سلطت حملة مقاطعة ثلاث علامات تجارية بالمغرب تشهد تجاوبا كبيرا بعد شهر على انطلاقها، على الرغم من الغموض المحيط بالداعين اليها، الضوء على « زواج المال والسلطة »، وتضارب المصالح لدى أشخاص يتولون مراكز قرار الى جانب أنشطة اقتصادية. لكن محللين يرون فيها أيضا رسالة ضد السياسيين المهيمنين على المجالين السياسي والاقتصادي. وكشف استطلاع للرأي شمل أكثر من 3700 مستجوب ونشرته جريدة « ليكونوميست » أن 74 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع سمعوا عن المقاطعة، و57 في المئة يستجيبون لها، مشيرة الى ان « الطبقة الوسطى تقود المقاطعة ». ويرى المحلل السياسي عزيز شهير في هذه الحملة « رسالة رمزية تتجاوز المطالب الشعبية حول خفض الأسعار، توجهها الفئات الوسطى ضد هيمنة فاعلين سياسيين على الحقلين السياسي والاقتصادي ». ويسجل المحلل السياسي أحمد بوز أن « الالتفاف الواسع حول المقاطعة يعبر عن وعي بضرورة الفصل بين المال والسياسة »، من دون استبعاد احتمال « تصفية حسابات سياسية ». وأكد بيان لمنظمة الشفافية « ترانسبارنسي المغرب » غير الحكومية أن « مبعث المقاطعة الحقيقي هو منظومة اقتصاد يقوضها الريع والفساد وتداخل السلطة السياسية مع سلطة المال »، معتبرا أن « تحليل مثل هذه الحملة من خلال العامل الوحيد المرتبط بالأسعار هو بالضرورة تحليل اختزالي ». وشكل تضارب المصالح بين احتلال مراكز القرار وممارسة أنشطة اقتصادية مادة دسمة للصحافة المغربية في سنوات الألفين وخصوصا بالنسبة الى الشركة الوطنية للاسثتمار التي تملكها العائلة المالكة، وأضحت اليوم محفظة استثمارية تحمل اسم « المدى ». وتصدر الاحتجاج على « زواج المال والسلطة » واثراء النخب النافذة تظاهرات حركة « 20 فبراير » في مدن مغربية عدة في سياق « الربيع العربي » سنة 2011 والتي تمخضت عن آمال كبرى بتغيير لم يتحول الى واقع فعلي. ويقول رئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور ل »فرانس برس » إن « القانون لا يمنع رجال الأعمال من تولي مناصب حكومية، ويشترط فقط تفويض توقيعاتهم لأشخاص آخرين يتكلفون بتسيير أعمالهم، لكن هناك قواعد أخلاقية يجدر بهم احترامها لتفادي تضارب المصالح ». وينبه العضو في « ترانسبارنسي المغرب » فؤاد عبد المومني إلى أن « المشكل سياسي وليس قانونيا، لأن الدولة لم تضع آليات تحدد بدقة حالات التنافي ومراقبة تضارب المصالح وزجر الممارسات غير السليمة، ولم تخلق ثقافة الشفافية والمساءلة ». ويضيف متحدثا ل »فرانس برس » أن حملة المقاطعة « خطوة هامة ومفرحة تخلق الثقة في إمكانية التأثير في القرار كما كان الشأن بالنسبة لحركة 20 فبراير، وتساهم في فضح الريع والخلط بين السلطة والمال ». وألقى هذا النقاش بظلاله على الحملة التي سبقت انتخاب وزير الخارجية السابق صلاح الدين مزوار هذا الأسبوع على رأس اتحاد المقاولات. وشكل ترشح مزوار ، لهذا المنصب مفاجأة وهو الذي شغل مناصب وزارية بين 2004 و2017. وقال الرئيس الأسبق للاتحاد حسن الشامي عشية الانتخاب إنه « سينال أصوات رجال الأعمال الذين يرون أن على الاتحاد لعب دور سياسي ».