قررت أحزاب جزائرية معارضة مقاطعة جلسة البرلمان بغرفتيه، والتي من المنتظر أن تجتمع اليوم الثلاثاء في قصر الأمم في نادي الصنوبر، ضواحي العاصمة الجزائرية، واصفة البرلمان بغير الشرعي، وبأنه نتاج مرحلة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وهي الجلسة التي سيكون الهدف منها إثبات حالة الشغور على مستوى منصب رئيس الجمهورية. وكان عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة والتنمية (تيار إسلامي) قد وصف البرلمان الذي سيجتمع بغرفتيه الثلاثاء بغير الشرعي، لأنه انتخب بطريقة مشبوهة، وأن اجتماعه في هذه المرحلة يعني استمرار الوجوه نفسها في الحكم بطريقة أو بأخرى، وهذا رغم رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ودعا جاب الله في مؤتمر صحافي عقده الإثنين في مقر حزبه نواب البرلمان إلى مقاطعة جلسة الثلاثاء، لأنها تعتبر خيانة للشعب وللحراك الذي خرج مطالبا بالتغيير، وأن رفض المشاركة في هذه الجلسة هو رفض لتسيير رجال بوتفليقة للمرحلة الانتقالية. واعتبر أنه من الضروري على المؤسسة العسكرية في هذه الظروف الالتزام بمهامها الأمنية المنصوص عليها في الدستور، مع مرافقة مسار الانتقال الديمقراطي، دون التدخل بشكل مباشر، مشيرا إلى أنه من الضروري تسيير المرحلة الانتقالية بمدنيين وليس بعسكريين. ورفض جاب الله أن تسير المرحلة الانتقالية وفق ما تنص عليه المادة 102 من الدستور لوحدها، وأنه من الضروري تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور، مع التأكيد على ضرورة أخذ الشغور فقط من المادة 102، أما بقية فقرات المادة فهي تتعارض مع إرادة الشعب، وأن أي مواد لا تتوافق مع ما يريده الشعب، فإنه من الضروري إسقاطها. واتهم عبد الله جاب الله أطرافا بالعمل على تسويد صورة المعارضة، من خلال وضعها في كفة والنظام في كفة أخرى، مشددا على أن الأمر لا يستقيم، لأنه لا يمكن مساواة الضحية بالجلاد، وأن نظام بوتفليقة عمل على تكسير الأحزاب والعمل السياسي وتسفيهه. من جهتهم يحضر عدد كبير من نواب المعارضة لمقاطعة الجلسة التي من المقرر أن تجتمع الثلاثاء لإقرار حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، حسب ما ذكر موقع «كل شيء عن الجزائر»، إذ اعتبر لخضر بن خلاف النائب والقيادي في جبهة العدالة والتنمية أن نواب المعارضة في مجلس الشعب ينوون مقاطعة الجلسة، لأن تولي عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الشورى رئاسة الدولة مؤقتا أمر مرفوض شعبيا. ووصف بن خلاف اجتماع البرلمان لإثبات حالة الشغور بالأمر الشكلي، مشيرا إلى أن حضور جميع النواب ليس ضروريا، لأن الأمر لا يتعلق بإصدار قرار أو التصويت، بل الأمر إجرائي بحت، يتم من خلاله إبلاغ النواب بشغور منصب رئيس الجمهورية. واعتبر أن الرفض أيضا سيطال معاذ بوشارب رئيس مجلس الشعب في حال ما إذا انسحب بن صالح من رئاسة الجلسة المقررة اليوم الثلاثاء، مشددا على أن المجموعات البرلمانية لأحزاب المعارضة تؤيد المطلب الذي رفع يوم الجمعة الماضي، والمتعلق بضرورة رحيل «الباءات» الثلاث، وهم عبد القادر بن صالح، ومعاذ بوشارب، والخطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري، ونور الدين بدوي رئيس الوزراء. أما حركة مجتمع السلم (إخوان) فلم تحسم قرارها بخصوص مشاركة نوابها في الجلسة من عدمه، مشيرة إلى أن الأمر يتوقف على مدى استجابة بن صالح للأصوات المطالبة باستقالته، وكذلك القرار الذي سيتخذه المكتب التنفيذي الوطني للحركة، والذي سيجتمع للفصل في موضوع المشاركة في هذه الجلسة أو مقاطعتها. وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، مساء أمس الإثنين، أن قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، قد يلقي خطابا، الثلاثاء، وذلك بعد اجتماع البرلمان لإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية. وقالت الوزارة، في بيان، إن الفريق صالح شرع الإثنين في «زيارة عمل وتفتيش إلى وحدات الناحية العسكرية الثانية في وهران (شمال غرب)». وأضافت أن الزيارة، التي سيشرف خلالها على مناورة بالذخيرة الحية الثلاثاء، تهدف إلى «الاطلاع الميداني على مستوى الجاهزية العملياتية، الذي بلغته وحدات الجيش». ويترقب الشارع الجزائري والطبقة السياسية تلك الزيارة، لأنها ستكون محطة لكلمة يلقيها قائد الأركان، ويرجح أن يتطرق فيها إلى الوضع السياسي في الجزائر وموقف الجيش منه، بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (82 عاما)، الثلاثاء الماضي. وقالت وزارة الدفاع إن الكلمة التي كانت منتظرة الإثنين «غير مبرمجة»، و«قد تكون غدا»، عندما «يترأس الفريق لاحقا لقاء توجيهيا مع إطارات وأفراد الناحية (المنطقة العسكرية)، ويتفقد بعض الوحدات». وهذه هي الجولة لأولى من نوعها لقائد الأركان منذ استقالة بوتفليقة، تحت ضغط الشارع وتحذيرات أطلقها صالح حول ضرورة رحيل الرئيس كحل للأزمة.