إختار مصطفى الرميد وزير الدولة المُكلف بحقوق الإنسان، منصة الفايسبوك، لإنتقاذ « النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية« ، خصوصا نُقطة إشتراطه » بيان هوية المشتكي امام المجلس الأعلى للسلطة القضائية »، بقوله « ومعلوم أن الشكايات التي تقدم في هذا الباب أشكال وألوان، نعم حينما يتعلق الأمر بشكاية بسبب الخرق الخطير لقانون الشكل أو الموضوع، مثلا فانه من الطبيعي، أن يعلن المشتكي عن نفسه، لأنه في هذه الحالة ليس له من سبيل غير ذلك، لكن ما العمل اذا كان هناك مواطن يشتغل الى جانب قاض فاسد وأراد أن يبلغ عن فساده؟ هل نلزمه بذكر اسمه والإمضاء بتوقيعه ؟ ». وأضاف مصطفى الرميد وزير العدل والحريات السابق، في تدوينه له، « وهل مع هذه الإشتراطات سنضمن وجود من يبلغ عن الفساد من الوسط القضائي والاداري ؟، ومثل ذلك معارف القاضي الفاسد وجيرانه !!! مع العلم أن حالات التبليغ عن الفساد يكون مصدرها في الغالب هذه الأوساط كما جرى العمل على ذلك عقودا من الزمن يعرفها كل من اشتغل في المؤسسات التي تعنى بشأن القضاة، وان من شأن اشتراط الكشف عن هويتها سيجعل التبليغ شبه مستحيل ان لم يكن مستحيلا، وهو ماسيفرغ كل الاصلاحات المنجزة من مضمونها ويمنح الفساد مساحات واسعة لكي يصبح عصيا على الحصار محصنا من المسائلة ». وأوضح المتحدثُ ذاته، « لذلك لا أبالغ إذا قلت أنه ليس من المقبول أن يتضمن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضاءية أي قيد على حرية المواطن في التشكي والتظلم خاصة هذا القيد الذي أقدر أنه مُجحف في حقه في اللجوء الى مؤسسة دستورية جليلة من مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية والتي يبقى لها الحق الكامل في أن تقدر مدى جدية تظلمه وصحة، لأن « الدستور ينص صراحة في الفصل 154على أن المرافق العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، ولا اشك قيد أنملة في أن اشتراط بيان هوية المشتكي سيمس في الصميم ماينبغي أن يخضع له مرفق القضاء من محاسبة ومسؤولية ». ومن الحُجج التي أوردها مصطفى الرميد، قوله « أن الفصل156 من الدستور ينص ايضا على ان المرافق العمومية تتلقى ملاحظات مرتفقيها واقتراحاتهم وتظلماتهم وتؤمن تتبعها، فمن أين لأحد ان يقيد حقا مطلقا ورد به نص الدستور بقيد يفرغ الحق من مضمونه بمقتضى نظام داخلي؟، ان واجب المرافق العمومية يقتضي تلقي التظلمات كل التظلمات وتتبعها وليس وضع الموانع القانونية امامها.!!« ، و « أن المادة 85 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تنص على ان الرئيس المنتدب للمجلس يتلقى ما ينسب إلى القاضي من اخلال يمكن أن يكون محل متابعة تاديبية، ومعلوم أن المطلق يبقى على إطلاقه ولايمكن لقانون ادنى من مستوى النظام الداخلي ان يقيد مطلق الحق الوارد به قانون تنظيمي يكمل الدستور نظرا لما ينص عليه الدستور نفسه من تراتبية قانونية جديرة بالاحترام التام ، ولأجله شرعت المحكمة الدستورية التي ترعى مدى دستورية النص المعروض عليها بناء على تلكم التراتبية ». وأوضح في نفس السياق، « إن إتفاقية مكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، وأصبحت جزءا من قانونه الداخلي، كما هو مقرر بمقتضى الدستور تنص في المادة 13 على ان على كل دولة طرف أن توفر للناس سبل الاتصال بهيئات مكافحة الفساد، وهي هنا المجلس الأعلى للسلطة القضائية، دون بيان هوياتهم، فهل يعقل بعد هذا النص الصريح اشتراط ما من شأنه ان يمنع فئات عدة من إمكانية التواصل مع هذه المؤسسة احقاقا للحق وازهاقا للباطل؟ ». وتابع بالقول، إن « الإتفاقية نفسها تنصُ أيضا في المادة 7 على واجب كل دولة طرف في إرساء تدابير تيسر قيام الموظفين العموميين بابلاغ السلطات المعنية عن أفعال الفساد عند انتباههم الى مثل هذه الافعال اثناء اداء وظائفهم، وهذا المقتضى يهمُ حتما فئة من الناس من الوسط القضائي والإداري الذي يمكن أن يكون به شيء من الفساد، وبالتالي فإن اشتراط بيان الهوية سيحرم هذه الفئة من أداء هذا الواجب كما تمت الاشارة الى ذلك سابقا ». سادسا، أن الاتفاقية المذكورة تنص صراحة في المادة 11 على ان تتخد كل دولة طرف دون مساس باستقلالية القضاء تدابير لدعم النزاهة ودرء فرص الفساد داخل الجهاز القضائي وذلك باعتبار ما للقضاء من دور في مكافحة الفساد، مشيرا، « أنني لو سمح المجال لمزيد من حشد الدلاءل لأوردت المزيد منها مما احتفظ به لافصل فيه القول في مناسبة اخرى، مؤمنا أشد الإيمان أن ما سقته أعلاه كاف لإستدراك ماذكر ولتصحيح ما إعتل ممن له حق الاستدراك او التصحيح ».