عرف المغرب خلال فترات متفرقة من العشرين سنة الماضية مجموعة من الاحتجاجات الاجتماعية، منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه. فبعد أن حاول المغرب المصالحة مع الماضي المرير لانتهاكات حقوق الانسان في ثمانينات القرن الماضي، بإنشاء هيئة الانصاف والمصالحة سنة 2004، بناءا على قرار ملكي بموافقة توصية المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، والتي كان من مهامها تسوية ملف ماضي الانتهاكات لحقوق الانسان، والبحث عن الحقيقة والتحري وتقييم الضرر والتحكيم والاقتراح وإطلاق مجموعة من المبادرات للقضاء على الفقر والتهميش. ومع توالي السنوات كشفت لنا الأحداث أن هذه الخطوات غير كافية، إذ شهد المغرب مجموعة من الاحتجاجات الاجتماعية، واكتشفت أزيد من 100 نقطة احتجاجية بمختلف المناطق بالمغرب، ومن أبرزها : احتجاجات الخميسات سنة 2000. ففي 2 فبراير من سنة 2000، عرفت مدينة الخميسات احتجاجات ضد التهميش الذي طال أبناء المنطقة، وتدخلت خلالها وزارة الداخلية إلى الاستعانة بأكثر من ألف عنصر من الدرك والقوات المساعدة، لمواجهة جموع المعتصمين بالمدينة، الذين يطالبون بأبسط حقوق المواطنة، حيث استعمل الرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين، وكانت الحصيلة عشرات الجرحى، في صفوف والطرفين واقتياد العشرات للمحاكمة. احتجاجات مدينة سيدي ايفني سنة2005 عاشت مدينة سيدي ايفني غليانا شعبيا منذ ماي 2005، بعدما طالبت ساكنتها بمطالب مشروعة، من إحداث عمالة سيدي إفني،وإتمام أشغال المدينة، وتشغيل المعطلين، وإنجاز الطريق الساحلي الرابط بين سيدي ايفني وطانطان، وتحسين الخدمات الصحية وتعميمها بالمجان،إلا أن المسؤولين لم يبدوا أي تجاوب مع هذه المطالب، مما حدا بالمواطنين إلى تنظيم مسيرة احتجاجية يوم 07 غشت 2005 التي قمعها المخزن بالرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، والهراوات الخشبية والمطاطية، ومقالع لرمي المتظاهرين بالحجارة، وقضبان حديدية سميكة لتكسير الأبواب، والكلاب المدربة. وشهدت المدينة إضرابا عاما بنسبة 100% ، واعتقل العشرات من المواطنين، وتم تقديمهم للحاكمة. احتجاجات مدينة العيون سنة 2010 تعتبر احتجاجات مدينة العيون في 8 فبراير 2010 من أخطر الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفها المغرب، بعد أن أقدم محتجون لتنصيب خيام بمنطقة أكيدم ازيك للمطالبة بالسكن و الشغل. واستعملت القوات الامنية المروحيات الهوائية والقنابل المسيلة للدموع، وخراطيم المياه الساخنة، لتفكيك المخيم، وقد أكدت لجنة تقصي الحقائق التي كلفت بأحداث المخيم، أن المخيم كان آلية للاحتجاج والمطالبة بمطالب ذات صبغة اجتماعية، كما عرفت الاحداث مناوشات بين قوات الامن والمحتجين، حيث أصيب العشرات من رجال الدرك.و وفي المقابل صرحت الهيئة بأن المعتقلين تعرضوا للتعذيب والمعاملة الانسانية الحاطة بالكرامة، من ضرب وسب وقذف وتعصيب الأعين، والحرمان من النوم، والاغتصاب و غيرها من الإهانات. كما أن العنف طال المدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان، وحملت اللجنة الدولة كامل المسؤولية فيما وقع في المخيم، نظرا للسياسات التدبيرية السيئة التي عرفتها المنطقة في مختلف المجالات، ومن جهة أخرى فشل خطتها بفك المخيم بسبب ما نتج عنها من انتهاكات لحقوق الانسان. احتجاجات 20 فبراير 2011 في سنة 2011، شهدت الاحتجاجات في المغرب تطورا مفاجئا بعد نسيم الربيع العربي، حيث ظهرت في المغرب حركة شباب عشرين فبراير، التي ضمت نشطاء طالبوا بإصلاحات سياسية وحقوقية، والعيش بالكرامة في مغرب ديموقراطي، وأكدت استقلاليتها عن كل التنظيمات والاحزاب السياسية. واستطاعت الحركة تنظيم مسيرات واحتجاجات عبر مختلف مدن المغرب، للمطالبة بإسقاط الفساد، وإقرار دستور ديمقراطي يمثل الإرادة الحقيقية للشعب، وحل الحكومة والبرلمان، وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب، وقضاء مستقل ونزيه و »محاكمة المتورطين في قضايا الفساد واستغلال النفوذ ونهب خيرات الوطن، وإطلاق كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومحاكمة المسؤولين، والاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية، وتوفير شروط العيش الكريم. ودعمتها عدة هيئات سياسية ونقابية وحقوقية، نجحت في تحريك مياه البرك السياسية بالمغرب وأعادت للاحتجاج في الشارع قوته. وانضم إلى الحركة في ذلك الوقت أطراف أخرى كجماعة العدل والإحسان، وأحزاب يسارية وحركات حقوقية. إلا أن تراجع احتجاجات الحركة بدأ نهاية عام 2011، بعد انسحاب جماعة العدل والإحسان منها لأسباب لم توضحها الجماعة بشكل كبير، الأمر الذي أثر على قوة الحركة، كما انسحب منها عدد من شباب الأحزاب المشاركة في الانتخابات، وظهر التراجع جليا في الذكرى الأولى لتأسيس الحركة، إذ كان عدد المحتفين قليلا للغاية. احتجاجات الحسيمة سنة 2017. شهدت مدينة الحسيمة منذ أزيد من ستة أشهر وقع احتجاجات متواصلة تطالب بمحاسبة المسؤولين عن مقتل بائع السمك محسن فكري، العام الماضي وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لسكان المنطقة. وانتشرت مظاهرات غاضبة في مناطق مغربية عدة تعبيرا عن حالة الصدمة التي سادت البلاد عقب مقتل فكري سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات. وأصدر الملك محمد السادس توجيهاته بفتح تحقيق موسع ومعمق في ملابسات الحادث، في حين قال وزير الداخلية محمد حصاد إن مرتكبي الأخطاء في هذه الحادثة سيعاقبون بشدة. وشهدت الاحتجاجات تطورا كبيرا خاصة بعد بزوغ نجم ناصر الزفزافي متزعم الحراك الشعبي بالحسيمة، الذي دعى إلى مسيرات سلمية كبيرة نظمت بمختلف المناطق بالريف، التي طالبت بمطالب حقوقية برفع التهميش العسكرة عن المنطقة، وتوفير الشغل، وتسريع وثيرة المشاريع التنموية بها. وبدأت الاحتجاجات في الاتساع خاصة بعد اعتقال ناصر الزفزافي الزعيم الابرز في حراك الريف ومعه نشطاء آخرون، وأثبتت الخيارات التي انتهجتها الدولة لوقف الاحتجاجات عدم فعاليتها ، ومنها الردع والتعذيب النفسي للنشطاء المعتقلين وأسلوب التجاهل أو استخدام العنف وحتى إخراج مسيرات مضادة، واتهام الريف بالانفصال، واتهام وسائل الإعلام بممارسة التضليل وتصوير الحسيمة مدينة مشتعلة.