انتقاد سلوك المتديّن ليس انتقاصا من الدين والحق في التديُّن ليس مدعاة للتعسف على حقوق الآخرين، هناك خلط كبير بين ظهرانينا بين انتقاد بعض سلوكات التديّن وبين الانتقاص من الدين. ومن يستمع للردود التي أعقبت نشر الصحفية نورا الفواري لمقالها حول سلوك المصلين للتراويح في شهر رمضان، سيقف على عنف اللفظ وغلظة التجريح والمساس بالحياة الشخصية بل وعلى التهديد لشخصها وسلامتها البدنية، كما جاء في تصريحاتها اللاحقة. إن الفضاء العمومي هو في الأصل للمتدين كما لغير المتدين وللممارس كما لغير الممارس للشعائر. واحتلال الملك العمومي مسألة ينظمها القانون. والمساجد بالآلاف في المغرب أنشأت من أجل ضمان حق المسلم في أداء شعيرة الصلاة بأمان واطمئنان، وهذا حقه. لكن على المؤمن الممارسُ واجباتٌ كذلك وهو ألا يعرقل أشغال المواطنين غير الممارسين، وألا يصادر حقهم في التجول وولوج مساكنهم وقضاء مشاغلهم كيفما كانت طبيعتها وأهميتها في نظره، ناهيك عن الطوارئ والمستعجلات التي يمكن أن تمس الحق في الحياة بالنسبة لشخص في حالة صحية حرجة تتطلب التدخل العاجل. لقد تطرق آخرون لتاريخ اعتماد صلاة التراويح، ولا أرمي هنا إلى ترجيح رأي على آخر. كل ما يهمني هو تنظيم الفضاء العام المشترك بين مستعمليه بالقسطاس والمساواة. على المؤمن المتدين أن يدرك أن حقه المقدس في الصلاة لا يعطيه الحق في عرقلة أشغال الآخرين، كما يجب أن يدرك بأن النقد الذي يمكن توجيهه للمتدين في احتلاله للفضاء العام بشكل متعسف، ليس اعتداء على الدين بل هو فقط إرجاع للحق إلى نصابه. فلو كان الأمر على هذا النحو لكان علينا أن نقبلَ كل فعل مستهجن يصدر عن أي متديّن