اعتبرت تركيا الجمعة أن الرئيس الأميركي ينوي « غض النظر » عن قضية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بعدما أكد دونالد ترامب أن العملية لن تؤثر على العلاقات بين واشنطنوالرياض. ويأتي دعم ترامب للسعودية، حليف بلاده الأبرز ضد طهران، رغم الاستهجان العالمي لعملية قتل خاشقجي المروعة التي وقعت في 2 اكتوبر ومست بصورة المملكة وولي العهد محمد بن سلمان. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في مقابلة مع قناة « سي ان ان-ترك » « بطريقة ما يقول ترامب +سأغض النظر+ مهما حصل ». وأضاف في إشارة إلى دعم ترامب المتواصل للمملكة التي أبرمت صفقات سلاح مع الولاياتالمتحدة بقيمة مليارات الدولارات « هذا ليس النهج الصحيح. المال ليس كل شيء ». وقلل ترامب الثلاثاء من أهمية استنتاج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بأن ولي العهد قد يكون متورطا في القتل. وقال في بيان « ربما كان ولي العهد (السعودي) على علم بهذا الحادث المأساوي، ربما نعم وربما لا ». وتعرض ترامب لانتقادات واسعة إزاء ما و صف بأنه أولويات تجارية جعلته يبدو وكأنه يحشد لمصلحة الرياض. وقتل خاشقجي، الذي كان مقربا من دوائر السلطة في السعودية قبل أن يتحول إلى منتقد للأمير محمد، وقط عت جثته داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، في عملية أكدت الرياض بعد أسابيع من النفي أن « عناصر خارج إطار صلاحياتهم » قاموا بتنفيذها. وأعلنت المملكة لاحقا توقيف 21 شخصا للاشتباه بتورطهم بالعملية لكنها أبعدت الشبهات عن ولي العهد النافذ. وفي وقت سابق هذا الشهر، فرضت واشنطن عقوبات على 17 سعوديا استهدفت كذلك اثنين من كبار معاوني ولي العهد فجمدت أصولهم الواقعة ضمن اختصاص الولاياتالمتحدة ومنعت الشركات الأميركية من التعامل معهم تجاريا. وأغضبت العملية وتفسيرات الرياض شركاء المملكة الغربيين. وأعلنت فنلندا في وقت متأخر الخميس أنها ستفرض حظرا على إصدار أي تراخيص جديدة لبيع الأسلحة للسعودية والإمارات، مرجعة ذلك إلى عملية قتل خاشقجي ودورهما في الأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمن. والاثنين، قررت ألمانيا منع 18 سعوديا من دخول أراضيها ومنطقة شنغن للاشتباه بتورطهم في عملية القتل. ودعت برلين حينها دول الاتحاد الأوروبي إلى أن تحذو حذوها وهو ما رفضه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بينما أعلنت الدنمارك الخميس تجميد جميع عمليات بيع الأسلحة والمعدات العسكرية للرياض. لكن تشاوش أوغلو اعتبر أن « الاجراءات الزائفة » التي اتخذتها الدول الغربية لن تساهم في حل الأزمة. وأكد « يقول (الأوروبيون) إنهم لا يريدون الإضرار بالعلاقات مع السعودية. ونحن لا نرغب بالإضرار بعلاقاتنا كذلك » لكنه أضاف أن أنقرة على استعداد للقيام بكل ما يلزم لكشف ملابسات العملية. وتصر تركيا على أن الجريمة كانت متعمدة وأطلعت الرياضوالولاياتالمتحدة وحلفاء غربيين على الأدلة لكنها لم توجه أصابع الاتهام لولي العهد السعودي. وأشار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى أن الأمر بقتل خاشقجي صدر « من أعلى المستويات » في دوائر صنع القرار السعودي لكنه استبعد أي مسؤولية للملك سلمان بن عبد العزيز. ولم تستبعد أنقرة عقد لقاء بين إردوغان والأمير محمد على هامش قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في الأرجنتين الأسبوع المقبل. وقال تشاوش أوغلو « لا نرى أي عقبات في وجه عقد لقاء مع ولي العهد (…) إذا كان هناك طلب (بالقيام بذلك)، فقد يجري لقاء. لكن رئيسنا هو من سيقرر ». وبينما تحدث إردوغان هاتفيا مع ولي العهد السعودي في أواخر أكتوبر إلا أن هذا سيكون أول لقاء مباشر بينهما منذ عملية القتل. وبدأ الأمير محمد الخميس جولة إقليمية انطلقت من الإمارات، الحليف الأبرز للرياض، في أول زيارة رسمية خارجية يجريها منذ وقوع الجريمة. ويتوقع أن يتوجه إلى تونس الثلاثاء. وفي إطار التسريبات المرتبطة بتفاصيل العملية التي نشرتها الصحافة التركية وفاقمت الضغوط على المملكة، ذكرت صحيفة « صباح » أن الصحافي خنق أولا بكيس غطي به رأسه قبل أن يقوم المقدم صلاح محمد الطبيقي بتصفية دمه في حوض استحمام عبر فتح عروقه، ثم تقطيع جثته. ويشغل الطبيقي منصب مدير الطب الشرعي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية بالأمن العام نائب رئيس الجمعية السعودية للطب الشرعي بالمملكة. وكان مسؤول تركي ذكر في مطلع نوفمبر أنه تم تذويب الجثة بالحمض بعد تقطيعها.