ظاهرة الأميرات الهاربات من دبي تعود إلى أكثر من عشرين عاماً، رغم أنه تم تسليط الضوء عليها مؤخراً بسبب المعركة القضائية الدائرة بين حاكم مدينة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والأميرة هيا، بشأن حق حضانة الأطفال والوصاية القانونية عليهم. ولقد قوضت هذه المعركة صورة المدينة التي أُصقلت عمداً كساحةٍ للسائحين الغربيين وكمدينةٍ تتبنى مفاهيم العصر الحديث في منطقة من العالم تسيطر عليها القيم المحافظة، ولكن اللافت أن هذه القضية ليست الأولى، بل هناك عدد من الأميرات اللاتي حاولن الهرب من دبي، ولكن حظهن كان أسوأ من الأميرة هيا، بحسب ما ورد في صحيفة The Washington Post الأمريكية. القضية تغير وجهة نظر الكثيرين تجاه دبي بالنسبة لعديدين خارج الشرق الأوسط، طوّرت دبي سمعتها كمركزٍ عالمي لامع، وهي وجهة نظر صاغها ونشرها حاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس دولة الإمارات. لكن آل مكتوم، الملياردير البالغ من العمر 70 عاماً والذي يمتلك سباقاً للخيول، واجه سلسلة متتابعة من الادعاءات بإساءة معاملة النساء في عائلته. وسلطت هذه القضايا الضوء على ما قال عنه نشطاء إنها مواقف رجعية للإمارات تجاه حقوق المرأة وحرية التعبير، والتي تختبئ تحت ستار صورة دبي كلاس فيغاس الشرق الأوسط. الأميرة طلبت الحماية من الزواج القسري وقدمت الأميرة هيا بنت الحسين، إحدى زوجات آل مكتوم الست والبالغة من العمر 45 عاماً، طلباً للمحكمة للحصول على أمرٍ بالحماية من الزواج القسري لصالح أحد أبنائها، وهذا الأمر قادر على حماية الشخص الذي يُجبر على الزواج قسراً. وتقيم هيا في لندن برفقة طفليها من آل مكتوم، وأشارت إلى أنها لا تنوي العودة إلى دبي. ولم ترد هيلين وارد، المحامية الممثلة عن آل مكتوم في قضية الوصاية القانونية، على رسالة أرسلتها صحيفة The Washington Post الأمريكية عبر البريد الإلكتروني للحصول على تعليقها بشأن هذا الموضوع. قائمة الأميرات الهاربات من دبي وسلطت قضية هيا الضوء على مزاعم سابقة تتعلق بوحشية وقسوة آل مكتوم تجاه النساء في عائلته، إذ حاولت ابنتان له من زوجةٍ أخرى الفرار إلى المملكة المتحدة في وقتٍ سابق، وقالتا إنهما تسعيان للحصول على حريتهما من النظام القمعي داخل العائلة. وقبض عليهما بعد ذلك وأعيدتا إلى دبي. لكن قضيتهما أثارت قلقاً على مستوى العالم. وقالت رادها ستيرلينغ، المديرة التنفيذية لمؤسسة Detained in Dubai الحقوقية والموجودة في بريطانيا: «عندما ترى نساء من العائلة المالكة يفرون حرفياً من البلاد ويطلبون حق اللجوء، فهذا يشير إلى أي مدى تعاني المرأة العادية في الإمارات من الحرمان من حقوقها الأساسية». الأميرة الجامحة شمسة آل مكتوم- 2000 كانت الأميرة شمسة آل مكتوم، إحدى بنات حاكم دبي، أول امرأة تفر من عائلتها في يوليوز 2000، وفقاً لتحقيق صحيفة The Guardian البريطانية. اختفت الأميرة الجامحة التي كانت تبلغ من العمر 19 عاماً حينها والتي كانت تعيش في مقر اقامة العائلة في مقاطعة سري ببريطانيا، فجأة في أحد الأيام. عندما اكتشف والدها اختفاءها أُطلقت حملةٌ من البحث المحموم عنها، وفقاً لما قاله موظف سابق لدى العائلة للصحيفة البريطانية. أُرسلت الخيول، والمروحيات، والسيارات للبحث عن شمسة. بعدها بعامٍ، تلقت صحيفة The Guardian معلومة تفيد بأن امرأة تزعم بأنها شمسة تواصلت مع السلطات البريطانية، وقالت إنها اختُطفت من بريطانيا وأُعيدت إلى دبي. وقالت المرأة إنها كانت في حانةٍ مع أصدقائها في مدينة كامبريدج عندما توقفت سيارةٌ بجوارها. وأجبرها أربعة رجال على الدخول إلى السيارة، واقتيدت بعد ذلك إلى بيت العائلة في بلدة نيوماركت ببريطانيا، حيث وُضعت على متن طائرةٍ خاصة اتجهت إلى دبي في اليوم التالي. ولم تُرَ منذ ذلك الوقت، ويقول المدافعون عنها إنها تعطى المسكنات، وتم التحفظ عليها بقصور العائلة في دبي بالإجبار. ويبدو أن مأساتها كانت أحد أسباب محاولة أختها الأميرة لطيفة الهرب – 2018 واصلت حكومة الإمارات