تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكشف "الحقيقة كاملة" الثلاثاء، حول قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، في جريمة أثارت موجة تنديد دولية وأضرت بصورة الرياض في العالم. ويلقي أردوغان كلمة في الساعة (8,00 ت غ) أمام البرلمان في أنقرة، بعد ثلاثة أسابيع على اختفاء خاشقجي منذ دخوله قنصلية بلاده في الثاني من أكتوبر لإتمام معاملة إدارية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين في مؤتمر صحافي الإثنين، "منذ البداية، خط رئسينا واضح: لن يبقى سرّ بشأن هذه القضية. على المستوى القضائي، سنذهب إلى عمق هذه القضية. هدفنا الأخير هو الكشف عن كل جوانبها". وأضاف أن تركيا لا تودّ أن تضرّ هذه القضية التي صدمت المجتمع الدولي، بعلاقاتها مع السعودية واصفاً إياها ب"دولة شقيقة وصديقة"، و"بالتالي فإن السلطات السعودية تتحمل مسؤولية كبرى في إلقاء الضوء على هذه القضية". وأسقط الأتراك منذ البداية الرواية السعودية الرسمية الأولى التي أكدت خروج خاشقجي من القنصلية حيا. "السلطات السعودية تتحمل مسؤولية كبرى في إلقاء الضوء على هذه القضية" وكشف مصدر قريب من الحكومة منذ 6 أكتوبر أن الشرطة على قناعة بأن الصحافي، "قتل في القنصلية بأيدي فريق أرسل خصيصاً إلى اسطنبول وغادر في اليوم نفسه" ويضمّ 15 سعوديا. ودعا أردوغان في حينه السلطات السعودية إلى تقديم أدلة تثبت أقوالها. وبعد 17 يوما من الإنكار، أقرّت الرياض السبت بأنّ خاشقجي قُتل في قنصليتها لكنها قالت إنه قتل بالخطأ عند وقوع شجار و"اشتباك بالأيدي" مع عدد من الأشخاص داخلها، مشيرة إلى أنها لا تعرف مكان وجود الجثة. وأوضحت الرياض أن العملية لم تجر بأوامر من السلطات ولم يتم إبلاغ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بها. وبعد تسريب الإعلام بشكل متواصل تفاصيل مروعة حول القضية، كانت هذه الرواية السعودية موضع تشكيك وتساؤلات، ولا سيما بين الغربيين. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين إنه "غير راضٍ" عن توضيحات الرياض، بعدما كان ندد الأحد ب"أكاذيب" فيها. أما مستشاره وصهره جاريد كوشنر، فقال الاثنين إنه نصح ولي العهد السعودية بأن يكون "شفافا" لأن "العالم يتفرج". وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "علينا الوصول إلى حقيقة ما حصل". وشددت تركيا الضغط أكثر يوم الإثنين، إذ أعلن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر تشيليك، أن عملية قتل خاشقجي "تم التخطيط لها بوحشية"، وأن "جهودا مكثفة" بذلت لإخفائها. وكتب ياسين أكتاي أحد مستشاري أردوغان في صحيفة "يني شفق" أن الرواية السعودية "تعطي الانطباع بأنهم يستهزئون بأجهزة استخباراتنا". وأضاف أن المسؤول الأمني السعودي ماهر عبد العزيز مطرب الذي يشتبه بأنه قاد عملية قتل خاشقجي اتصل ببدر العساكر، مدير مكتب الأمير محمد، "أربع مرات بعد الجريمة"، بينها مرة على الأقل من مكتب القنصل. لكن أردوغان تفادى حتى الآن أن يهاجم بنفسه مباشرة السلطات السعودية. ويرى العديد من المحللين أنه فضل تسريب المعلومات عبر الصحافة لتصعيد الضغوط الدولية على الرياض. وقدّم الصحافي عبد القادر سيلفي الذي يتم رصد مقالاته في صحيفة "حرييت" اليومية كونه مقربا من السلطات، ما قال إنها تفاصيل جديدة تدل على مسؤولية الأمير محمد. وقال إن خاشقجي تعرض للخنق على يد فرقة اغتيال سعودية في عملية استغرقت نحو ثماني دقائق. ثم قام ضابط برتبة مقدم في قسم الطب الشرعي السعودي بتقطيع الجثة إلى 15 قطعة أثناء الاستماع إلى الموسيقى. ويبقى الغموض تاما حول مكان إخفاء الجثة، ويقول سيلفي إنها لم تعد في القنصلية بل أخفيت في مكان ما في اسطنبول. وتقوم الشرطة التركية بعمليات تفتيش من غير أن تعثر على أي شيء حتى الآن. و أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأحد أن الرياض "تجهل مكان وجود جثة" خاشقجي، واصفا مقتله بأنه "خطأ جسيم".