قال رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، اليوم الاثنين بالرباط، إن الحكومة تحرص على تنفيذ استراتيجية تروم تحصين هوية مغاربة العالم وحماية حقوقهم وتعزيز مساهمتهم في تنمية بلدهم. وأبرز العثماني، في معرض رده على سؤال محوري حول موضوع « السياسة الحكومية للنهوض بأوضاع مغاربة العالم »، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، أن الاهتمام الحكومي بأوضاع مغاربة العالم يتمحور أساسا حول تحصين هويتهم الوطنية وحماية حقوقهم ومصالحهم في بلدان الإقامة. وأضاف أن هذا الاهتمام يرتكز أيضا على ضمان الحفاظ على صلة الأجيال الناشئة بالوطن الأم، مشيرا إلى أنه يتم، في هذا الصدد، تنفيذ استراتيجية وطنية لفائدة مغاربة العالم، تم في إعدادها مراعاة تطلعاتهم وانتظاراتهم حسب مختلف بنياتهم السوسيولوجية، مع الأخذ بعين الاعتبار التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعرفها بلدان الاستقبال. وفي إطار هذه الاستراتيجية، يضيف السيد العثماني، تعمل الحكومة على تنفيذ جملة من البرامج والمبادرات والتدابير، تتمثل أساسا في النهوض بالجانب التربوي عبر الحرص على تطوير برامج لتعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لمغاربة العالم، خاصة برنامجي التعليم الرسمي وغير الرسمي، مشيرا إلى أنه يستفيد من برنامج التعليم الرسمي للغة العربية والثقافة المغربية بالخارج ما يناهز 75 ألفا من التلاميذ المغاربة المقيمين بالخارج، سنويا، وهو البرنامج الذي يضم في هيئته التعليمية 524 أستاذا وخمسة مفتشين ومنسقا تربويا واحدا. وأوضح أن البرامج والمبادرات التي تعمل الحكومة على تنفيذها، تتمحور حول تحسين الخدمات القانونية والإدارية، حيث يتم العمل على حماية الحقوق المشروعة للمغاربة المقيمين بالخارج ومواكبة قضاياهم ببلدان الإقامة، وكذا مواكبة مساعيهم الإدارية والقضائية ببلدهم الأصلي، وذلك من خلال تحسين الخدمات الموجهة إليهم في هذا الشأن، والاستماع إلى شكاياتهم بتوجيههم وإرشادهم، وتحسيسهم وتوعيتهم بالمساطر القانونية والإجراءات الإدارية الجاري بها العمل. وأشار إلى أنه يتم تنفيذ ذلك من خلال جملة من التدابير يمكن إجمالها في برنامج تدبير ومعالجة الخدمات الإدارية والشكايات الخاصة بمغاربة العالم، وإرساء آلية المواكبة القانونية، وإطلاق « شباك وحيد متنقل » لخدمة مغاربة العالم من أجل تقريب الخدمات الإدارية من مغاربة العالم وتسهيل الحصول عليها، وتعبئة مختلف القطاعات والمؤسسات التي تعنى بشؤون مغاربة العالم، مذكرا بأنه تم اطلاق هذا الشباك لتقديم خدمات إدارية لمغاربة العالم في مرحلة أولى بإسبانيا وإيطاليا، حيث شملت كل قنصليات المملكة المغربية بهذين البلدين، أي 18 قنصلية، مع العلم أن 14 قطاعا إداريا ومؤسسات عمومية شاركوا في هذه العملية عن طريق إيفاد أطر عليا مختصة في مجالات متعددة. وبخصوص مواكبة واستقبال مغاربة العالم بالمغرب عبر « عملية مرحبا »، سجل السيد العثماني أن عملية العبور هاته تعد فريدة من نوعها ونموذجا يحتذى به على الصعيد العالمي، حيث بلغت مستوى عاليا من التنظيم بفضل التعاون المغربي الإسباني والتنسيق الجيد بين جميع الهيئات والإدارات في