دشنت شبيبة "العدالة والتنمية" حملة بقاء أمين عام الحزب، عبد الإله بن كيران، على رأس الحزب لولاية ثالثة، فيما شرع عدد من أعضاء المجلس الوطني للحزب (برلمانه) في كتابة طلبات لتعديل قوانين الحزب بما يحقق نفس الهدف. دعوة الشبيبة التي حملها بيانها الصادر ليل الأحد أثار جدلا واسعا داخل الحزب وخارجه، ويزيد من تعميق الخلاف داخل الحزب الذي انطلق بعد تشكيل حكومة سعد الدين العثماني التي يقودها الحزب.
رسائل الولاية الثالثة
وطلب عدد من أعضاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، في مراسلات رسمية من رئيس المجلس سعد الدين العثماني، تعديل النظام الأساسي للحزب والقانون الداخلي بما يسمح باستمرار ولاية الأمين العام لدورة ثالثة.
وقال موضوع إحدى الرسائل: "ملتمس إدراج نقطة في جدول أعمال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب ليوم السبت يوليوز 2017".
وأضافت الرسالة: "رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بناء على النظامين الأساسي للحزب وخاصة المادة 23 والمادة 24 والداخلي للحزب وخاصة المادة 24 والمادة 100 وعلى اللائحة الداخلية للمجلس الوطني، يطيب لي أن ألتمس منكم إدراج النقطة التالية في جدول أعمال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب".
وتابعت الرسالة: "تعديل النظام الأساسي للحزب بحذف المادة 16 التي تقول: "لا يمكن لعضو أن يتولى إحدى المسؤوليات الآتية لأكثر من ولايتين متتاليتين كاملتين: الأمين العام؛ رئيس المجلس الوطني؛ الكاتب الجهوي، الكاتب الإقليمي؛ الكاتب المحلي".
وزادت الرسالة: "عرضها للتصويت لإدراجها في جدول أعمال المؤتمر الوطني القادم".
الولاية الثالثة جواب سياسي
وكشف محمد خوجة، عضو المجلس الوطني، وأحد الذين وجهوا الرسالة، أن "الرسائل والطلبات التي وجهها عدد من أعضاء المجلس الوطني، بهدف تعديل قوانين الحزب جاءت تفاعلا مع النداءات الكثيرة التي وجهها المغاربة لمناضلي الحزب بعدم تسليم ابن كيران والتفريط فيه".
وتابع محمد خوجة، في تصريح ل"عربي21"، أن "ما بعد ابن كيران جعلنا نقف على حكومة ضعيفة، تخلى فيها الحزب عن دوره المحوري كقاطرة للتحول الديموقراطي".
وأفاد خوجة، بأن "المرحلة لم تعرف فقط حكومة ضعيفة بل تراجعا في المد الديموقراطي تعكسه العودة القوية للقراءة السلطوية للمشهد، والرهان على المقاربة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات السليمة".
وختم تصريحه بالقول، إن "هذا الطلب هو جواب سياسي على قوة الانقلاب على الديموقراطية التي تريد إفقاد المغاربة الثقة في الأحزاب والسياسة وليس مجرد جواب تنظيمي يتعلق بالمساطر والقوانين".
خطأ في توجيه الطلبات
وعلمت "عربي21" أن "مكتب المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، تدارس في لقاء له الأحد، الرسائل التي طالبت بتعديل القوانين".
وأضافت مصادر "عربي21" التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "مكتب المجلس أحال الطلبات والرسائل على اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني".
وسجلت المصادر، أن "اللجنة التحضيرية لا تملك الحق في النظر في الطلبات على اعتبار أن الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب جاءت بطلب من الأمانة العامة، وبنقطة وحيدة في جدول الأعمال، وهذا ما يعني استحالة إدراج هذه الطلبات".
وتابعت المصادر، بأن "اختصاص اللجنة التحضيرية، يوضحه القانون، ومنه أن طلبات وضع نقاط ضمن جدول أعمال المجلس الوطني تحال على الأمانة العامة التي بعد نقاشها تحدد إمكانية إحالتها من عدمه".
