكون ماكرون أول رئيس سابق في تاريخ فرنسا يتنازل عن المعاش التقاعدي الذي يحقّ له أن يتقاضاه مدى الحياة، اعتبارا من تاريخ مغادرته قصر الإليزيه. وحاليا يبلغ المعاش التقاعدي الصافي لكل رئيس من رؤساء الجمهورية السابقين 6222 يورو شهريا، علما بأنّ هذا المبلغ لا يخضع، بموجب قانون صدر في 1955، لأيّ شرط لجهة عمر الرئيس السابق أو عدد السنوات التي قضاها في الرئاسة أو مدخوله. ويأتي قرار ماكرون في خضم حركة إضراب وتظاهرات تشهدها فرنسا احتجاجا على مشروعه لإصلاح نظام المعاشات التقاعدية، إلى جانب استمرار انتقاد السترات الصفراء اللاذع لسياسات ماكرون الاقتصادية التي يرون أنها تصب في مصلحة الأثرياء.