ترددت كثيرا في الحديث و التعليق عن النقاش الذي يعرفه حزب العدالة و التنمية بخصوص تعديل النظام الأساسي للحزب، بالشكل الذي يسمح بتولي المسؤوليات داخله لثلاثة ولايات بما في ذلك الأمانة العامة، و هو نقاش يأتي بكل تأكيد؛ على خلفية ما عرفته بلادنا بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016 و ما تلاها من محاولات و أفعال.. عزل تصويت الناخبين عن مخرجات العملية الانتخابية، بحيث لا يعتد بنتائج الانتخابات و بالتوجهات المعلنة للناخبين، البقية يعرفها الجميع… ترددي يعود لسببين رئيسيين، الأول يعود إلى اعتبار هذا النقاش يهم بصفة أساسية حزب العدالة و التنمية، حيث لدي قناعة كافية أن مناضلاته و مناضليه، لهم من الكفاءة و القدرة، ما يمكنهم من التأشير على الاختيار الذي سيكون في صالح الحزب و في صالح الممارسة الديمقراطية، لهذا فإنني لست ممن يميلون إلى شيطنة و جهتي النظر التي يعرفها الحزب منذ مدة. و السبب الثاني يرتبط بموقفي من الولاية الثالثة للأستاذ عباس الفاسي في المؤتمر الخامس عشر لحزب الاستقلال، حيث كان موقفي إلى جانب الأخوين عبد القادر الكيحل و لحسن فلاح، هو رفض تعديل النظام الأساسي للحزب بالشكل الذي يسمح للأمين العام بولاية ثالثة، و لأن البعض حاول أن يجعل من ذلك الموقف خصومة شخصية بيننا نحن الثلاثة و السي عباس الفاسي، فقد قررنا أن نزوره في بيته ذات ليلة من ليالي رمضان سنة 2008، و أن نخبره بموقفنا صراحة حتى لا يتم تأويله بأي شكل من الأشكال، بل طلبنا من الأستاذ عباس الفاسي أن يقترح على الحزب أمينا عاما بالشكل الذي يضمن التجانس بين عمله كوزير أول و بين الأمين العام للحزب، و كشهادة للتاريخ فإن الأخ عباس الفاسي تلقى وجهة نظرنا بصدر رحب، و تفهم و جهة نظرنا، و النتيجة يعلمها الجميع.. حيث تم تعديل النظام الأساسي لتمكين الأمين العام من ولاية ثالثة بمبرر وجوده على رأس الحكومة، وباقي الحكاية هي أن الأستاذ عباس لم يكمل الولاية الثالثة و اضطررنا إلى تنظيم المؤتمر السادس عشر سنة قبل موعده القانوني… بالعودة إلى حزب العدالة والتنمية و عند نقاش الولاية الثالثة، لا أحد يستحضرها بدون التأثر بعوامل خارجية، البعض يعتبر أن وجود بنكيران في المرحلة المقبلة، يمكن أن يشكل ضمانة لإستمرار إشعاع الحزب السياسي و الإنتخابي، بينما يرى الغالبية من معارضي الولاية الثالثة أن التمديد لابن كيران يعتبر تصعيدا في وجه الدولة(لأن هناك أقلية تعارض مبدأ الولاية الثالثة لأسباب موضوعية تتعلق بالخوف من شخصنة الحزب و إضعاف منطق المؤسسة)، ورسالة غير ودية ستنعكس على علاقة الحزب بالدولة مستقبلا و أن تكلفتها السياسية ستكون كبيرة، ووجهة النظر هذه تمثل الوزراء و بعضا من المسؤولين الذين احتكوا بالدولة في مواقع مختلفة. شخصيا أعتقد أن لكل طرف حجج مشروعة للدفاع عن وجهة نظره، والمهم أن يبقى ذلك ضمن حدود القواعد الديمقراطية التي تسيج النقاش الداخلي للحزب. قناعتي هي أن العدالة و التنمية ليس من مصلحته تعديل النظام الأساسي بالشكل الذي يسمح لابن كيران بالعودة إلى الأمانة العامة للحزب، لأن ابن كيران تجاوز حجم الأمين العام بالمعنى التقليدي، إلى موقع الزعامة السياسية التي يمكن أن يكون لها تأثير في مجريات الحزب و لو من خارج مؤسساته، كما أن الأغلبية التي يمكن أن تعدل النظام الأساسي للحزب، يمكنها أن تولي على رأسه إسما يحافظ على إختيارات ابن كيران السياسية و التنظيمية، دون الوقوع في شخصنة المؤسسات، لأن ابن كيران ماضي حتى لو تم التمديد له لولاية ثالثة. في ذات الوقت أعتقد أن الجناح الذي يقول بأن الولاية الثالثة تعتبر رسالة غير ودية للدولة، إنما يستحق جوابا بمنح ولاية خامسة وسادسة لابن كيران، لأنه من العيب أن يستبطن البعض قناعة تتمثل في تهيئ الأمور الداخلية للحزب بالشكل الذي يرضي جهات خارجه، مادام الأمر لا يتعلق بما يمس الثوابت و قوانين البلاد. ختاما فإن نقاش الولاية الثالثة من عدمها، يهم حزب العدالة و التنمية، وهو نقاش مهما كانت مخرجاته، فإنه مطالب باحترام الديمقراطية الداخلية، و أيا كانت نتائجه فعلى الجميع احترامها.