يبحثون عن جنة ليبيا ما بعد القدافي، ويطلب منهم الانتظار في طوابير لا تخلو شروطها من تسويف ومماطلة، ويوما بعد آخر أخذ مسلسل الذهاب والإياب شكل الفوضى ولغة الاستغلال.. "هذيك را مبقاتش واكلة ليك خصك الفيزا. أنا رجعوني. قالوا ليا الأوراق ديال معمر مابقاتش واكلة ليك" مثل هذه الجمل باتت عادية لشباب ونساء يتهافتون على الطابق الأول من عمارة الأحباس المقابة لفندق الشيراتون بشارع الجيش الملكي. "شوف إما تتقادوا أو نطلع نقول ليهم راكم دايرين الفوضى ويحبسوا عليكم الاستقبال اليوم" هكذا تنزل جمل الصد والتحقير دوشا باردا على من ينتظرون منذ الصباح المبكر، فتتوسل إحداهن لأحد المغاربة الذي يعتمد عليه الليبيون في تنظيم طابور طالبي الفيزا:"الله يرحم ليك الوالدين غير سهل علينا الفيزا أنا مزاوكة، والله ما ندويوا غاديب نقطعوا الحس..." بات التهديد والوعيد شيئا عاديا. الحصول على التأشيرة للإنتقال إلى ليبيا ما بعد القدافي يتطلب المرور من "شروط الخزيرات"، أن يهانوا أحيانا، وأن ينتظروا في طابور طويل كل صباح، ويكون عليهم العودة في اليوم الموالي لأن بعض الأمزجة ليست على ما يرام ذلك اليوم! ما سر كل هذه الفوضى التي تتكرر كل يوم أمام عمارة الأحباس، لدرجة أن تردد الشرطة المغربية على الطابق الأول لتنظيم حركة طالبي التأشيرة للإنتقال إلى فردوس ليبيا ما بعد القدافي؟ يرجح ضحايا الطوابير الممتهنة كرامتهم، أن بعضا من موظفي السفارة الليبية، وبعض من أفراد الجالية الليبية، هي التي تقف وراء حالة الفوضى التي تعرفها السفارة، والقنصليات الليبية بالرباط والدار البيضاء، ويعتقدون أن وراء كل التماطلات التي يتعرضون لها في منحهم التأشيرة التلاعب فيها. كثير من المواطنين المغاربة الذين كانون يشتغلون في ليبيا، ويرغبون في العودة إليها، أو الذين يرغبون في الذهاب إلى هناك لأول مرة، أصبحوا يتكدسون أمام القنصليتين الليبيتين في الرباط والدار البيضاء، ويتعرضون للابتزاز. ووصل الأمر الخميس الماضي بمجموعة من طالبي التأشيرة لاقتحام القنصلية بالرباط، بمساعدة بعد أفراد الجالية الليبية، والغريب أنه تم العثور على عدد كبير من الجوازات المختومة، دون تسليمها لأصحابها. والأغرب أن السلطات الليبية التي فرضت التأشيرة لا تطلب شروطا كبيرة، بحيث تقتصر على توفير صورة شخصية ونسخة من الجواز و35 درهم.. ومع ذلك يتم اللعب على أعصاب المواطنين الذي يأتون من مدن مختلفة!