تكتمها عما حدث مع شمسة ولم تظهر الأميرة علناً منذ محاولة هروبها. لكن بعد مرور 20 عاماً تقريباً، ظهرت تفاصيل مربكة بخصوص ما يمكن أن يكون قد حدث معها عندما هربت أختها الأصغر، ونشرها لمقطع فيديو على الإنترنت تعبر فيه عن تعاستها. ففي 2018، ركبت الأميرة لطيفة آل مكتوم يختاً أمريكياً، وهي تأمل أن تبحر إلى الحرية، في خطةٍ للهروب من العائلة قالت إنها تخطط لها منذ سبع سنوات. ويظهر مقطع الفيديو، الذي صورته لطيفة وحظي ب4 ملايين مشاهدة، الأميرة وهي تذكر بالتفصيل طبيعة الحياة القمعية التي اضطرت إلى عيشها تحت حكم القصر. وأضافت أن المعاملة التي تلقتها أختها بعد عودتها إلى دبي جعلتها تريد السعي إلى اللجوء إلى دولةٍ أخرى. وقالت إنها صورت الفيديو في حالة فشلت محاولتها في الهروب. وقالت: «لن يعيدوني وأنا على قيد الحياة. هذا لن يحدث. إذا لم أنج بنفسي، على الأقل يوجد مقطع الفيديو هذا». في ليلة 4 مارس 2018، تعرض اليخت الذي كانت تستقله لهجومٍ من قبل قوات الجيش الإماراتيوالهندي قبالة ساحل ولاية غوا الهند، وفقاً للجماعات الحقوقية. وقالت رادها ستيرلينغ، المديرة التنفيذية لمؤسسة Detained in Dubai الحقوقية والموجودة في بريطانيا، التي أفادت بأنها كانت تتحدث مع لطيفة عبر الهاتف عندما وقع الهجوم: «كانت متوترة للغاية». وقالت الأميرة إنها سمعت رجالاً يصيحون وصوتاً يشبه صوت طلقات الرصاص. أُلقي القبض عليها وأُعيدت إلى دبي، حيث زعم المسؤولون هناك أنها لم تكن تحاول الهرب بل كانت مختطفة. وفي مقطع الفيديو، تحدثت لطيفة لمدة 39 دقيقة عن كيفية احتجازها على غير رغبتها، وسجنها، وتعذيبها عندما حاولت الهروب إلى سلطنة عمان منذ بضع سنوات. وقالت أيضاً إن أختها شمسة أُجبرت على الحصول على الكثير من الأدوية بعد عودتها وإنها «في وضعٍ سيئ للغاية«. وقالت لطيفة: «يعطونها مجموعة من الأدوية للسيطرة عليها». أثار ظهور لطيفة علناً بعد محاولة هروبها تساؤلات. في دجنبر، ظهرت لطيفة مع ماري روبنسون، المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة سابقاً، التي قالت إن الأميرة يبدو أنها تنعم «برعاية وحب عائلتها». وجه نشطاء انتقادات لماري، التي كانت أيضاً رئيسة سابقة لإيرلندا، قائلين إنها «أداة علاقات عامة في المعركة الدائرة بين العائلة الحاكمة في الإمارات وبقية العالم». ووجهت انتقادات للزيارة بأنها معدةٌ للظهور بهذا الشكل المسرحي. الأميرة هيا بنت حسين المحظوظة أكثر من غيرها- 2019 وعلى النقيض من بنات آل مكتوم، لدى الأميرة هيا روابط عائلية ملكية خاصة بها. فوالدها هو الملك الراحل للأردن حسين بن طلال، وأخوها غير الشقيق هو الملك الحالي للمملكة الهاشمية. ولم تفر الأميرة، التي تشارك زوجها حب الخيول، ونافست مع فريق الفروسية الأردني في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني عام 2000، من الشيخ بالطريقة التي هربت بها النساء الأخريات. إذ كانت هيا تعيش في بيتها، الذي تبلغ قيمته عدة ملايين من الدولارات، في لندن، عندما ظهرت علناً في بداية يوليوز، مطالبةً بحق الوصاية المنفردة على أطفالها، ومشيرة إلى أنها لا تنوي العودة إلى دبي. ويبدو أن أحد أسباب عضبها على الشيخ محمد بن راشد ما حدث لابنتيه. وقالت رادها إن مكانتها البارزة وخلفياتها الملكية يضعانها في «موقفٍ جيد للغاية» . لكن لا تزال هيا تخشى على سلامتها. بالإضافة إلى أمر الحماية من الزواج القسري، طلبت الأميرة الحصول على أمرٍ «بعدم التعرض» لحمايتها من التهديدات والمضايقات، وفقاً لوكالة رويترز البريطانية. وحد قاضي محكمة الأسرة من حجم التغطية الإعلامية للقضية، لكن الصحافة البريطانية نشرت خبراً يفيد بأن هيا قدمت طلباً بخضوع أطفالها لوصاية المحكمة، ما يعني أن أي قرار يتعلق بسلامتهم يجب أن يحصل على موافقة القاضي أولاً. وعارض آل مكتوم هذه الأوامر عبر محاميه، وطالب بإعادة أطفاله إلى دبي، وفقاً لما نشرته وكالة The Associated Press الأمريكية. ومن المقرر عقد جلسة القضية في 11 نونبر.