هل زعيم حزب العمال جيرمي كوربن اسوأ من بريكست؟ هذا ما يعتقده العديد من المليارديرات المقيمين في بريطانيا الذين تردد أنهم يفكرون في حزم حقائبهم ومغادرة البلاد في حال فوز كوربن الاشتراكي في انتخابات الشهر المقبل. رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي تسعى حكومته اليمينية المحافظة إلى اعادة انتخابها في 12 كانون الأول/ديسمبر، هاجم اليساري كوربن بسب ما وصفه بكراهيته المتأصلة للرأسمالية وشبهه بالدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين. وتعهد كوربن، رئيس حزب العمال المعارض الرئيسي في البلاد بإعادة توزيع الثروات، والتعامل مع تزايد الفوارق الاجتماعية، وإعادة تأميم الأصول، ولكن سياساته لا تلقى قبولا لدى الشركات والأعمال والأثرياء. يقول جون هيل، المخطط المالي المعتمد في شركة سوندرسون هاوس لإدارة الأصول ومقرها لندن ان « العملاء بشكل عام يبدون أكثر قلقا من كوربن وليس من بريكست ». ونقلت صحيفة « ذي غارديان » عن محامين ومحاسبين يعملون مع عدد من أغنى العائلات في بريطانيا، أن العديد من هؤلاء يعتزمون المغادرة « خلال دقائق » في حال فوز كوربن. بعد أكثر من عقد على سياسات التقشف الاقتصادي التي فرضتها الحكومة، وتراجع مستويات النمو وسط حالة عدم اليقين الناجمة عن بريكست، يبدو أن انعدام المساواة المتزايد سيظل في صلب الانتخابات العامة المقبلة. ويتصاعد الترقب في بريطانيا قبل التصويت الحاسم، وقال لويد راسل-مويل النائب عن حزب العمال صراحة « لا أعتقد أن أي شخص في هذا البلد يجب أن يكون مليارديرا ». وتعهد كوربن بأن الحكومة العمالية المقبلة بزعامته ستلاحق « مصالح النخبة ». وقال « هذه الانتخابات فرصة لا تتكرر إلا كل جيل لتغيير بلادنا، ومواجهة المصالح الشخصية التي تتسبب في عدم اطلاق قدرات السكان، وضمان أن لا نترك أحدا وراءنا ». جونسون خريج جامعة اوكسفورد ومدرسة ايتون المرموقة للذكور، وهو من عائلة ثرية. أما كوربن فهو اشتراكي مناهض للشركات ومؤيد لحقوق العمال، وكاد أن يحرز انقلابا انتخابيا كبيرا في 2017 عندما تمكن من نسف غالبية حزب المحافظين. وبين سياسات حزب العمال الرئيسية زيادة الضرائب على ذوي الدخل المرتفع وعلى الإرث والتعليم الخاص، كما يفكر الحزب في حظر الطائرات الخاصة للمساعدة على مكافحة التغير المناخي. وقال جونسون ان سياسات كوربن ستدمر الاقتصاد. كتب رئيس الوزراء البريطاني في مقال افتتاحي الأربعاء أن « ماساة حزب العمال المعاصر في ظل جيرمي كوربن هو أنهم يكرهون حافز الربح بشدة، وسيزيدون الضرائب بإصرار، بشكل سيدمر أساس ازدهار هذا البلد ». كما يخشى العديد من الخبراء الماليين من أن هذا النهج سيقنع بالغي الثراء إما بالحصول على وضع غير المقيمين في بريطانيا، أو نقل استثماراتهم إلى دول أخرى تتميز بضرائب أقل مثل موناكو وسويسرا وغيرها من الدول. وحذر نايجل غرين رئيس مجموعة « ديفيري » للاستشارات المالية « أعتقد أننا نستطيع أن نتوقع أن تتسبب حكومة كوربن في مغادرة جماعية للأشخاص الأكثر نجاحا وثراء والذين يسهمون بشكل كبير في الاقتصاد البريطاني بشكل مباشر أو غير مباشر ». وأضاف أن هؤلاء الأشخاص البالغي الثراء « قادرون على التنقل على المستوى الدولي » وسينتقلون ببساطة من بريطانيا، مما سيؤثر بشدة على الأموال العامة. واضاف « في حال هاجر الأفراد الذين يخلقون الوظائف والثروة – وبحسب أدلتنا فإن عددا كبيرا منهم سيهاجر – فإن الأموال الحكومية ستعاني بشكل كبير لأنهم يسهمون بمبالغ مالية كبيرة في خزائن الحكومة ». وفي بريطانيا نحو 151 مليارديرا، بينما يمتلك أغنى ألف شخص ما مجموعه 771 مليار جنيه استرليني (993 مليار دولار، 894 مليار يورو)، بحسب قائمة صحيفة صاندي تايمز للأغنياء 2019. وشدد كوربن انتقاداته الأسبوع الماضي ضد ما وصفهم ب »المتهربين من دفع الضرائب، والمدراء السيئين، وكبار المتسببين بالتلوث، والإعلام الذي يملكه المليارديرات ». وخص بالذكر رئيس شركة « انيوس » للطاقة جيم راتكليف، ومالك الأراضي دوق ويستمنسر هيو ريتشارد لويس غروسفينور، ومدير صندوق التحوط كريسبين اودي، ووصفهم بأنهم أعضاء « النخبة المميزة ». ورد عليه قطب تجارة التجزئة مايك اشلي، ووصفه بأنه « ليس فقط كاذب ولكنه كذلك جاهل ». ومع ذلك فإن مجتمع الأعمال غاضب وقلق. وصرح جون ميلز مؤسس امبراطورية « جاي ام ال » للمنتجات المنزلية « أعتقد أن الكثير منا (في قطاع الأعمال) قلقون للغاية حيال انعدام المساواة في مختلف المناطق ».