إنها مدينة ألمانية يرجع تاريخها إلى القرن التاسع الميلادي، ويسكنها 340 ألف شخص، وبها جامعة وحصن من العصور الوسطى، ولكن.. هل هي حقاً موجودة؟ قالت شبكة BBC البريطانية، الخميس 22 غشت 2019، إن مدينة بيليفيلد، عرضت جائزة قيمتها مليون يورو (1.11 مليون دولار أمريكي) لأي شخص في ألمانيا يمكنه إثبات عدم وجود المدينة. المدينة تريد دحض «نظرية المؤامرة» وتريد شركة التسويق التي تدير المنافسة في المدينة أن تدحض نظرية المؤامرة التي ظلّت قائمة منذ 25 عاماً. ففي العام 1994، نشر أحد الطلاب -دون اكتراث- رسالة بعنوان: «بيليفيلد؟ لا يوجد شيء من هذا القبيل» على نظام Usenet الحاسوبي. أصبحت رسالة الطالب أخيم هيلد مزحة طويلة العُمر في ألمانيا، بمجرّد أن انتشرت بشكلٍ كبير مع طفرة الإنترنت التي جاءت لاحقاً. ونظام Usenet المشار إليه هو نظام مراسلة أسبق لمنتديات الإنترنت التي سرعان ما انتشرت وعززت العديد من نظريات المؤامرة. حتى أنه في العام 2012، أشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى مزحة بيليفيلد، عندما كانت تتحدّث في أحد حفلات توزيع الجوائز في برلين وتذكرت أنها حضرت فعالية في بيليفيلد، وعلقت قائلة: «إذاً فهي موجودة». وانفجر الجمهور ضاحكاً بينما تواصل المستشارة حديثها قائلة: «كان لديّ انطباع بأنني كنت هناك.. وآمل أن أذهب هناك مرة أخرى». لكن للمسابقة قواعد يجب على المشاركين التزامها أمام الألمان البالغين فرصة حتى 5 شتنبر لكي يقدموا لشركة Bielefeld Marketing GmbH أدلة على أن بيليفيلد «غير موجودة»، ونالت المسابقة موافقة مسؤولي المدينة. ويقول موقع المسابقة الصادر باللغة الألمانية: إن المشاركات يمكن أن تأتي بأشكال مختلفة؛ ربما بالصور أو مقاطع الفيديو أو النصوص، يقول المنظّمون إنه «مع ذلك، يجب أن تكون ركائز حجّتك غير قابلة للجدل، الآن، حان وقتنا لكي نستمتع!». ويقول المنظّمون إنهم «متأكدون بنسبة 99.99٪ إن بإمكانهم دحض أي دليل»، ولكن لا ينبغي أن يقلق دافعو الضرائب، فقيمة الجائزة التي تبلغ مليون يورو (ما يعادل 1.11 مليون دولار أمريكي) ستأتي من جيوب رعاة شركة بيليفيلد للتسويق، وذلك في حالة العثور على الفائز الذي من غير المرجّح العثور عليه. ويقول المنظمون إن بإمكانهم دعوة الخبراء للحصول على أي أدلة من شأنها أن تثبت أن بيليفيلد غير موجودة. وقام نشطاء حركة "Fridays for Future – الجمعة من أجل المستقبل» المعنية بالمناخ بنشر تغريدة عن رؤيتهم الخاصّة للمسابق قائلين: «إنهم يقدمون مليون يورو لكل من يستطيع أن يثبت علمياً أن التغير المناخي غير موجود، ومنكرو تغيّر المناخ، من وجهة نظرهم، هم واضعوا نظرية المؤامرة. كيف بدأت نظرية مؤامرة بيليفيلد؟ بحسب ما أوردت خدمة البث الإذاعي الألمانية ARD، كان أخيم هيلد، الذي كان حينها يدرس تكنولوجيا المعلومات، في حفلٍ بمدينة كيل، وهي مدينة ساحلية شمالية، حين حضر ضيفٌ من مدينة بيليفيلد، ولكن أخيم لم يكن على دراية تامة بوجود المدينة، وكان الضيوف الآخرون في الحفل في حيرة من أمرهم بشأنها أيضاً. بعد ذلك بوقت قصير، لم يمنع أخيم نفسه من نشر رسالته بعنوان «بيليفيلد؟ لا يوجد شيء من هذا القبيل»، حين وجد لافتة على طريق سريع شُطِبت من عليها كلمة «بيليفيلد» بسبب أعمال الطرق. وكان نظام Usenet محدوداً للغاية مقارنةً بالإنترنت، الذي سرعان ما تفوّق عليها، لكن الرسالة وصلت إلى عدد كافٍ من المستخدمين لتكون قد انتشرت على نطاق واسع. وفي حين أن بيليفيلد قد تفتقر إلى مناطق الجذب السياحي المتواجدة في بعض المدن الألمانية الأخرى، إلا أنها تقريباً مكان لا يوصف. فإنها مثلاً موطن لأحد أكبر منتجي المواد الغذائية في ألمانيا -وهي شركة – Dr. Oetker، كما أن نادي كرة القدم أرمينيا بيليفيلد يتمتّع بتاريخ حافل في اللعبة، رغم أنه حالياً في دوري الدرجة الثانية الألماني، وولِد أيضاً برنارد شلينك مؤلف كتاب «The Vorleser» الألماني الأكثر مبيعاً، هناك ودرس القانون في جامعة بيليفيلد.