لم يكن اللقاء عاديا منذ بدايته. فحينما يكون الموضوع هو عبد الإله بنكيران، قبل وبعد مغادرته الحكومة، وما ترتب عن إعفاء الملك لبنكيران داخل الحزب، والغضب الذي ظل يحمله قائد سفينة حزب العدالة والتنمية من كونه ضحية حسابات سياسية انتقلت إلى قيادة الحزب، كان من آخر ملامحه الخرجة غير المنتظرة ضد عزيز أخنوش في آخر مؤتمر لشبيبة الحزب، فلا بد أن يكون اللقاء شيقا. ويزداد التشويق حينما يكون الحديث عن مثل هذه القضايا وأخرى أكثر حساسية، مع أحد أكبر مؤسسي الحزب، وأحد أقرب المقربين لعبد الإله بنكيران: مصطفى الرميد، القيادي البارز في «البيجيدي» ووزير الدولة المكلف بقضايا حقوق الأنسان. ماذا سيفعل الرميد وباقي القيادات إذا ظل بنكيران يفاجئ الجميع بمثل هذه الخرجات الساخنة التي تغضب زملاء الرميد في الحزب وخارج الحزب ؟ كيف ستتصرف القيادة إذا ذهب بنكيران بعيدا ورسْم من خلال خرجاته وضعا حزبيا غير مسبوق يجعل «البيجيدي» يتحرك برأسين؟ دام الحوار حوالي ساعة، وعلى امتداد هذه المدة، لم يرفض الرميد الرد على كل أسئلتنا، حتى تلك التي أعادته إلى الوراء وكشف من خلالها أخبارا غير مسبوقة: لماذا رافق الرميد عبد الإله بنكيران إلى القصر أثناء تعيين هذا الأخير رئيسا للحكومة مكلفا بتشكيلها؟ وما حقيقة غضب القصر عليه بسبب تصريح مثير قال فيه أنه لن يقبل رئاسة الحكومة إذا عرضت عليه خلفا لبنكيران لأنه لا يريد أن يكون بنعرفة؟! وهل يتعلق الأمر بغضبة من القصر؟ ما هي بالضبط؟ سيفاجئ الرميد متتبعي حواره على «فبراير» حينما سيكشف بلغة لا تخلو من إشارات سياسية دالة أن الأمر يتعلق بقضية يشرح تفاصيلها في الاستجواب الذي سننشره على حلقات، وسيكون الأمر مثيرا لدى نشطاء حقوق الإنسان حينما يتحدث الرميد عن مقاربته للمساواة في الإرث بين النساء والرجال، وموقفه من المثليين، وحقيقة تسميته لهم ب«الأوساخ»، ومقاربته للفصل التاسع عشر الذي يتحدث صراحة عن وجوب تحقيق المساواة بين النساء والرجال في الحقوق المدنية والسياسية وغيرهما. أما حينما يصل الموضوع إلى ما حدث بعد إعفاء بنكيران، فيتحدث الرميد عن الدور الذي قام به لتشكيل حكومة سعد الدين العثماني، وعن الجهة التي أقنعته بالعدول عن رفض الاستوزار في الحكومة، وما قالته له تلك الجهة حتى قرر التراجع عن القرار الذي اتخذه قبل أن ينتهي عمر حكومة عبد الإله بنكيران، فضلا عن تفاصيل جديدة في قضايا مختلفة تكتشفونها في الحوار الذي خص به مصطفى الرميد «فبراير».