قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، إن مفتاح التحقيق للجهات الأمنية التركية يمكن أن يكون لقطات من كاميرات موجودة في الشوارع المجاورة للقنصلية. ونشرت السلطات التركية صورة لخاشقجي، وهو يدخل القنصلية السعودية في إسطنبول يوم الثلاثاء الماضي، حيث تم عرض هذه الصورة على خطيبته خديجة جنكيز، والتي أكدت أنه آخر مشهد رأت فيه خاشقجي. وتعد هذه أول صورة تظهر لجمال خاشقجي وهو يدخل السفارة، وهو ما يدعم الرواية التركية بأن الكاتب السعودي دخل إلى القنصلية ولم يخرج، وهو الأمر الذي قد يضع السعودية تحت الضغط لتقديم أدلتها ودعم روايتها التي لا تزال ترددها بأن خاشقجي غادر القنصلية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد رفع مستوى تصريحاته أمس الإثنين، عندما طالب مسؤولي القنصلية السعودية في إسطنبول بإثبات أن الصحافي السعودي جمال خاشقجي قد غادر المبنى. وأضاف أردوغان، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة المجرية بودابست، أن “السلطات التركية ستؤدي واجبها، لإيضاح ملابسات حادثة اختفاء جمال خاشقجي”. لكن الأمر الذي قد يضع السعودية في حَرَج، هو أنها أكدت على لسان القنصل في إسطنبول محمد العتيبي، أن الكاميرات داخل القنصلية لا تعمل. الكاميرات مفتاح التحقيق للسلطات السعودية وتنتشر ما لا يقل عن 6 كاميرات على المدخل الأمامي للقنصلية بجوار جدرانها التي تلفّها الأسلاك الشائكة، بحسب الصحيفة الأميركية. وأضافت: “بعض هذه الكاميرات قامت الشرطة التركية بالتحفظ عليها”. وعندما أجرت الشرطة التركية أول مقابلة مع جنكيز، في اليوم الذي اختفى فيه خاشقجي، أكدت لهم أنه كان يرتدي بدلة داكنة. وتم عرض لقطة من الكاميرات التي تظهره وهو يدخل السفارة عليها. وقالت صحيفة واشنطن بوست إن 4 كاميرات مراقبة على الأقل تطل على المرآب والمدخل الخلفي للقنصلية. كما توجد 3 كاميرات بجانب المدخل الخلفي للقنصلية مثبتة على جدار مدرسة عبر الطريق. وقد تمت استعادة هذه اللقطات من قِبَل الاستخبارات التركية، وفقاً لشركة ISS الأمنية التركية التي تشرف على المكان. وتعتقد السلطات التركية أن خاشقجي تم إخراجه من القنصلية السعودية بطريقة غير طبيعية، رافضة الإدلاء بأي تصريحات رسمية حتى انتهاء التحقيقات، مكتفية ببعض التسريبات التي تنشر عبر وسائل الإعلام. سيارات وصناديق مشبوهة.. حصلت “الجزيرة” على تفاصيل جديدة من التحقيقات التركية في قضية اختفاء الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل أسبوع عقب دخوله قنصلية بلده في إسطنبول، في حين تحدثت مصادر عن احتمال نقل جثمانه في صناديق خارج تركيا بعد قتله داخل القنصلية. وقال مراسل الجزيرة في تركيا عمار الحاج إن الجزيرة حصلت بشكل حصري على تلك المعلومات من فريق التحقيق الذي شكله جهاز أمن إسطنبول (أمنيات)، مضيفا أن أول ما توصل له الفريق هو إحصاء أسطول سيارات القنصلية السعودية، وهي 26 سيارة بينها أربع يشتبه في قيامها بأعمال مريبة تتعلق باختفاء خاشقجي (59 عاما)، الذي دأب منذ غادر بلاده قبل عام على انتقاد سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وأضاف أن تلك السيارات خرجت من القنصلية بعد ساعة أو أكثر من دخول الصحفي السعودي المبنى بعيد الواحدة ظهرا. وتوصلت التحقيقات إلى أن تلك السيارات السعودية سلكت مسارات مختلفة عن المسارات الاعتيادية، وهو ما أظهرته كاميرات مراقبة. واثنتان من تلك السيارات على درجة عالية من الشبهة بالنسبة لفريق التحقيق الخاص، وقد غابتا عن كاميرات المراقبة بعد ساعات ومن ثم عادتا إلى القنصلية، ويعتقد المحققون أن اختفاء السيارتين في ذلك التوقيت سيكون خيطا مهما في القضية. ووفق المصدر نفسه، فإن المدعي العام في إسطنبول سيوجه اتهاما إما بإخفاء شخص وإما بقتله إلى خمسة عشر سعوديا قالت مصادر تركية في وقت سابق إنهم رجال أمن وصلوا على متن طائرتين ووجدوا في القنصلية بالتزامن مع وجود خاشقجي داخلها. تواصلوا مع ولي العهد السعودي.. فكيف كان ردّه؟ “عربي بوست” أشارت كذلك إلى أن أنقرة لم يساورها الشعور بالقلق على حياة خاشقجي في الساعات الأولى لاختفائه؛ ظناً منها أن احتجازه سيكون لفترة مؤقتة، إلا أن الشكوك بدأت تتزايد بعد تواصل تم بين مسؤولين أتراك ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي أنكر بدوره الواقعة تماماً. هنا أدركت تركيا أن أمراً مريباً قد حدث، فتحركت الأجهزة جميعها للتحقيق، ومع صباح اليوم الثالث لاختفاء خاشقجي كانت المؤشرات تقول إن الأسوأ قد وقع، وهو ما يعني مقتله. وطلبت السلطات التركية، أمس الإثنين، تفتيش القنصلية السعودية، ونقل الطلب إلى السفير السعودي في أنقرة الذي استُدعي مرة ثانية إلى مقر الخارجية التركية، كما أوضحت وسائل الإعلام. وتمتلك السلطات التركية أدلة تثبت مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية، لكن الإعلان الرسمي عنها يحتاج سياقاً قانونياً وليس مجرد تصريحات سياسية، وفق ما تقول المصادر. ولدى السلطات التركية أيضاً ما يثبت نقل جسد خاشقجي من داخل القنصلية، ما يرجّح فكرة تقطيع الجسد لتسهيل نقل أشلائه. وعن موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قالت “عربي بوست” إن الرئيس في حالة صدمة وغضب شديدين، وإن هناك قناعة بضرورة عدم تحدث السياسيين في الأمر إلا بعد صدور تقرير المدعي العام التركي، خوفاً من الاتهام بتسييس القضية، واستغلالها من الطرف الآخر. أمريكا تدخل على الخط ودعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو السعودية إلى إجراء تحقيق “معمق” و “شفّاف” حول اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وبعد أن أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في وقت سابق، قلقه حيال اختفاء خاشقجي، قال بومبيو، في بيان: “ندعو حكومة المملكة العربية السعودية لدعم تحقيق معمق حول اختفاء خاشقجي، ولتكون شفافة بشأن نتائج هذا التحقيق”. وأضاف: “لقد رأينا تقارير متضاربة حول سلامة ومكان وجود الصحافي السعودي البارز والمساهم بصحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي. وأشار إلى أن كبار مسؤولي وزارة الخارجية تحدثوا مع السعودية عبر القنوات الدبلوماسية حول هذا الشأن. وقال ترمب، في وقت سابق أمس الإثنين، تعليقاً على اختفاء خاشقجي: “أشعر بالقلق (…) حالياً لا أحد يعرف أي شيء عن الموضوع. هناك تداول لروايات سيئة. أنا لا أحب ذلك”. وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: “إنني قلق بشأن ذلك. لا أحب سماع ذلك” ، وأضاف: “أتمنى أن تحل هذه المسألة من نفسها. الآن لا أحد يعرف أي شيء عن ذلك”. تفتيش القنصلية وقالت وزارة الخارجية التركية، إن مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول “سيخضع للتفتيش” في إطار التحقيقات باختفاء الإعلامي جمال خاشقجي خلال مراجعته لقنصلية بلاده الثلاثاء الماضي. وقال المتحدث باسم الخارجية حامي أقصوي في بيان مكتوب، إنه رغم أن معاهدة فيينا تنص على أن مباني القنصليات تتمتع بحصانة، فمن الممكن أن تفتشها سلطات الدول المضيفة بموافقة رئيس البعثة. ولفتت الخارجية إلى أن التحقيقات في اختفاء خاشقجي منذ دخوله القنصلية الثلاثاء الماضي تجري على قدم وساق. من جانبها نقلت قناة الجزيرة عن مصادر في الإعلام التركي قولها إن القنصلية السعودية منحت عناصر الأمن الأتراك المكلفين بحراستها إجازة عاجلة يوم الثلاثاء الماضي الذي اختفى فيه خاشقجي. وأشارت إلى أنها حصلت على الصورة من مصدر مقرب من التحقيقات الجارية في اختفائه وهي صورة ملتقطة بكاميرا المراقبة التابعة للأمن التركي المكلف بحراسة السفارة. المصادر : عربي بوست + عربي 21 + الجزيرة