البلدين، وتطوير الإمكانيات المتعلقة بالبنية التحتية للاستقبال وتسهيل المساطر الإدارية، والرفع من جودة الخدمات على متن البواخر والطائرات، حيث يعبر في الاتجاهين، في ظروف جيدة، ما يقارب 5,6 ملايين شخص سنويا، « وهو ما يجسد مدى ارتباط مغاربة العالم بوطنهم الأم ». وأبرز البعد الاقتصادي لهذه العملية، من خلال وضعية التحويلات المالية التي عرفت نموا متزايدا خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغت سنة 2018 ما مجموعه 65,9 مليار درهم، كما أن مغاربة العالم يساهمون في الإقبال على المنتوج السياحي للبلاد، مشيرا إلى أنه خلال سنة 2018، شكل مغاربة العالم 46 بالمائة من عدد السياح الذي بلغ 12,3 مليون سائح، مع تسجيل تطور خلال نفس السنة بزيادة 2,3 بالمائة، مقارنة مع سنة 2017. وعلى صعيد آخر، اعتبر رئيس الحكومة أن الاحتفال باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج، الذي يصادف يوم 10 غشت من كل سنة، يشكل فرصة لتوطيد روابطهم ببلدهم الأصلي وللحوار بين كافة مكونات مغاربة العالم ومختلف الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية المغربية، وكذا مناسبة للتطرق لإنجازاتهم وتطلعاتهم وتسليط الضوء على مساهماتهم القيمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة. وفي ما يتعلق بدعم ومواكبة استثمارات مغاربة العالم، يؤكد السيد العثماني، تعمل الحكومة على إرساء وتنفيذ الآليات اللازمة لتحفيز ومواكبة استثمارات مغاربة العالم داخل أرض الوطن، وتشجيع المغاربة المقيمين بالخارج على الاستثمار في بلدهم الأم، عبر جملة من التدابير العملية، تهم أساسا إحداث خلية للمعلومات والتوجيه لفائدة مغاربة العالم، موضحا أن هذه الخلية، استقبلت إلى حدود أكتوبر 2018، ما مجموعه 180 مستفيدا ومستفيدة؛ وإطلاق مبادرة « الجهة 13 » الخاصة بمغاربة العالم المقاولين، وإطلاق النسخة الثالثة من المبادرة الاقتصادية لنساء الجنوب. وتطرق العثماني، بهذه المناسبة لبرامج الدعم الثقافي والعمل الاجتماعي التي يتم تنفيذها لفائدة مغاربة العالم، وكذا لمسألة تطوير الشراكة مع المجتمع المدني المغربي بالخارج، ولبرنامج الرفع من قدرات جمعيات مغاربة العالم، ومواكبة جمعيات مغاربة العالم في مبادرات التنمية المشتركة. وبخصوص المشاركة السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج، أكد أن الحكومة منكبة على استكمال الرؤية بهذا الشأن، وذلك وفق مقاربة تشاركية وتشاورية، تقوم على تعميق النقاش مع كافة المتدخلين الحكوميين والفاعلين السياسيين وفعاليات المجتمع المدني من مغاربة العالم، للوصول إلى توافق حول مختلف القضايا التي تندرج في هذا الإطار. وبالنسبة لمشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم مجلس الجالية المغربية بالخارج، أبرز رئيس الحكومة أنه بالنظر إلى أهمية تأليف هذه المؤسسة الوطنية الهامة، ومن منطلق الحرص على توطيد استقلاليتها، وتعزيز التعددية وضمان تمثيلية أكثر ديمقراطية لممثلي جمعيات المجتمع المدني، فإن المشاورات مستمرة قصد التوصل إلى صيغة توافقية بخصوص تمثيلية عادلة للمغاربة المقيمين بالخارج، تأخذ بعين الاعتبار التمثيل الجغرافي والديمغرافي لمناطق إقامتهم.