نفت الحكومة المغربية انتهاجها أي سياسة "لمنع أنشطة الجمعيات الحقوقية"، مشيرة إلى تفاعلها "الإيجابي" مع أنشطة هذه الجمعيات، التي يتم تنظيمها "وفق القوانين والإجراءات الجاري العمل بها". جاء ذلك على خلفية تصاعد الانتقادات الحقوقية الموجهة في الآونة الأخيرة للسلطات المغربية، "لمنعها" تنظيم عدد من الأنشطة واللقاءات لبعض الجمعيات الحقوقية، ما اعتبرته هذه الأخيرة "تعسفا" وتراجعا عن مسار دعم الحقوق والحريات الذي تبناه المغرب بعد موجة الاحتجات التي شهدها مع بداية الربيع العربي. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، في مؤتمر صحافي عقب انعقاد المجلس الحكومي الأسبوعي، الخميس، في العاصمة المغربية الرباط، إن المغرب يعرف نشاطا حقوقيا مكثفا، وأن حكومته "لا تنتهج أي سياسة من أجل منع أنشطة هذه الجمعيات، ما دام تنظيمها يتم وفق القوانين والإجراءات المعمول بها" وذلك حسب ما أورده موقع القدس العربي. وأشار الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى أنه منذ مطلع السنة الجارية إلى غاية شهر سبتمبر الماضي تم تنظيم حوالي 4320 نشاطا حقوقيا من قبل 40 جمعية حقوقية مستقلة مغربية (بفروعها في سائر مناطق البلاد)، واصفا هذا الرقم ب" المهم"، فيما سُجل أزيد من مليون نشاط حقوقي تم تنظيمها من قبل سائر الجمعيات الحقوقية المسجلة قانونيا في المغرب، والبالغ عددها حوالي 100 ألف جمعية خلال ذات الفترة من السنة. وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر جمعية حقوقية مستقلة في المغرب) قد ندّدت بداية الأسبوع الجاري بما وصفته "منعا مُمنهجا من قبل السلطات لأنشطتها، سواء في الأماكن العمومية أو حتى القاعات الخاصة". واعتبر أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تصريحات صحافية له، خلال ندوة عقدتها الجمعية الإثنين الماضي، أن ما تتعرض له بعض الجمعيات الحقوقية من "تضييق على حرية نشاطاتها" يأتي في سياق التراجع الذي يعرفه المغرب في مجال حقوق الإنسان والحريات، على خلاف المسار الذي بدأه بعد موجة الاحتجاجات الواسعة مع الربيع العربي، التي قادت إلى تعديل الدستور سنة 2011. وكانت السلطات المغربية قد منعت منظمة العفو الدولية بداية شهر سبتمبر الماضي من تنظيم مخيمها الصيفي الشبابي، والذي كان من المنتظر أن تستضيف خلاله شبابا من شمال إفريقيا والشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي، واعتبرت المنظمة قرار المنع "تعسفيا" و"غير مبرر"، فيما تقول السلطات المغربية إنها لا تقوم بمنع أي نشاط "قانوني» تنظمه الجمعيات الحقوقية، وتحترم شروط القوانين الجاري العمل بها. وكان وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، قد أبرم الأسبوع الماضي، اتفاقية شراكة مع عدد من الجمعيات الحقوقية المغربية، منح بموجبها دعما ماليا لأنشطة هذه الجمعيات، فيما دعا وزير العدل المغربي الجمعيات الحقوقية في كلمة له خلال حفل التوقيع إلى إطلاعه على "الانتهاكات والتجاوزات" التي تتعرض لها، مؤكدا أنه "سيعمل على عدم تكرارها بما يقتضيه القانون". واتهمت عشرات الجمعيات الحقوقية المغربية السلطات ب"الإساءة الممنهجة للجمعيات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني" في البلاد بهدف التضييق على عملها الحقوقي، في بيان مشترك أصدرته في شهر يوليو الماضي. وجاء ذلك على خلفية تصريحات سابقة لوزير الداخلية المغربي محمد حصاد أمام البرلمان المغربي، في يوليو الماضي، اتهم فيها الحركة الحقوقية المغربية ب"العمالة للخارج، وباستفادتها من تمويلات أجنبية". وطالبت هذه الجمعيات الحقوقية في ذات البيان وزير الداخلية بالاعتذار عن تصريحاته، التي اتهمها فيها بالحصول على تمويلات أجنبية أيضا بهدف "اتهام القوات الأمنية بارتكاب عمليات تعذيب ضد المواطنين". وتقول السلطات المغربية إن البلاد تعرف تقدما على مستوى احترام الحريات وحقوق الإنسان، خصوصا بعد إقرار الدستور المغربي الجديد سنة 2011، بعد موجة الاحتجاجات الواسعة التي عرفها المغرب مع بداية الربيع العربي. إلا أن الجمعيات الحقوقية تقول إن البلاد مازالت في حاجة لتعزيز مكتسبات حقوق الإنسان، وإجراء المزيد من الإصلاحات في هذا المجال.