وشددت على أن "الدورة المقبلة للمجلس الوطني جدول أعمالها محدد سلفا ويتعلق بعضوية المؤتمر، لكن هذا لا يمنع الأعضاء من طرح أفكارهم في النقاش السياسي الذي يفتحه برلمان الحزب".
وخلص إلى أن "طلبات تعديل القوانين بما يسمح لولاية ثالثة سيتم تدارسها في اللقاء المقبل للأمانة العامة للحزب".
وتحفظت المصادر على الحديث عن العدد الأولي للطلبات التي توصل بها المجلس الوطني للحزب، مقرة بأن "الأعداد تتزايد مع اقتراب موعد جلسة برلمان الحزب نهاية الأسبوع".
"حملة" الشبيبة
وخرجت شبيبة العدالة والتنمية عن صمتها في بيان دعت فيه ابن كيران إلى الاستمرار في أدواره حالا ومستقبلا، بعد الإشادة بمواقفه في تدبير الحكومة.
وطلب المكتب الوطني للشبيبة، في بيان له، من الأمين العام الاستمرار في ممارسة أدواره الوطنية حالا ومستقبلا باعتباره أملا لفئات واسعة من الشعب المغربي التي آمنت بمنطق الإصلاح في ظل الاستقرار".
وتابع البيان: "يحيي المكتب الوطني (الهيئة التنفيذية العليا) عاليا وبحرارة المواقف الصامدة للأمين العام للحزب عبد الإله بن كيران في مواجهة إرادات التحكم بمختلف تعبيراته الحزبية والسياسية، وتشبثه بالمبادئ والمواقف الثابتة لحزب العدالة والتنمية التي لا تلين بين يدي المواقع والمناصب".
صعوبات في الطريق
حملة ولاية ثالثة لابن كيران على رأس حزب العدالة والتنمية تواجه صعوبات غير سهلة، كما تقول مصادر من داخل الحزب، تجعل من الصعوبة بمكان الحديث عن قبول سهل بتعديل القوانين وجعل الطريق سهلة أمام ابن كيران.
وأضافت مصادر "عربي21" التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "أولى هذه الصعوبات تتمثل في وجود حزب برأسين، رئيس الحزب ورئيس الحكومة، ورغم أن ابن كيران اجتنب في المرحة السابقة الظهور تفاديا لإحراج رئيس الحكومة العثماني، إلا أن التطورات المتسارعة في المغرب ستجعل من المستحيل أن يستمر في وضعه السابق خاصة مع الولاية الثالثة".
الصعوبة الثانية، تقول المصادر، إنها "تتجلى في الجانب التدبير القانوني والأخلاقي للمعضلة. أخلاقيا وسياسيا العدالة والتنمية حقق انتصارات واختراقات كبرى غير مسبوقة في التاريخ المغربي مع ابن كيران، في مقابل وضع قانوني يكبله ويمنعه من الاستمرار على رأس الحزب".
وأضافت أن "الصعوبة الثالثة تتمثل في وجود تيار مهم يقوده عدد من الوزراء الذين يعتبرون وجود ابن كيران على رأس إشارة سلبية من الحزب تجاه الدولة، خاصة بعد رسالة تعيين سعد الدين العثماني على رأس الحكومة، وإعلان الملك رغبته في استمرار التعاون مع الحزب".
وخصلت المصادر إلى أن "وضعية العدالة والتنمية ليست سهلة"، وأن "المؤتمر القادم سيكون الأصعب على الإطلاق في تاريخ الممارسة السياسية الحزبية في مغرب ما بعد الاستقلال، لا تشبهها إلا وضعية حزب الاستقلال أثناء وبعد حكومة عبد الله إبراهيم في 1958".
ويعيش حزب العدالة والتنمية على وقع تباين حاد في المواقف بين من يعتبرون حكومة العثماني انتصارا للحزب في جو تراجعي عالمي، وبين من يعتبرون أن إخراج الحكومة بهذا الشكل ساهم في التراجعات التي تهم المغرب اليوم وفي مقدماتها.